اعترفت الحكومة الإسبانية بتوقف المبادلات التجارية مع الجزائر باستثناء صادرات الطاقة. يحدث هذا في وقت لم تتضامن الدول الأوروبية مع إسبانيا، بل تعمل على تعويضها في هذه المبادلات.
وكانت الجزائر قد جمّدت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا منذ ثلاثة أسابيع، كردّ فعل على تأكيد رئيس حكومة مدريد بيدرو سانشيز على دعم مبدأ الحكم الذاتي حلا لنزاع الصحراء الغربية، واعتبرته الجزائر “خيانة” وفق التعابير التي استعملتها. وفي إجراء عقابي، قررت تجميد المبادلات التجارية على مستوى الواردات والصادرات مع إسبانيا، باستثناء صادرات الغاز التي تخضع لاتفاقيات دقيقة، ويعني كل إخلال بها التعويض المالي الكبير.
ولم تعلن الجزائر رسميا عن وقف المبادلات التجارية، بل قررت الهيئة المشرفة على المصارف المالية توقيف المعاملات المالية مع نظيرتها الإسبانية، وهذا جعل كل الصادرات والواردات تتوقف. في هذا الصدد، اعترفت وكيلة وزارة التجارة الخارجية تشاينا مينديز في البرلمان يوم الأربعاء، وفق وكالة أوروبا برس، بـ”توقف شبه تام للصادرات والواردات التجارية مع الجزائر باستثناء صادرات الطاقة”. وتابعت: “نمرّ بهذا الوضع الذي قد يكون خرقا لاتفاقيات الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي”. واعترفت هذه المسؤولة بوجود اتصالات مع المفوضية الأوروبية لمعالجة هذا الوضع الشائك، وتجري المؤسسات الأوروبية اتصالات مع الجزائر للتوصل إلى حل. وكانت مدريد قد هددت الجزائر باللجوء إلى الاتحاد الأوروبي.
ونسبت هذه المسؤولة النزاع الحالي إلى الاختلاف بين الجزائر وإسبانيا حول نزاع الصحراء، وشددت على سيادة مدريد في انتهاج سياسة خارجية مستقلة بعيدة عن الضغوط.
وتعهدت حكومة مدريد بحل هذا المشكل، لا سيما وأن صادرات إسبانيا إلى الجزائر تقارب ملياري يورو سنويا، بينما تستورد ما يفوق ستة مليارات يورو 90% منها من الطاقة. وتشتكي عدد من الشركات من وقف صادراتها إلى الجزائر، وكانت بعضها تتعامل فقط مع الجزائر.
وتجد إسبانيا نفسها في موقف صعب، فالنزاع التجاري مع الجزائر يعني إحالته على لجنة تحكيم أوروبية- جزائرية وفق بنود اتفاقية الشراكة التي وقّعتها الجزائر مع الاتحاد الأوروبي سنة 2005، وسيستغرق البت فيه سنة تقريبا دون ضمان نتيجة إيجابية. إذ لا يوجد أي بند في اتفاقية الشراكة يلزم الجزائر باستيراد مواد من إسبانيا، ولكن هي ملزمة بإنهاء الصفقات الموقع عليها، ولهذا لا يمكنها مثلا الإخلال بصفقات الطاقة.
في الوقت ذاته، تتزامن هذه الأزمة الجزائرية- الإسبانية مع رغبة الجزائر في إعادة النظر في الاتفاقية التي وقّعتها مع الاتحاد الأوروبي، حيث قلصت من وارداتها من أوروبا بشكل كبير، وتعتبر الاتفاقية لا تصب في صالحها. وتؤكد الجزائر أنها قدمت تنازلات كثيرة في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وتفسر هذه التنازلات بمساعي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة فك العزلة عن الجزائر نتيجة ما شهدته في التسعينات من اقتتال داخلي، واعتبر اتفاقية الشراكة مدخلا للعودة إلى المنتظم الدولي ولو على حساب الاقتصاد الجزائري.
ويوجد امتعاض في إسبانيا، حسبما نقلت جرائد إسبانية مؤخرا مثل “الباييس” و”آ بي سي”، وذلك بسبب غياب تضامن أوروبي مع مدريد في أزمتها مع الجزائر بل عمدت دول مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا إلى محاولة تعويض الشركات الإسبانية.