الرباط : قال عزيز أخنوش إن الحكومة المغربية التي يرأسها تسعى جاهدة إلى أن ينعكس التأثير الإيجابي للسياسات العمومية على الحياة اليومية للمواطن، مفيداً أنه «لا فائدة من أي إجراءات أو سياسات حكومية إذا لم يشعر المواطن بتأثيرها الإيجابي على مائدته ومدخوله ومدرسته وصحته»، وفق تعبيره متحدثاً خلال جلسة المساءلة الشهرية في مجلس النواب المغربي عشية الإثنين.
وأبرز المسؤول المغربي أن الحكومة تعمل على تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، منذ أول يوم لتوليها المسؤولية، حيث عملت على عدة مستويات وعبر تدخلات سريعة ودقيقة لدعم المواطنين تفعيلاً لرؤية العاهل محمد السادس؛ لافتاً إلى أن العمل الحكومي يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية، تتحدد في تعزيز أسس الدولة الاجتماعية، وتقوية الاقتصاد لفائدة التشغيل، وإصلاح الإدارة من أجل تحسين حوْكمة التدبير العمومي.
رئيس الحكومة المغربية أَطلع المغاربة ونوابهم في البرلمان على منجزات الجهاز التنفيذي خلال السنة الأولى من ولايته، وعلى أولوياتها في مشروع قانون المالية (موازنة) برسم سنة 2023، وهو المشروع الذي قال إنه «وثيقة مالية تترجم هوية الحكومة كسلطة تنفيذية، وتعكس حقيقة توجُّهاتها وبرامجها».
وأفاد أخنوش أن عناصر الأغلبية الحكومية رفعت جملة تحديات أساسية، في سياق دولي صعب، ويتعلق الأمر بالشروع في تفعيل الرؤية الملكية لتعميم الحماية الاجتماعية، وإحراز تقدم ملموس في إصلاح أوراش الصحة والتعليم، مع مواصلة تنفيذ المشاريع المهيكلة، وتخفيف عبء ارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين، ثم تعزيز الاستثمار العمومي وتحفيز الاستثمار الخاص، بالإضافة إلى الحرص على الحفاظ على توازنات المالية العمومية.
إجراءات 2023
وتابع أن الحكومة، ومن خلال مشروع الموازنة، ستفعل 10 إجراءات غير مسبوقة لتحسين ظروف عيش فئات عريضة من المجتمع، وحمايتهم من تقلبات الحياة، بينها إجراءات تستهدف الأسر الفقيرة والهشة، والعاملين بالقطاعين العام والخاص، والعاملين غير الأُجراء والمتقاعدين، ناهيك عن الأسر المغربية من خلال الارتقاء بالعرض الصحي ومستوى المدرسة العمومية والولوج للسكن، بالإضافة لإجراءات تستهدف دعم القدرة الشرائية للأسر لمواجهة آثار الأزمات الخارجية.
وتفعيلاً للبرنامج الحكومي، يتضمن مشروع قانون المالية إجراءات اجتماعية تستهدف الأسر الأكثر هشاشة من بينها تمكين ما يناهز 4 ملايين من الأسر في وضعية هشاشة من النظام الموحد للتغطية الصحية عن المرض. كما خصصت الحكومة، بموجب مشروع قانون المالية 2023، ما يناهز 9,5 مليارات درهم (زهاء 92 مليون دولار أمريكي)، موجهة لتحمل أعباء الاشتراك في التغطية الصحية الإجبارية بالنسبة للأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك، ضماناً لولوجهم للخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص.
ومع نهاية سنة 2023، ستعمل الحكومة المغربية على تعميم الدعم المباشر على شكل تعويضات عائلية، إذ سيستفيد من هذا المشروع الوطني التضامني، حوالي سبعة ملايين طفل من الأسر الهشة والفقيرة، وثلاثة ملايين أسرة دون أطفال في سن التعليم. كما فتحت الحكومة باب الإدماج أمام 3 ملايين مواطن ومواطنة من فئة العمال غير الأجراء وذوي الحقوق المرتبطين بهم، في منظومة التأمين الصحي الإجباري عن المرض، مقابل اشتراكات تضامنية، تتناسب مع مستوى مدخولهم.
