قالت مجلة “إيكونوميست” إن نجاح المنتخب المغربي في مباريات كأس العالم أعاد النقاش حول الهوية العربية.
وتحت عنوان “عن الأسود والكبرياء” تحدثت فيه عن التغيرات في المواقف العربية من المغرب حيث بات اليوم بطلا في كل المنطقة. وترى أن الرمزية هي أكبر من لعبة كرة قدم.
وما لم يكن متوقعا، هو فوز المغرب في مجموعته حيث فاز الفريق في أربع من خمس مباريات، بما فيها الانتصارات المدهشة ضد البرتغال وإسبانيا لكي يصل إلى مرحلة نصف النهائي.
وأشارت المجلة إلى أن مواجه أسود الأطلس للمنتخب الفرنسي، كأول فريق عربي وأفريقي يصل إلى نصف نهائي المونديال، إنجاز أدى لاحتفالات صاخبة في العالم العربي وأفريقيا وبين المهاجرين في أوروبا.
وتقول المجلة إن انتماء المغرب لأفريقيا ليس محلا للنقاش، وانظر لما قاله وليد الركراكي بعد الفوز على البرتغال في مرحلة ربع النهائي “قلت لرجالي قبل المباراة إن علينا كتابة التاريخ لأفريقيا”.
وكان انتصارا للشتات أيضا، فمعظم أفراد الفريق المغربي المكون من 26 لاعبا ولدوا في الخارج. ومرة بعد أخرى، لعبوا ضد فرق من أبناء البلاد التي ولدوا فيها. فأشرف حكيمي ولد في مدريد لأبوين مغربين. واختار اللعب مع الفريق المغربي لأنه شعر برابطة قوية تجاه أصوله.
وفي 6 كانون الأول/ديسمبر أحرز هدف الفوز ضد فريق إسبانيا. وأصبحت كرة القدم الأوروبية متنوعة بطريقة لم يعد يلاحظها المشجعون. والآن بنى المغرب فرقته لكرة القدم بهويات معقدة.
أما بالنسبة للعروبة، فقد كانت محلا للنقاش بين المشجعين وفي المقاهي ومنشورات التواصل الاجتماعي التي لم تتوقف.
وللتأكيد، فالمغرب هو عضو في الجامعة العربية ولغته الرسمية هي العربية وأسهمت ثقافته في معظم العالم العربي، ويعرف الكثير من المغاربة أنفسهم بالعرب، إلا أن انتصارهم تم الاحتفال به في كل أنحاء المنطقة.
مع أن المغاربة من أصول لا يشعرون بالراحة من توصيفهم بالعرب، وينظرون لهويتهم كأمازيغيين ولم يعترف بلغتهم إلا عام 2011، بعد الإصلاحات الدستورية التي دفع بها عام 2011 بعد انتفاضات الربيع العربي.
وتعود المجلة للقول إن القومية العربية التي ظهرت بعد قرون من الحكم العثماني والأوروبي متجذرة بالسياسة، وظهر جزءا منها في الملعب. وفرد الفريق المغربي بعد فوزه على إسبانيا العلم الفلسطيني. وكانت اللفتة محل ترحيب في كل أنحاء العالم العربي، الذين لا يزالون ينظرون لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ظلما.
ولم تكن اللفتة مرحب بها لدى السكان الصحراويين الذين يريدون الاستقلال منذ 46 عاما. وقالت المجلة إن عددا من الإسرائيليين سمح لهم بمتابعة المباريات في قطر، مع أنه لا يسمح لهم خارج المناسبة نظرا لعدم تطبيع قطر علاقاتها مع إسرائيل.
وكان يأمل المشجعون الإسرائيليون بتغير المزاج العربي بعد توقيع المغرب والبحرين والإمارات والسودان اتفاقيات تطبيع عام 2020، لكنهم لقوا استقبالا باردا واكتشفوا حقيقة اهتمام الشارع العربي والمواطنين العرب بمأساة الفلسطينيين حتى ولو لم يكن حكامهم يهتمون.
وهناك مفارقة أخرى في الفوز المغربي، فقد احتفل اليهود من أصول مغربية في إسرائيل بإنجاز المغرب. وربما كان الحديث عن القومية العربية أمرا عفى عليه الزمن ويعيد لسنوات الخمسينات أو أيام الخلافة، إلا أن الحماس في المنطقة للفوز المغربي غير المتوقع يعطي فكرة حول الترابط الثقافي الذي لا يزال يجمع سكان المنطقة. كما أن النقاش حول الهوية، يظهر أنه يمكن استخدامها لتفريق الناس وليس توحيدهم.