*الإدارة العامة للشروق نيوز24 *
أكدت سهى عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل أبو عمار ما قاله الخبراء السويسريون في تقريرهم بأن مادة البولونيوم التي وجدت بكمية كبيرة في جسد الزعيم الفلسطيني الراحل لا بد أن تكون وصلت له حسب تقرير الخبراء إما عن طريق الأكل أو الشرب أو الحقن،وأن ما يؤكده التقرير هو أن أبو عمار مات مقتولا، وعبرت عن حزنها الشديد لهذا ‘الغدر’.
ورفضت السيدة سهى التي تحدثت لـ’القدس العربي’ عبر محاميها السيد سعد جبار، التعقيب على الإجراءات التي ستتخذها عقب ظهور هذا التقرير إحتراما للقضاء الفرنسي، الذي هو صاحب الحق في النظر بهذه القضية.
وقال السيد سعد جبار محامي السيدة سهى لـ’القدس العربي’، أن ‘تقرير الخبراء السويسريين محكم لأنه تعامل مع كل الجوانب الممكنة لموت الراحل عرفات’، مضيفا ‘نحن مقتنعون بأن سم البولونيوم الذي مصدره مفاعل نووي، والدول التي تمتلك هذا النوع من المفاعلات معروفة، ومن واجبنا ومن حقنا أن نحول تقرير الخبراء السويسريين هذا إلى القضاء الفرنسي الذي هو جهة الإختصاص في هذه القضية، ولا يمكن أن نصرح بأي شيء يمس القضية إحتراما للقضاء الفرنسي’.
وقال جبار في مجمل حديثه لـ’القدس العربي’ ، ‘ما يجب أن نؤكد عليه أن هذا التقرير هو الوحيد الذي نعتمد عليه والأيام ستثبت ان التقرير الروسي لا يمكن الإعتماد عليه’.
وتشير معلومات تؤكدها جهات مسؤولة إلى أن اللجنة الأمنية المختصة المكلفة بمتابعة ملف إغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، سيكون عليها في الفترة المقبلة عبء كبير، يتمثل في إجراء تحقيقات جديدة ستكون ‘محاطة بالسرية التامة’ لمعرفة الشخص الذي قام بدس مادة ‘البولونيوم المشعة’ لأبو عمار، بعد أن أكدت لجنة التحقيق مستعينة بالتحليلات الروسية والسويسرية بأن الزعيم الفلسطيني مات مسموما، وأن وفاته لم تكن طبيعية.
أحد المسؤولين الفلسطينيين أكد لـ ‘القدس العربي’ أن هناك تحقيقات جديدة ستجري في الفترة المقبلة، سيتخللها إعادة دراسة العديد من الملفات الأمنية التي أجريت عقب الوفاة، وهي عبارة عن شهادات لمقربين من عرفات، وسيكون من بين الإجراءات إعادة بعض التحقيقات الأمنية، لمعرفة الشخص الذي قام بدس المادة المشعة للرئيس الراحل.
وفي سياق التأكيد على ما وصل لـ ‘القدس العربي’ من معلومات فقد أكد اللواء توفيق الطيراوي رئيس اللجنة المكلفة بمتابعة ملف الاغتيال أن الحلقات حول ملف الإغتيال قد ‘ضاقت’، لكنه تكتم كثيرا على المعلومات التي بحوزة اللجنة، حيث قال في المؤتمر الصحافي الذي عقد بمقر المقاطعة للحديث عن نتائج التحليلات الروسية والسويسرية أن ‘أي كلمة تخرج للإعلام ممكن أن تقتل ياسر عرفات مرة أخرى، من خلال أن تخفي الحقيقة’.
وأكد الطيراوي أن اللجنة الآن تبحث عن الأداة، وهي الشخص الذي دس السم، وقال ‘عندما نصل إلى الأداة تكون أركان الجريمة قد كشفت تماما’.
وأشار إلى أن اللجنة أخذت شهادات من مئات الأشخاص من الفلسطينيين وغيرهم، من داخل الوطن وحول العالم، لكنه لم يذكر أي أسماء أو تفاصيل،و أشار إلى أن عمل اللجنة يتمركز حول ‘كيف قتل ياسر عرفات، ومن يملك الإمكانيات التقنية العلمية لذلك’.
