سمدار بيري
يديعوت 13/10/2013
يرسمون في القاهرة، كما استطعنا أن نُخمن، مثلثا قابلا للانفجار: قاعدته الولايات المتحدة ومصر عن يمينه ونحن عن يساره. ويطلبون الغاء تعليق تغيير اتفاق السلام، وتطويره على كل حال. وبعبارة بسيطة نقول إنه حينما تقتطع الادارة في واشنطن من المساعدة العسكرية التي هي نتيجة لاتفاق السلام، ترى مصر نفسها متحررة.
وينشأ وضع عجيب، فجنود الفريق السيسي حاكم مصر يقومون من جهة بحرب في سيناء بتنسيق كامل معنا، ويغلقون أنفاقا لتهريب السلاح، ويقضون على خلايا ارهاب ويُضعفون حماس، وهكذا يحصل أبو مازن على دعم ليكون مرنا في التفاوض. ومن جهة ثانية تعاقب ادارة اوباما مصر في هذا الوقت بالذات. وقد التزم السعوديون الغاضبون على اوباما بسبب التحول نحو ايران بتعويض ‘الفريق’.
إنه وضع عجيب حقا، فاوباما الذي يُصدر الامور ويوردها في واشنطن، أمسك بالفريق السيسي في منتصف الحرب ونزع منه سلاحه. ولا يهم اوباما، ذاك الذي يحثنا عن طريق وزير الخارجية كيري على التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين، أن تُصاب حماس بضربات قاتلة، فالشيء الأساسي هو الانتقام من ‘الفريق’ الذي عزل محمد مرسي الذي انتُخب، كما يرى الامريكيون، انتخابا ديمقراطيا.
فماذا يهم أن يكون الاخوان المسلمون قد حاولوا تحويل مصر الى دولة شريعة متطرفة؟ ومن ينتبه لخطط مرسي لتحسين وضع حماس والاتصال بآيات الله في ايران وتشجيع عمليات ارهابية؟
صحيح مما نرى أن الفريق السيسي ليس صدّيق هذا الجيل، فالذي يبحث في ماضيه يجد خلفية دينية عميقة أقنعت ‘الاخوان’ بأن يهبوا له القوة التي أفضت آخر الامر الى ثورة عسكرية عنيفة في دولة منقسمة. يوجد ‘الأخيار’، وهم علمانيون وليبراليون وحالمون، وازاءهم المتطرفون المتدينون غير الساذجين. ومن الممكن بيقين أنه اذا انتصر السيسي في الحرب وأصبح الرئيس القادم ألا يكون الجميع عندنا سعداء.
أعاد السيسي في الطريق الى انشاء نظام جديد في مصر، قانون الطوارئ، وتردد وسائل الاعلام المجندة ما يقوله، والتي لا’ تفعل ذلك كـ’الجزيرة’، تجد مكاتب مغلقة وأوامر اعتقال. ويتابع اوباما التقارير من القاهرة ولا يحبها. وتتحدث واشنطن في هذا الوضع الغريب لمصر بصوتين: فهي من جهة تركلهم، ومن جهة اخرى تُبلغ السيسي أنها ‘لا تنوي التخلي عن مصر’.
ونسأل الرئيس اوباما: هل كنت ستنام قرير العين في الليل لو بقي ‘الاخوان’ في الحكم؟ أوكان الوضع سيكون ألذ وآمن لو قوي الحلف بين مرسي والقيادة في غزة وقفزت ايران فوق العجلة؟
قامت الاجهزة عندنا بكل ما يجب كي يسمع ‘الفريق’ ويقتنع بأننا لسنا نحن الذين ضغطنا من وراء الستار في واشنطن. وعلى عكس ذلك أصررنا على ألا يمسوا المساعدة العسكرية وألا يشوشوا على السيسي. وتوجد دول، كما يقول اللواء عاموس جلعاد، صاحب الخبرة الطويلة، لا تستطيع الى الآن أن تُبيح الديمقراطية لنفسها. يمكن أن نُخمن فقط ما الذي يراه الملك الاردني في كوابيسه، وكذلك ملوك المغرب والبحرين والسعودية، فقد خلصوا من ‘الربيع العربي’ لكنه لا يمكن الاعتماد على الادارة في واشنطن، فالذي يستحقه المواطن الامريكي ليس من الضروري أن يلائم منطقتنا المعقدة.