وفيما يخص أجراء القطاع الخاص، جرى الرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنسبة +5٪ في أيلول/سبتمبر 2022 وتم التوافق مع الشركاء الاجتماعيين على زيادة إضافية بنسبة +5٪ سنة 2023، وهو ما يمثل في المجموع زيادة في الأجر تقدر بـ 3,200 درهم سنوياً (295 دولاراً). كما تم إقرار زيادة في الحد الأدنى في الأجر في القطاع الفلاحي بنسبة 10%، وذلك في أفق توحيد الحدين الأدنى للأجر في القطاعين معاً بحلول سنة 2028.
وقررت الحكومة حذف السلم 7 لتمكين الموظفين من الانتقال مباشرة من السلم 6 إلى السلم 8، والرفع من حصيص الترقي في الدرجة إلى 36% بالنسبة لفئة الموظفين، بدلاً من 33%، وتمكين الموظفين المستفيدين الاحتفاظ بكامل أجرتهم. كما قامت بتخفيض شروط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يوم اشتراك إلى 1320 يوماً، مع تمكين المُؤمّن له البالغ السن القانوني للإحالة على التقاعد والمتوفر على 1320 يوماً من الاشتراك من استرجاع حصة الاشتراكات الأجرية واشتراكات المشغل.
كما قررت الحكومة الزيادة في المعاشات بنسبة 5%، مع حد أدنى قدره 100 درهم شهرياً (9 دولارات) وبأثر رجعي من فاتح كانون الثاني/ يناير2020، لفائدة المحالين على المعاش إلى تاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر 2019 والبالغ عددهم 600.000 متقاعد في القطاع الخاص، وغيرها من الإجراءات.
ولفت عبد الرحيم شهيد رئيس الفريق الاشتراكي المعارض في مجلس النواب الانتباه إلى ما أسماه «إخفاقات وتعثرات في الوفاء بالالتزامات الحكومية، وعجزاً عن إبداع حلول عملية لمعالجة مشاكل وتعثرات المواطنين والمواطنات والتي اكتفت الحكومة بمواجهتها بأجوبة لا تخرج عن منطق التبرير». ووجه شهيد كلامه لرئيس الحكومة متسائلاً: «أين أنتم من الالتزام بما أعلنتموه لنقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة وتحويل الموارد المالية والبشرية الكافية لها لضمان استقلاليتها؟»، متابعاً بالقول: «أي عجز هذا وأنتم حكومة مؤلفة من ثلاثة أحزاب فقط تهيمن أيضاً على تدبير مجالس الجهات كلها؟».
حزب الاتحاد الاشتراكي
ووجّه رئيس فريق حزب الاتحاد الاشتراكي في البرلمان سهام انتقاداته، بالقول «إن الحكومة أحجَمَت طيلة سنة كاملة عن التواصل المنتظم مع الرأي العام المغربي وعلى التشاور مع الهيئات السياسية الممثلة في البرلمان، واطلاعها على مستجدات الوحدة الترابية والأزمة الاقتصادية والإصلاحات الهيكلية الكبرى، كما لم تتفاعل الحكومة بالشكل المطلوب مع العمل الرقابي للبرلمانيين عموماً ولنائبات ونواب المعارضة على الأخص»، وفق تعبيره.
وتابع النائب البرلماني قائلاً، إن الحكومة لم تستطع إعادة الاعتبار للطبقة الوسطى ولمكانتها، وتركتها تُواجه مصيرها أمام الغلاء المتزايد وعدم التَّخفيف الضريبي عنها، مُنوهاً بالاتفاق الذي وقعته الحكومة مع نقابة التعليم العالي مؤخراً، داعياً إلى تعميم المبادرة لتشمل فئات مجتمعية أخرى واعتماد إجراءات مماثلة.