الأبعاد الدولية لتسريبات برنامج بيغاسوس ، فضيحة التجسس العالمية ، والحرج الدبلوماسي والأمني الكبير للمغرب ، وهل إستعملت أجهزة الإستخبارات المغربية من طرف جهات خارجية للتجسس على حليف إستراتيجي للمغرب مثل فرنسا ؟
فرحان إدريس..
كان لافتا أن تأتي التسريبا ت الأخيرة حول التورط المحتمل لأجهزة الأمن والمخابرات للممكلة في التجسس على ما يقارب 10.000 رقم هاتفي ، من بينهم صحفيين ونشطاء حقوقيين وسياسيين من الصف الأول بعد إستقالة رئيس الوزراء لدولة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ..
حملة التجسس هاته شملت حسب صحف أمريكية وفرنسية بريطانية رئيس الدولة الفرنسية مانويل ماكرون شخصيا ، وأعضاء من حكومته وصحافيين معروفين بخطهم التحريري المنتقد للمملكة في قضايا حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير..
بطبيعة الحال ، الحكومة المغربية عن طريق ” قناة ميدي 1 تيفي ” المملوكة لدولة الإمارات العربية المتحدة ، المتهمة الرئيسية هي الأخرى في عملية التجسس على قادة وحكام وصحفيين ينتمون لدول عربية وإسلامية ، نفت في بيان إعلامي رسمي نفيا قاطعا هذه الإتهامات جملة وتفصيلا ، وأكدت أن المغرب مستهدف نظرا للإنجازات الكبيرة التي حققها طوال عقدين من الزمن على جميع الأصعدة والمستويات..
مما جعل رئاسة النيابة العامة تصدر أوامر مباشرة للنيابة العامة بمحكمة الإستئناف الرباط ، بفتح تحقيق حول الإتهامات الموجهة للمملكة من طرف منظمات حقوقية ومؤسسات إعلامية دولية تحت إشراف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ..
ولم تكتف الدولة المغربية بهذه الخطوة بل رفعت دعاوى قضائية في العاصمة الفرنسية ، باريس ، ضد هذه منظمات حقوقية دولية والمؤسسات الإعلامية التي وجهت أصبع الإتهام للمملكة بشكل مباشر في ممارسة عملية التجسس منذ سنة 2017 ضد شخصيات أوروبية كبيرة ، ووجوه مغربية معروفة في الصحافة والناشطة في مجال حقوق الإنسان ..
كل التقارير الدولية في السنوات الأخيرة كانت تشير بشكل لا لبس فيه ، أن أجهزة الأمن والمخابرات المغربية قامت بإقتناء برامج تجسس متطورة لمراقبة الحركات الإجتجاجية الإجتماعية التي بدأت تتسع منذ تفجر حراك الريف بالحسيمة يوم 28 أكتوبر 2016 ومن أجل تتبع تحركات وأنشطة الصحفيين المزعجين والنشطاء الحقوقيين المنتقدين لأداء السلطات العليا في مجال حقوق الإنسان ..
ولاشك أن تسريبات بيغاسوس ، برنامج التجسس لدولة الإحتلال الإسرائيلي جعل المغرب في وضع حرج كبير سواء الصعيد الدبلوماسي أو الأمني ..
شيء طبيعي ، أن تستهدف أجهزة الإستخبارات المغربية قادة النظام الجزائري السياسيين منهم والعسكريين والإستخباراتيين ، لكن لماذا التجسس على الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون و 14 وزيرا من حكومته وصحفيين وإعلاميين فرنسيين ؟
فرنسا الدولة الكبيرة في منظمة الإتحاد الأوروبي التي تعتبر حليف إستراتيجي للممملكة في قضية الصحراء المغربية بمجلس الأمن ، ولازالت تحتل الشريك الإقتصادي الأول للمغرب في العالم الغربي منذ الإستقلال لحد الآن ، لماذا تتجسس أجهزة الإستخبارات المغربية على قادتها السياسيين ؟ وتراقب عن كثب الصحفيين والإعلاميين الفرنسيين المعروفين بكتابة مقالات نقدية ضد إنتهاكات حقوق الإنسان التي زادت حدتها منذ سنة 2016 ؟
هل هناك جهات إستخباراتية خارجية أعطت الضوء الأخضر لإخراج التسريبات الأخيرة حول برماج التجسس العالمي المعروف ببيغاسوس لتوتير العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وفرنسا ؟
ولماذ عملية التجسس لم تشمل ساسة كبار وصحفيين وإعلاميين من الولايات المتحدة الأمريكية بريطانيا ؟ وماذا سيستفيد المغرب من تجسسه على الرئيس الفرنسي ماكرون و14 وزيرا من حكومته ؟ والمعروف عن الرئيس الفرنسي أنه دعم المملكة في كل القضايا الداخلية والخارجية منذ وصوله لقصر الإيليزي ..
