الرباط : تحاول أحزاب المعارضة في المغرب استجماع قواها لتوجيه سهام النقد تجاه الحكومة، مستغلة الاستياء الموجود لدى فئات عديدة من الشعب جراء تدهور القدرة الشرائية، الذي تجسد في الوقفات الاحتجاجية التي شهدتها مختلف مدن البلاد منذ أسبوع، استجابة لنداء «الجبهة الاجتماعية المغربية»، فيما أُعلِن عن قرب تنفيذ وقفات احتجاجية أخرى، دون تحديد تاريخها بعد.
وإذا كانت حكومة عزيز أخنوش تستقوي بأغلبيتها العددية المكونة من أحزاب التحالف الثلاثة (التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال)، فإن كل مكوّن من مكونات المعارضة يغرد بمفرده في غياب أي تنسيق فعال بينها، مما يحدّ من تأثير مواقفها السياسية والاجتماعية على المستويين الشعبي والبرلماني.
في هذا الصدد، أنهى حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» أسلوب المهادنة الذي دأب عليه تجاه الحكومة خلال الفترة الماضية، فشن أمين عام الحزب نفسه إدريس لشكر هجوماً غير مسبوق على الحكومة بسبب عدم تمكن الحكومة من الحصول على تصويت داخل لجنة القطاعات الاجتماعية، بخصوص انتخابات المجلسين الجهويين للصيادلة بالجنوب والشمال، عقب تمرد كامل لنواب الأغلبية.
وشنّ هجومه على الحكومة، متهماً إياها بأنها تسعى لـ»تكريس هيمنة تهدد الديمقراطية والتعددية، وتنذر بتراجعات خطيرة في مسار البناء الديمقراطي في بلادنا، وتهدد مختلف السياسات العمومية المستقبلية»، معتبراً أن البلاد «في حاجة اليوم إلى حكومة تحترم ذكاء المواطنات والمواطنين، وتتفاعل بقوة واستباقية مع متغيرات ومستجدات الوضع العالمي والمحلي».
أما حزب «الحركة» فقد اختار التركيز على ما لاحظه العديد من المواطنين من تغيير في وزن أسطوانات «البوتاغاز»، ومن ثم وجه رئيس كتلة الحزب في مجلس النواب إدريس السنتيسي، سؤالاً مكتوباً إلى الحكومة عموماً ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة خصوصاً، مطالباً إياها بتقديم توضيحات حول هذا الموضوع. وشدد النائب البرلماني على أن «التهم موجهة إلى شركات التوزيع بسبب الاحتيال الملحوظ في وزن الأسطوانات» وتساءل عن دور أجهزة الضبط والمراقبة الحكومية للحد من هذه الاختلالات.
وشنّت صحيفة «الحركة» هجوماً على حكومة عزيز أخنوش، حيث نشرت أمس الثلاثاء مقالاً ترى فيه أن «ثمة شبه اتفاق بين الجميع في المغرب، شعبياً، حزبياً، نقابياً، جماعياً، وإعلامياً… وحتى بشهادة بعض المؤسسات الرسمية المشهود لها بالحياد مثل المندوبية السامية للتخطيط، أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلد لا تبدو بخير، وهناك من يقرع جرس الإنذار، تحذيراً وتخويفاً من انقراض الطبقة المتوسطة ولا قدر الله من السكتة القلبية».
وتساءلت الصحيفة نفسها «أين هي الوعود الانتخابية البراقة والمغرية والأرقام الحالمة؟ من قبيل خلق مليون منصب شغل والزيادة في رواتب رجال ونساء التعليم وتحسين جودة التعليم، وإصلاح الإدارة وتعميم الحماية الاجتماعية، ومنح 1000 درهم شهرياً (98 دولار أمريكي) للأشخاص المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 سنة، و 2000درهم (196 دولاراً) عن المولود الأول لكل امرأة، و 300درهم (29 دولاراً) شهرياً للأسر التي لديها طفل في المدرسة، وغيرها من الوعود المعسولة في مجالات مختلفة التي بدأت تختفي وطرحت أرضاً وكأن مثلث (بيرمودا) جرفها إلى الأبد؟».
وتابعت قائلة: «لعل ما نعيشه اليوم مع الثالوث الحكومي الشبيه بمثلث (بيرمودا) بالمفهوم المغربي، بفعل سعار الأسعار وارتفاع مستوى التضخم والزيادات الضريبية… فكل شبر من وطننا الحبيب عبارة عن مثلث بيرمودا، سواء محطات البنزين أو مختلف الأسواق بالمدن والقرى، وأينما ولينا وجوهنا يلسعنا لهيب ولفح الأسعار المرتفعة، كلا إنها لظى مثلث بيرمودا النزاعة للشوى التي التهمت الطائرات والبواخر بمن فيها، كما التهم الثالوث الحكومي جيوبنا وأنهك قدرتنا الشرائية، وأفقدنا الصبر والسلوان، دونما أمل بفرج يلوح في الأفق، ما يهدد السلم الاجتماعي بعد أن شملت الزيادات كل الجوانب الأساسية من الحياة».
أما حزب «العدالة والتنمية» فأصدر بياناً جديداً عبّر فيه عن «قلقه الشديد في ظل تنامي حالات الامتعاض والسخط الشعبيين تجاه طريقة تعامل الحكومة مع التدهور المستمر للأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمواطنين ولاسيما الطبقات الشعبية والمتوسطة»، ونبه إلى «الخطورة البالغة للتطورات الاجتماعية الأخيرة والمتفاقمة».
كما أعرب الحزب الإسلامي نفسه عن استغرابه من «رفض الحكومة اعتماد حزمة متكاملة ومنسجمة ومتشاور بشأنها على نطاق واسع من الإجراءات والتدابير لمعالجة إشكالية التضخم والغلاء وبالخصوص تسريع صرف الدعم المباشر للأسر الضعيفة، ولجوئها المتكرر بطريقة عشوائية وغير مجدية إلى إقرار بعض الإجراءات الجزئية والمشتتة مثل الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة وتعليق الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات الفلاحية، والتي وبالإضافة إلى كونها تستجيب لضغوط مصالح خاصة محدودة وفئوية، فهي وبقدر ما تؤدي إلى هدر مؤكد لموارد الميزانية العامة، لا يرى لها أي أثر يذكر في معالجة الأسباب والمنابع الحقيقية للغلاء وارتفاع الأسعار»، وفق ما جاء في بيان حزب «العدالة والتنمية».
Advertisement
Advertisement