أردوغان يواجه قرارات صعبة.. ‘القاعدة’ على حدوده والأكراد يوسعون سيطرتهم.. وأنقرة بدأت تؤمن بالحل السياسي !!
*الإدارة العامة للشروق نيوز24 *
لندن ـ يقوم الجهاديون بتجنيد أبناء القرى التركية القريبة من الحدود السورية للقتال في صفوفهم، فيما أوردت وكالة أنباء ‘اسوشيتدبرس′ عن مقاتلين في الجيش الحر أنهم يقومون بتجنيد أبناء اللاجئين في مخيم الزعتري في الاردن في خرق للقيود التي تضعها كل من الحكومة الأردنية والأمم المتحدة على نشاطات المقاتلين السوريين. وبحسب الوكالة فقد اعترف المقاتلون بمثل هذه النشاطات حيث نقلت عن ناشط قوله إنه درب 125 مقاتلا حسب مصدر مجهول استندت الوكالة على تصريحاته.
وزعم مراسل الوكالة أنه شاهد أعضاء من الجيش الحر يطلقون نداءات لحث أهل المخيم على التطوع في صفوفهم مستخدمين في هذا مكبر صوت. وقال مسؤول المفوضية السامية للاجئين في الأردن أن الموظفين العاملين في مكتبه لو لاحظوا أي نشاطات للجيش الحر فإنهم سيقومون بإعلام السلطات الأردنية. كل هذا في الوقت الذي عبرت فيه عائلات تركية في بلدة اديامان عن الذعر الذي أصابها وهي تبحث عن أبنائها الذين جندتهم الجماعات الجهادية للقتال في سورية.
على الرغم من تأكيد الرئيس التركي عبدالله غول، ورئيس الوزراء طيب رجب أردوغان عن عدم وجود أي نشاطات للجهاديين على الأراضي التركية.
يلدز يبحث عن ابنه
وفي تقرير نشرته صحيفة ‘الغارديان’ جاء فيه أن فاتح يلدز، لم يكن يحلم يوما أن يناشد قائداً من القاعدة كي يسمح له برؤية ابنيه.
فبعد إسبوع من البحث المسعور عنهما في بناية مدمرة في شمال سورية، قال المسؤول المتقاعد في الحكومة التركية ‘أقسم بالله لو كان معي بندقية لقتلت الرجل’.
ويقول يلدز إن مشكلة القيادي في القاعدة وهو تركي من مدينة طرابزون على البحر الأسود لم يكن يفهم لماذا يريد يلدز عودة ابنيه بعد أن اكتشف مكان وجودهما في معسكر تدريب شمال حلب.
وصرخ الجهادي قائلا ‘إنهما هنا للشهادة’، مضيفا ‘هل أنت كافر حتى تحرمهما فضل الشهادة وثوابها الجنة؟’.
وعندما فار غضب يلدز، وجد نفسه محاطا بعشرين إسلامياً صوبوا عليه بنادقهم من نوع إي كي -47 ‘ولولا الدليل الذي كان معي لقتلتوني’، ولم يكن باستطاعة يلدز التحدث مع ولديه وكلاهما في العشرين من عمره التحدث إليهما او مشاهدتهما.
وهو واحد من عدد من العائلات في جنوب- شرق تركيا التي استفاقت يوما ولم تجد أبناءها، الذين ذهبوا للقتال مع للمقاتلين الإسلاميين في سورية. ويعتقد أن مئات من الشبان الأتراك تم تجنيدهم من جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة.
عائشة تغطي شعرها
وكانت تقارير إعلامية تركية قد تحدثت عن شبان وفي بعض الأحيان شابات تركيات قد اجتازوا الحدود إلى سورية حيث قدرت إحدى الصحف التركية عددهم بحوالي 500 تركي يقاتلون في صفوف الفصائل السورية المعارضة لنظام بشار الأسد.
أديامان الشرطة والسلطات المحلية ويتهم سكان بلدة بغض النظر عن حملات تجنيد الأتراك للجهاد في سورية.