أليست هذه التسريبات الأخيرة لبرنامج بيغاسوس التي تشير أن أجهزة الأمن والمخابرات المغربية كانت شريك أساسي في عملية التجسس الدولية أضرت بشكل كبير بسمعة وصورة المملكة على المستوى الدولي ؟ وتقديمه للعالم كنظام بوليسي إستبدادي ؟ وجعلته في موقف ضعيف على المستوى الدولي فيما يخص إحترام مبادئ حقوق الإنسان العالمية وحرية الصحافة والرأي والتعبير ؟
وهل هناك أطراف أمنية وإستخبارتية وعسكرية داخلية متواطئة مع جهات إستخباراتية خارجية لجعل المملكة في هذا الوضع الدولي الضعيف الغير المسبوق ؟
ومن المستفيد الأكبر من عملية التجسس الدولية على أنظمة عربية وساسة أوروبيين ؟ أليست دولة الكيان الصهيوني هي المستفيد الأول من كمية المعلومات التي حصل عليها عن طريق بيعها لبرنامج بيغاسوس التجسسي لأنظمة عربية إستبدادية معروفة بمحاربتها لحرية الصحافة والتضييق المستمر على حقوق الإنسان ..
دون أدنى شك أن دولة الإحتلال الإسرائيلي لن تتجرأ على التجسس على رئيس فرنسا ووزراء من حكومته ، وبالتالي دفعت جهات أمنية وإستخباراتية مغربية للقيام بهذه المهمة القذرة ، يا ترى مقابل ماذا ؟ ما هي الخدمات الحصرية التي حصل عليها المغرب مقابل القيام بهذه المهمة القذرة ؟
هل أصبحت أجهزة الأمن المخابرات المغربية من وكلاء الموساد في القارة الإفريقية والوطن العربي ؟
في السنوات الأخيرة ، ممارسات أجهزة الأمن والبوليس السياسي بالمغرب مع الصحفيين والنشطاء الحقوقيين تشبه لحد كبير تعامل قوات الإحتلال الإسرائيلي مع الفلسطينيين ، ولاسيما ما يعانيه المعتقلين من صحفيين ونشطاء حقوقيين في مختلف السجون المغربية تذكرنا بالقصص العديدة لما يلقونه الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال الإسرائيلي ، وكنموذج حي سياسة الموت البطيء التي تمارس ضد الصحفي المعتقل سليمان الريسوني المضرب عن الطعام لما يقارب 109 يوم ، نفس السياسة التي مارستها وتمارسها لحد الآن دولة الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني منذ النكبة ..
ويبدو، أن البنية السياسية والأمنية والإستخباراتية والقضائية والإعلامية الحاكمة الفعلية في المغرب منذ سنة 2016 تبنت كمنهج في الحكم طريقة دولة الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة ..
يتبع….
للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي
………………………………رئاسة الحكومة
………………………………الأمانة العامة للحكومة
………………………………وزارة الداخلية
………………………………رئاسة البرلمان المغربي
………………………………رئاسة مجلس المستشارين
………………………………رؤساء الفرق البرلمانية
………………………………وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج..
………………………………وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية
………………………………الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج
………………………………رئاسة النيابة العامة بالرباط ..
………………………………المجلس الأعلى للقضاء
………………………………مجلس الجالية
………………………………مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج
……………………………….السفارات المغربية بالخارج ..
………………………………السفارات الأمريكية الموجودة في كل من ، الرباط ، وإيطاليا ، وألمانيا
…………………….. وإسبانيا ، وفرنسا وبلجيكا وهولاندا …
………………………….. إلى المنظمة الحقوقية الدولية ..AmnestyInternational
……………………………..مراسلون بلاحدود ..”RSF ”
………………………………(هيومن رايتس ووتش) Human Rights Watch