أكثر من مليون امرأة مغربية ضحية للعنف الرقمي

Advertisement

الرباط  : تبدو مظاهر تحول المجتمع من الواقع إلى الافتراض واضحة دون عناء كثير في البحث والتنقيب، فالرقمي صار سيد اللحظة وانتزع صدارة الأولويات في المجتمع المغربي، وهو ما دفع نخبه إلى فتح النقاش حول تجلياته السلبية، وفي هذا السياق تأتي ندوة وطنية اتخذت من «العنف الرقمي ضد المرأة في المغرب» موضوعاً لها يناقش تفاصيله دكاترة القانون ويبسطون الرهانات ويبحثون عن الحلول.
الندوة الوطنية التي حدد التاسع من أيار/ مايو موعداً لها، في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة محمد الخامس بالرباط، تنظمها الجمعية المغربية لدكاترة القانون بشراكة مع الكلية المحتضنة للقاء.
ورقة في الموضوع تلقت «الشروق نيوز 24» نسخة منها، أكدت أن المرأة تتعرض «في أنحاء العالم كافة لأشكال عديدة من العنف، ولا يقتصر هذا الأمر على مجتمع، أو بلد معين، وترتبط هذه الأشكال من العنف بعوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية».
ثم ركزت على حالة المغرب فأكدت أنه لم يخرج «عن هذا السياق، بحيث صدر القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء سنة 2018». وعرّف في مادته الأولى العنف ضد المرأة بأنه (كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة)»، وفي ذلك فصّل أنواع هذا العنف بين الجسدي، والجنسي، والنفسي ثم الاقتصادي.
سرد تعريفات القانون الصادر في المغرب سنة 2018، رافقه مقترح تعديله لأنه لم يشر إلى العنف الرقمي كنوع من أشكال العنف التي تتعرض لها النساء.
الوقوف عند عتبة المقترح بالتعديل، عززته أرقام منها تلك التي تكشف عدد النساء اللواتي تعرضن للعنف الرقمي، ومنهن ما يقارب مليوناً ونصف مليون ضحية عبر البريد الإلكتروني.
ومن نافلة القول، إن المجتمع المغربي استقبل القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بحفاوة واعتبر «إبان وضعه بأنه ثورة في الترسانة القانونية المغربية، وأنه أتاح للمغرب إطاراً تشريعياً شاملاً خاصاً بمحاربة كافة أشكال العنف ضد المرأة».
وأشارت ورقة الندوة إلى أنه «اليوم بعد خمس سنوات من التطبيق برزت الحاجة إلى ضرورة مراجعة وتعديل هذا القانون»، وسجلت على هذا النص والمقاربة التي اعتمدها أنه لم يتعرض إلى شكل آخر من العنف، ويتعلق الأمر بالعنف الرقمي.
ووفق الورقة، فإن المقررة الخاصة المعنية بمسألة العنف ضد المرأة، تعرف العنف الرقمي وأسبابه وعواقبه بأنه «أي عمل من أعمال العنف ضد المرأة الذي تستخدم في ارتكابه أو تساعد عليه، أو تزيد من حدته جزئياً أو كلياً تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات، كالهواتف المحمولة والهواتف الذكية، أو الإنترنت، أو منصات وسائل التواصل الاجتماعي، أو البريد الإلكتروني، والذي يستهدف المرأة لأنها امرأة، أو يؤثر في النساء بشكل متناسب».
الملاحظ ومن خلال إطلالة بسيطة على منصات التواصل الاجتماعي، أن الشكايات النسائية من التحرش والابتزاز وهو ما يدخل في باب العنف الرقمي، تتكاثر وصارت موضوعاً أساسياً للعديد من المنظمات والجمعيات.
قد يبدو الحديث عن العنف الرقمي في خضم اليومي المغربي مع المعيش، خاصة في ظل تواصل الغلاء، حديث ترف، لكنه في الحقيقة يجد ضرورته وتكمن أسباب نزوله في العديد من الحالات بل الحوادث، ومنها نذكر حالة انتحار فتاة من مدينة فاس قبل مدة، قيل إنها تعرضت لعملية ابتزاز رقمي بصور وفيديوهات.
المتتبعون يؤكدون أن الخطر الرقمي لم تعد آثاره محصورة في الإنترنت وعالم الافتراض، بل تحول إلى الواقع ويسقط ضحايا، كما أن مقترفيه صنفوا مجرمين، ويقبع العديد منهم في السجون بعد صدور أحكام قضائية ضدهم في ظل حرص رئاسة النيابة العامة على محاربة الظاهرة.
وامتدت يد المجرم الرقمي لتحاول سرقة أمن النساء في الواقع، وذلك عبر أفعال متعددة «منها التعليقات المسيئة والجنسية عبر الوسائل الإلكترونية، التهديد والابتزاز الإلكتروني، سرقة الهوية، التنمر السيبراني، تشويه السمعة، وغيرها من الأفعال».
وبدأت المؤسسات المغربية الرسمية وغير الرسمية تأخذ بجدية موضوع العنف الرقمي ضد النساء، إذ تحرص النيابة العامة والمحاكم على المتابعة القانونية، ويتكلف الأمن المغربي من شرطة ودرك بالحماية الأمنية، إلى جانب معطيات إحصائية توفرها مثلاً المندوبية السامية للتخطيط «مؤسسة رسمية»، حيث أكدت في إحدى مذكراتها الإخبارية، أن استعمال التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصالات، ساهم بنسبة 19 في المئة في العنف ضد النساء بجميع أشكاله.
وتوقف التقرير عند أنواع هذا العنف الرقمي «الذي برز بجميع أشكاله»، مع معدل انتشار ناهز 14 في المئة، لتفيد بأن قرابة 1,5 مليون امرأة هن ضحايا العنف الإلكتروني بواسطة الرسائل الإلكترونية، أو المكالمات الهاتفية، أو الرسائل النصية.
وأبرزت المندوبية أن خطر التعرض لهذا النوع من العنف بشكل أكبر يرتفع عند نساء المدن بنسبة 16 في المئة، والشابات المتراوحة أعمارهن بين 15 و19 سنة بنسبة 29 في المئة واللائي لديهن مستوى دراسي عال 25 في المئة والعازبات 30 في المئة والتلميذات والطالبات 36 في المئة.
وتابعت تفصيلها بالأرقام لظاهرة العنف الرقمي ضد المرأة، بقولها إن هذا الشكل من العنف في 73 في المئة من الحالات، يرتكب من طرف رجل غريب، بينما ترجع باقي حالات العنف الإلكتروني، وبنسب متساوية تناهز تقريباً 4 في المئة، لأشخاص لهم علاقة بالضحية ولا سيما الشريك، أو عضو من العائلة، أو زميل في العمل، أو شخص في إطار الدراسة أو صديق وحتى صديقة.
وخلصت المندوبية إلى أنه في المجمل، يساهم العنف الإلكتروني في حدود 19 في المئة من مجموع أشكال العنف ضد النساء. وترتفع هذه المساهمة إلى 34 في المئة لدى الفتيات المتراوحة أعمارهن بين 15 و19 سنة وإلى 28 في المئة لدى النساء المتراوحة أعمارهن بين 20 و24 سنة.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.