ألم يحن الوقت لوقفة تأمل والقيام بنقد ذاتي في النسيج الجمعوي لمغاربة العالم ؟؟ والتحلي بصفات الفاعل الجمعوي الحقيقي !! الخفايا والأسرار ؟؟
إن الحديث عن الفاعل الجمعوي الناجح يقتضي سردا لصفات واجبة التوفر فيه ، حتى يكون الفاعل نموذجيا. أول هذه الصفات أن يتميز الفاعل الجمعوي بأنه مبدع للأفكار طموح و يحذوه التفاؤل دائما، خلوق بشوش لا يعاند و لا يستفز، منظم في علاقاته، مؤمن أشد الإيمان بالمشروع الذي ينتمي إليه و مدافع عنه، لكنه في ذات الآن مرن و يغير من إستراتيجياته في سبيل غايته، بل إنه لا يتوانى عن قبول المشورة و النقد من غيره، يخطط يتواصل يراجع حساباته، يصرف أفعاله بضمير المتكلمين “نحن” أكثر من ضمير المتكلم “أنا” …
كثيرا ما تضيع المجهودات بسبب كلام الناس و كثرة الإشاعات و الإتهامات التي يتعرض لها الفاعل الجمعوي ثم لا يكون لها أي أساس من الصحة غالبا، لذا يجب على الفاعل الجمعوي ألا يلتفت لهذه الإتهامات، و في ذات الآن يجب أن يعتز بالعمل الذي يقوم به و يتابع طريقه و يحاول ما أمكن صم الآذان و تشمير السواعد.
ثم إنه يجب على الجمعوي الجاد تحقيق أفضل الممكن من التواصل و التحدث مع الناس و الإنفتاح عليهم و نشر الفاعلية و الروح الإيجابية بينهم و في صفوفهم، حتى يصنع حواليه رأيا عاما محليا ووطنيا ودوليا ، داعما و متقبلا لمبادئه و أفكاره بل و متفاعلا مع مبادراته.
و من الممكن جدا أن يعمل الجمعوي على تسويق رؤيته و فكره، لكن الأهم هو أن يستمع و ينصت لإقتراحات و أفكار الآخرين، و يوظفها ما أمكن في تجديد مشروعه الجمعوي و جعله أقرب لطموحات الناس و أكثر إستجابة لمشاغلهم.
و نرى أنه من المفيد الإشارة إلى أن أي عمل مبدع و ناجح هو في ذات الآن مستفز و يخلق حوله الكثير من المخالفين و المتحاملين، لكنه لا يلبث أن ينتصر، و يكون من عوامل ذلك قدرة هذا العمل على الإستجابة لحاجيات كثير من الفئات المجتمعية، و تحقيقه لإضافة نوعية متخصصة..
والفاعل الجمعوي مطالب بمعرفة و إستيعاب القوانين و الأنظمة الجاري بها العمل في ميدان العمل الجمعوي و في تخصصه، حيث إن هذه الثقافة القانونية و التنظيمية تساعده على القيام بمهامه بكامل الأريحية و دون ضغط و دون مضيعة للوقت، فهي تجعل الجمعوي عارفا بما يريد تحقيقه و بالمساطر الواجب إتباعها في سبيل تحقيق غايته دون التصادم مع أحد، ثم إن بناء قدر من الثقة مع السلطات الإدارية مطلوب لما تحققه من سهولة و يسر في التواصل و الإنجاز.
و في علاقة الجمعوي بالسلطات المنتخبة، يجب إلتزام قدر كبير من الحيادية و في ذات الوقت عدم التردد في تحقيق قدر من التواصل و التجاوب أحيانا مع مبادرات هذه السلطات، فتجربتنا تؤكد أن السلطات المنتخبة هي في الأساس هيئات سياسية تصرف برامجها عبر الآلية العمومية، فهي بالتأكيد ستسعى لتعزيز تواجدها و تحقيق المزيد من المكتسبات لدى الرأي العام المحلي والجهوي والوطني بما يضمن لها أصواتا انتخابية أكثر.
هذا الهدف في حد ذاته ليس عيبا و لا غير مشروع بل هو مطلوب من هذه الهيئات، لكن الفاعل الجمعوي يجب أن يسعى لما هو أكثر و أنفع و أبقى، ويسعى للإستفادة من موارد الجماعات المحلية والجهات والوزارات والمؤسسات العمومية بما يخدم الساكنة نفسها سواء المقيمة داخل المغرب أو خارجه ، لكن بما رؤية أكبر و دون تركيز على تحقيق مكاسب معينة، فالجمعوي يساعد الآخرين و لا ينتظر من أحد أجرا و لا ثوابا.
إن الفاعل الجمعوي هو قبل كل شيء إنسان، له إهتمامات.. له مواقف .. له إنتماء.. له طموح.. الفرق بينه و بين أي إنسان آخر أنه يهتم للشأن العام و يفكر من أجل مجتمعه.
و هو غالبا من يدفع به طموحه و حركيته للإنتماء إلى عالم السياسة أو النضال النقابي ، هنا وجب التذكير بضرورة تحقيق التمايز المطلق بين العملين، لإعتبارات قانونية أساسا ثم لإعتبارات الطبيعة المتناقضة للعمل السياسي و النقابي مع الفعل الجمعوي.
فالمطلوب من الفاعل الجمعوي و هو يمارس عمله التجرد من ذاتيته و اخلاص الإنتماء للمصلحة العامة، فلا تكون كل أعماله و إنجازاته بغرض ذاتي سياسي أو نقابي ..و في ذات الوقت، لا يجوز أن يصرف أجندته السياسية في النشاط الجمعوي الذي ينفذه عبر جمعيته..
تبقى أسئلة عديدة مطروحة في هذا المجال ، هل فعلا هناك فاعلين جمعويين بالديار الإيطالية والأوروبية عموما توجد فيهم هذه الصفات ؟؟ ألم يحن الوقت لوقفة تأمل حقيقية بين أوساط مغاربة العالم من أجل القيام بنقد ذاتي ؟؟ والكف عن نهج سياسة السب والشتم والقذف بين النشطاء على الفضاء الأزرق ؟؟ والإهتمام أكثر بالقضايا الكبرى للشعب المغربي والدولة المغربية على السواء سواء المتعلقة بالترويح للقضية الوطنية الأولى للمملكة المغربية على المستوى الدولي ، أو نهج سياسة جديدة من أجل الحفاظ على ثوابت الهوية والثقافية المغربية في ظل وجود منظمات إرهابية وجماعات متشددة ودول معادية تسعى في كل يوم لخطف الشباب المغربي المولود بدول المهجر والإقامة …
يتبع …