ونقلت الصحيفة عن صاحب بقالة في البلدة قوله ‘أصبحت أخاف على ابني، وأتصل به مرتين أو ثلاث مرات في طريقه من وإلى المدرسة، وأتصل به عندما يخرج مع أصدقائه لأنني أريد معرفة أين سيذهب وأين سيلتقي بهم ومن سيخرج معهم خاصة أننا لسنا متأكدين إن كانوا مستهدفين’، من الجماعات المسلحة.
وتتذكر واحدة من الأمهات كيف تغير سلوك ابنها عندما بدأ يختلط بـ ‘شاب معين’ قبل أن يختفي أثره، وهو الآن في سورية منذ ستة أسابيع. وتقول عايشة ديمير ‘بدأ ابني فجأة يطلب مني تغطية نفسي بـ ‘شرشف’ أسود، وقال لي أن حجابي الأبيض الرقيق حرام لأنه يسمح للرجال برؤية شعري’.
وتقول أن شقيق زوجها والذي كان يعمل سائق سيارة نفسه اختفى وقالت ‘أخبرنا أنه يريد الدراسة في قبرص وأخذ معه 10 آلاف ليرة تركية، واتصل بنا مرة واحدة من سورية’. وكانت الحكومة التركية قد أعلنت عن حملة ملاحقة لنشاطات القاعدة في جنوب تركيا واعتقلت 16 شخصاً.
واتخذت خطوات قامت من خلالها بتجميد أرصدة مئات من الأشخاص والجمعيات ممن تشتبه بعلاقتهم مع منظمات إرهابية. ونقلت عن إيما سنكلير- ويب الباحث في مكتبة منظمة ‘هيومان رايتس ووتش’ في تركيا قولها ‘ في ضوء الإنتهاكات التي ترتكتبها الجماعات المسلحة صار من الواجب عل تركيا اتخاذ الخطوات الضرورية للتحقيق ومحاكمة الأشخاص حالة مرورهم عبر أراضيها’.
ودعا تقرير للمنظمة الحكومة التركية بفرض قيود على مرور المقاتلين والأسلحة للجماعات التي أثبتت تقارير ضلوعها في انتهاكات لحقوق الإنسان’.
ويقدر عدد الشبان الذين ذهبوا للقتال في سورية من أديامان وحدها بحوالي المئتين. وبحسب يلدز فإن أحداً لا يريد الحديث عن الموضوع ‘فهم خائفون من القاعدة وخائفون على أولادهم، ويخشون من قيام الشرطة التركية باعتقالهم، بل إن البعض يشجع على فكرة الشهادة’. ويشير يلدز إلى حالة شاب عاد من سورية بسبب إصابته بجروح ‘ذهبت لرؤيته على أمل الحصول على معلومات عن ابني، ولكن عائلته منعتني حتى من التحدث معه خشية أن تعاقبه القاعدة’.
كارا يسافر لسورية
ومثل يلدز سافر علي كارا من بلدة ديار بكر ست مرات لسورية بحثا عن ابنه. وكغيره من المتطوعين أخبر والده بأنه ذاهب للعمل في مصنع ‘وكان يتصل بي كل إسبوع ثم توقفت المكالمات’. وعندما سأل أصدقاء ولده عن مكانه قالوا أنه ‘استشهد في سورية، وكان الخبر صدمة كبيرة لي’.
وسافر كارا بمساعدة مهرب من بلدة كلس القريبة من الحدود ودخل سورية باحثاً في المعسكرات عن المكان الذي قتل في ابنه بدون إجابة.
ومر يلدز بنفس التجربة حيث تعرف من خلال علاقته مع المخابرات على مكان وجود ابنيه، وساعده مهرب لدخول سورية، حيث تجول لمدة إسبوع في مناطق حلب المدمرة. وقدم صور ابنيه لقادة المعسكرات للتعرف عليهم.
وقد عامله البعض بلطف وآخرون بشراسة ‘وكان هناك الكثير من الأتراك، وأيضا شيشان وجزائريون وليبيون وأوروبيون’وعندما حدد مكان ابنيه منع من زيارتهما لأنهما كانا في دورة عسكرية، حيث يتلقى المتطوعون تدريبا لمدة 45 يوما وبعضهم يتدرب لكي يكون إنتحاريا.