وإتهم العقيد السابق في المخابرات الاسرائيلية مردخاي كيدار سهى عرفات بقتل زوجها وقال، إذا كان هناك إثباتات لتسميم عرفات فإن المرشحة الأولى لتسميه هي سهى عرفات التي تريد اليوم إخفاء ما قامت به’.
وفي السابق قامت لجنة التحقيق التي يرأسها اللواء الطيراوي بعقد جلسات مع الكثير من الشخصيات التي عملت لجانبه، وأخرى ترددت عليه، في خطوة أرادت من ورائها تحديد خيوط الجريمة.
لكن في هذه الأوقات تقول مصادر فلسطينية مطلعة لـ ‘القدس العربي’ أن هناك دائرة أضيق من تلك السابقة ستخضع للدراسة الأمنية، لمعرفة الشخص الذي قام بدس المادة المشعة لعرفات.
ولم تشأ هذه المصادر الحديث أكثر عن مجرى التحقيقات، ولا عن مسار التحقيقات في المرحلة المقبلة ‘حفاظا على السرية’.
المصادر ذاتها رفضت الحديث عن الفرضية التي وضع فيها البولونيوم لتسميم الزعيم عرفات، لكنها لم تنف في ذات الوقت ما ذهبت إليه زوجة الراحل بأن المادة كانت عبارة عن ذرة كالملح، وضعت له في شراب الشاي أو القهوة. وأوضحت المصادر أن عملية التسميم جرت بدقة فائقة، وبطريقة غير متوقعة.
هذا وأكد الطيراوي خلال المؤتمر أن إسرائيل هي المتهم الأول والأساسي والوحيد في قضية الإغتيال، مضيفا ‘سنستمر بعمل تحقيق متكامل للبحث’.
وأشار إلى أن النتائج قربت اللجنة من إثبات صحة فرضية إستشهاد ياسر عرفات، وقال إن نتائج التحليلات ‘جاءت لتعزز ما توصل إليه التحقيق من القرائن والبينات، بعد ثلاثة أعوام من العمل المهني الصامت’.
وأكد الطيراوي أن اللجنة ‘إقتربت من الحقيقة’، مضيفا ‘نريد أن يكون اللقاء القادم هو لقول الحقيقة وكشفها’، وأكد أن اللجنة المختصة تعمل بشكل سري كبير، وبعيد عن الإعلام.
تصريحات الطيراوي هذه التي جاءت في المؤتمر الصحافي الذي جرى في بدايته التأكيد على أن الرئيس عرفات لم يمت بشكل طبيعي، وأنه جرى إغتياله، ترافقت مع تصريحات مشابهة لزوجة الرئيس الراحل سهى عرفات وهي التي رافقت زوجها في رحلة علاجه الأخيرة بمستشفى بيرسي العسكري الفرنسي حيث قضى هناك، حيث قالت في تصريحات تلفزيونية أن الزعيم الفلسطيني قتل بمادة مشعة كانت موجود مع أحد الأشخاص، وأنه أي الشخص القاتل ‘كان ينتظر الضوء الأخضر ليضع المادة في الوقت المناسب’.
وتذكر أن المادة حسب ما عرفت من لجنة التحقيق السويسرية وهي تضم أفضل أطباء تشريح وتحليل في العالم، كانت عبارة عن شيء بسيط كحبة الملح أو السكر الصغيرة جدا، ووضعت في القهوة أو الشاي أو عن طريق حقنة، وأن الشخص الذي وضعها شخص محترف، وأن كمية صغيرة منه ممكن أن تقتل 40 إنسانا، وقالت أن من وضع البولونيوم هو ‘شخص محترف’.
ويدل حديث أرملة الزعيم الفلسطيني بقولها أن شخصا كانت معه المادة وكان ينتظر الضوء الأخضر بأنه لم يكن من الزوار، إذ أن زيارة الرئيس السابق كانت تتم بمواعيد ربما يضطر البعض لإنتظار أسابيع أو أشهر للقائه، وأن الترجيح يشير إلى أن هذا الشخص كان يستطيع التردد عليه بسهولة.
السيدة سهى قالت إن القاتل كان موجودا في مقر المقاطعة، وعبرت عن ثقتها في السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس، واللواء توفيق الطيراوي رئيس لجنة التحقيق في عملهم لمعرفة القاتل الحقيقي.