عن القدس العربي ….
أعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، مساء الثلاثاء، تقديم إستقالته من منصبه لينهي بذلك مسيرة 20 سنة في الحكم تحت ضغط إنتفاضة شعبية غير مسبوقة في تاريخ البلاد دعمتها قيادة الجيش.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية “أخطر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رسميا رئيس المجلس الدستوري بقراره إنهاء عهدته بصفته رئيسا للجمهورية”.
وفيما يلي نص الرسالة :
يشرفني أن أنهي رسميا إلى علمكم أني قررت إنهاء عهدتي بصفتي رئيسا للجمهورية، وذلك إعتبارا من تاريخ اليوم، الثلاثاء 26 رجب 1440 هجري، الموافق لـ2 أبريل 2019.
إن قصدي من إتخاذي هذا القرار إيمانا وإحتسابا، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطني وعقولهم لكي يتأتى لهم الإنتقال جماعيا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحا مشروعا.
لقد أقدمت على هذا القرار حرصا مني على تفادي ودرء المهاترات اللفظية التي تشوب، للأسف، الوضع الراهن، وإجتنابا (تجنبا) لأن تتحول إلى انزلاقات وخيمة المغبة على ضمان حماية الأشخاص والممتلكات، والذي يظل من الإختصاصات الجوهرية للدولة.
إن قراري هذا يأتي تعبيرا عن إيماني بجزائر عزيزة كريمة تتبوأ منزلتها وتضطلع بكل مسؤولياتها في حظيرة الأمم.
لقد إتخذت، في هذا المنظور، الإجراءات المواتية، عملا بصلاحياتي الدستورية، وفق ما تقتضيه ديمومة الدولة وسلامة سير مؤسساتها أثناء الفترة الإنتقالية التي ستفضي إلى إنتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.
يشهد الله جل جلاله على ما صدر مني من مبادرات وأعمال وجهود وتضحيات بذلتها لكي أكون في مستوى الثقة التي حباني بها أبناء وطني وبناته، إذ سعيت ما وسعني السعي من أجل تعزيز دعائم الوحدة الوطنية وإستقلال وطننا المفدى وتنميته، وتحقيق المصالحة فيما بيننا ومع هويتنا وتاريخنا.
أتمنى الخير، كل الخير، للشعب الجزائري الأبي.
وجاءت إستقالة بوتفليقة بعد وقت قليل من صدور بيان عن الجيش الجزائري دعا فيه رئيس أركانه الفريق أحمد قايد صالح، الرئيس إلى التنحي فورا.
وتواصلت الحرب المشتعلة بين قيادة المؤسسة العسكرية وبين جماعة الرئيس وبلغت مستويات مجنونة، وصلت حد وصف قائد أركان الجيش لمن يمسكون بالسلطة على أنهم عصابة، وأنهم إحترفوا الكذب والتدليس والغش على الشعب، متهما إياهم بمحاولة تهريب أموال إلى الخارج، كما شدد على ضرورة الإسراع في تطبيق المادة 102 من الدستور فورا، وأنه لم يعد هناك أي مجال لتضييع الوقت.
وكان قائد أركان الجيش قد عقد، مساء الثلاثاء، إجتماعا ضم قيادات مختلف الأسلحة وقادة النواحي العسكرية، والذي خصص لدراسة آخر التطورات في البلاد ، وخلص الإجتماع إلى المطالبة بضرورة تطبيق المادة 102 من الدستور فورا، وكذلك المواد 7 و8 ، وأن البيان الصادر عن الرئاسة، أمس الإثنين، بخصوص إستعداد الرئيس للإستقالة قبل 28 أبريل/ نيسان، تقف وراءه جهات غير دستورية، مشددا على أن من وصفها بالعصابة تحاول تهريب الأموال والفرار إلى الخارج، وأن التحقيقات القضائية مع رجال أعمال محسوبين على السلطة إستجابت إلى مطالب الشعب المعبر عنها في المظاهرات التي تشهدها البلاد منذ عدة أسابيع.
وإعتبر الفريق قايد صالح أنه بإعتباره مجاهدا لا يمكن أن يقف متفرجا على العصابة كما أسماها، وهي تمارس التدليس والكذب والغش، وأن هذه العصابة إستولت منذ سنوات على مقدرات الشعب دون وجه حق، وتمكنت من جمع ثروات طائلة، موضحا أن قرار الجيش هو الوقوف إلى جانب الشعب، وهو قرار لا رجعة فيه، وأن مبادرة المؤسسة العسكرية قوبلت بالتعنت والتحايل.
ويوحي البيان الجديد الصادر عن المؤسسة العسكرية أن الصراع بلغ أشده بين الرئاسة وبين المؤسسة العسكرية، وأن الأخيرة قررت إخراج كل شيء إلى العلن، من أجل إشهاد الشعب، خاصة في ظل تداول معلومات بشأن عزم المحيط الرئاسي إصدار بيان لإقالة الفريق أحمد قايد صالح، ومن ثمة تفادي الضغوط الممارسة عليه من طرف قيادة المؤسسة العسكرية من أجل التنحي، وهو الأمر الذي بدا أن الفريق الرئاسي يرفضه.