ويقول يلدز إن الجهاديين يستخدمون أشرطة دي في دي، ولقطات للمعارك مأخوذة من الإنترنت لإقناع الشباب على الإنخراط في الجهاد، وقد تعرض يلدز نفسه لمحاولة تجنيد في حلب. وقال أنه شاهد لقطات فيديو عن القتل والإغتصاب لمحاولة إقناعه.
ويقول التقرير ان الكثيرين يخشون من انعكاسات موقف الحكومة التركية من سورية على البلاد ويقول أحد كبار اديمان ‘ في الوقت الحالي تدعم حكومتنا أي شخص يقاتل ضد الأسد، مهما كان متوحشاً. وفي يوم من الأيام فقد يوجهون بنادقهم ضد تركيا’.
أين ذهب بيرو؟
فقد ذكرت صحيفة ‘واشنطن بوست’ حكاية بيرو (16 عاما) من فرانكفورت الألمانية حيث أخبر والدته أنه يريد المشاركة في تظاهرة والنوم عند أحد اصحابه، ولكنه اختفى، وعندما رن جهاز أمه النقال في اليوم التالي، صاحت أمه غاضبة ‘أين أنت؟’ فأجاب أنه في سورية.
ولا تختلف قصة بيرو عن قصة أي متطوع أجنبي فقد اشترى تذكرة في واحدة من الرحلات الرخيصة وسافر مع أربعة من أصدقائه المسلمين الى أناضوليا ومنها انتقل براً إلى سورية. وبالنسبة لعائلة بيرو فقد تحول هم إعادة الحدث
الشاب وخطفه من فم ‘الاستشهاد’ إلى هوس. بيرو هو ابن عائلة مقدونية مسلمة هاجرت إلى المانيا حيث ولد هناك، وقد لاحظت عائلته تدينا وتغيراً
في سلوكه في العام الماضي. فبيرو السابق كان محبا للشطرنج ومنفتحا على الحياة.
اما بيرو الجديد فقد أصبح مواظباً على المسجد، وضجرا بسلوك والده وإدمانه على الخمر. مضى أسبوع ثم تبعه آخر وزاد قلق العائلة على بيرو، حيث حاولت الإبقاء على خطوط الإتصال مفتوحة معه من خلاله هاتفه النقال، وأرسلت اليه مئات اليورو كي تدفع اجور المكالمات والتحدث إليه عبر ‘سكايب’.
ويقول والده ‘يريدون الذهاب إلى الجنة’، و’أريد أن يسير ابني في طريق الله، وهي أفضل الطرق، لكنه ليس بهذه الطريقة’.
سورية في كل مكان
والذي دفع بيرو للتطوع في سورية، هو الجو العام الذي يحفز الشباب على الجهاد، فقد أصبحت سورية الموضوع الأهم في كل مساجد أوروبا، حيث يتحدث الأئمة عن المذابح التي ارتكبها النظام.
ويسهل سفر الشباب وجود رحلات بأسعار مخفضة، ويمكن للشاب السفر بدون أن يظهر جواز سفره في بعض الأحيان، وعندما يصلون لتركيا تقوم شبكة من المهربين بنقلهم لسورية. ومعظم الشبان هم في العشرينات من عمرهم، وأبناء عائلات مهاجرة مثل عائلة بيرو.
ويقول مسؤول أن نصف الشبان لديهم سجلات جنائية لدى الشرطة وكلهم بدون عمل. ولا يعرف كم عدد الشبان الأوربيين المقاتلين في سورية حيث تضعهم تقديرات بما بين 800-900 مقاتل.
وجاءوا من بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا إضافة لعدد قليل من الأمريكيين. وما يعقد مهمة الأمن أنهم يستخدمون وثائق سفر حقيقية ويذهبون الى مناطق سياحية معروفة.
ويرى مسؤولو أمن أن الخطر نابع حين عودتهم فربما عادت نسبة كبيرة منهم إلى الحياة الطبيعية لكن نسبة واحد بالمئة كفيلة على تنفيذ هجمات وبالتالي تهديد الأمن. ومن هنا تشير قصة بيرو الى الطريق الذي قاده لسورية، فوالده سجن لسبعة أعوام بتهمة الإتجار بالمخدرات.
ولم يكن الأب والإبن على علاقة جيدة حيث تعيش العائلة في شقة صغيرة في فرانكفورت، ومن هنا بدأ بيرو بالخروج مع أصدقاء للمسجد وتغير سلوكه، وأخذ يوزع نسخ القرآن مجانا في شوارع المدينة ومن ثم بدأ يتحدث عن الحرب في سورية. ويقول والده أنه لم يكن يعرف كيفية التعامل مع ابنه.
وقبل سفره إلى سورية اجتمع مع 700 شخص لحضور كلمة ألقاها بيير فوغيل، الذي تصفه السلطات الأمنية بالداعية المتشدد.
وكان فوغيل قد اعتنق الإسلام في عام 2001 وهو ملاكم محترف. وفي الكلمة حث الجماهير على التبرع لسورية ولو بيورو واحد. وعندما ذهب بيرو للحرب، لم يكن قادرا على الإتصال بعائلته قبل التاسعة مساء حيث لم يكن مسموحا له بأخذ هاتفه للتدريب. وقال له قادته أن احسن شيء يمكن ان تقوم به عائلته هو شراء إي كي-47 وسترة واقية. وفي تفاصيل قصة بيرو الطويلة مخاوف العائلة عليه خاصة عندما قال لها أنه سيبدأ بالقتال بعد عيد الأضحى.
مأزق أردوغان
وتشير قصص الأتراك والألماني للتحديات التي تواجه الحكومة التركية وقد تناولتها صحيفة ‘لوس أنجليس تايمز′ وأشارت إلى السياسة التركية في سورية، حيث كتب مراسلها من بلدة ريحانلي على الحدود مع سورية، والتي تحولت لمركز للمقاتلين السوريين، ففيها بيوت آمنة لاستقبال قادة الفصائل، وعيادات لعلاج الجرحى، مراكز إعلامية للمعارضة مجهزة بأجهزة الكمبيوتر ومعدات الفيديو.
ويقول التقرير أن تركيا سمحت للمعارضة السورية بكل أطيافها العلمانية والإسلامية باستخدام أراضيها، وكذا مهربي الأسلحة والمانحون الأثرياء من دول النفط.
وتشير الصحيفة إلى هدف الحكومة وهو رؤية بشار الأسد خارج السلطة، لكن استمرار الحرب، وسيطرة الجماعات المرتبطة بالقاعدة على مناطق قريبة من الحدود مع تركيا يثير مخاوف الحكومة وكذا نقادها من قيام هذه الجماعات من إقامة حضور دائم لها في هذه المناطق مما سيشكل خطرا على أمن دولة عضو في حلف الناتو.
حملة دبلوماسية
ولا تستطيع أنقرة إغلاق الحدود مع سورية بشكل كامل لأن هذا يعني حرمان فصائل المعارضة من الدعم العسكري واللوجيستي مما يؤدي إلى انهيارها.
وتشير الصحيفة إلى أن تركيا القلقة من الأوضاع في شمال سورية بدأت حملة دبلوماسية مع جيرانها بمن فيهم إيران التي تعتبر من أهم داعمي نظام الأسد.
فقد زار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنقرة واتفق البلدان على العمل لتسوية سلمية للأزمة السورية.
ففي ظل تمسك الأسد بالسلطة وتردد الدول الغربية خاصة أمريكا بعدم تسليح المعارضة فقد تغيرت حسابات تركيا التي كانت تأمل بوصول حلفائها من المعارضة للحكم بعد انهيار النظام سريعاً.
وقالت أن أردوغان مهندس سياسة بلاده تجاه سورية لم يخف استياءه من الإتفاق الأمريكي- الروسي لنزع أسلحة سورية الكيماوية والتوقف عن ضرب النظام.
ومن هنا يرفض أردوغان فكرة بناء القاعدة جذورلها في تركيا كما تحدث يوم الخميس الماضي أثناء زيارة له للسويد. ولكن سياسة مد البساط لفصائل المعارضة من كافة الأطياف تثير مخاوف الكثير من الأتراك الخائفين من تورط بلادهم في مستنقع حرب طائفية.