الإعلام العبري هاجم تركيا ويتهم أردوغان بمعاداة الساميّة ودعم ‘الإخوان’ وتخوف من تسريب معلومات سريّة أخرى لإيران !!!
صحيفة *واشنطن بوست*
صبّ الإعلام العبريّ أمس الجمعة جام غضبه على تركيّا بعد أنْ قامت صحيفة ‘واشنطن بوست’ بنشر تقريرٍ جاء فيه أنّ تركيا كشفت عن عمد النقاب عن شبكة تجسس إسرائيليّة تعمل داخل إيران في أوائل عام 2012 ووجهت صفعة قوية لعملية جمع المعلومات المخابراتية الإسرائيليّة، واختارت أوسع الصحف العبريّة انتشارًا في إسرائيل ‘يديعوت أحرونوت’ أنْ تكتب على صدر صفحتها الأولى وبالبنط العريض واصفة الواقعة بالخيانة التركيّة.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين رفيعي المستوى في تل أبيب، قولهم إنّ القضية تبدأ برئيس الوزراء التركيّ، رجب طيّب أردوغان، فهو إنسان معادٍ للساميّة ومؤيّد لحركة الإخوان المسلمين.
وتابع الدبلوماسيون، الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم، أنّ هذا الأمر يُلقي بظلاله على المؤسستين الأمنيّة والسياسيّة في أنقرة، وهذا هو السبب الذي أدّى إلى تدهور العلاقات بين تركيًا والدولة العبريّة.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ إسرائيل الرسميّة التزمت الصمت، ولم ترّد على ما ورد في الصحيفة الأمريكيّة، مع ذلك لفتت إلى أنّ النشر في الصحيفة الأمريكيّة يتماشى ويتساوق مع ما كان صرّح به سرًا وزير الأمن الإسرائيليّ السابق إيهود باراك في العاشر من شهر آب (أغسطس) من العام 2010، حيث عبّر عن مخاوفه من أنْ يقوم قائد المخابرات التركيّة، حاكان فدان بتزويد إيران بالمعلومات السريّة.
وبحسب باراك، الذي تحدث دون أنْ يعلم بأنّ أقواله تُسجّل، إن فدان مؤيّد لإيران، وزاد قائلاً: هناك الكثير من أسرارنا موجودة لديهم، ومجرّد التفكير بأنّ هذه المعلومات ستكون بأيدي الإيرانيين مُزعجة ومخيفة، على حدّ تعبيره.
وبحسب المصادر عينها، فإنّ التصرّف التركيّ ليس مفاجئًا، بسبب تردي العلاقات بين أنقرة وتل أبيب، كما اتهموا قائد المخابرات التركيّ بأنّه على علاقة وطيدة بالحرس الثوريّ الإيرانيّ، وبحزب الله اللبنانيّ وحماس، وبالتالي كانت فرضية العمل لدى الأجهزة الأمنيّة في الدولة العبريّة، بحسب المصادر الإسرائيليّة، بأنّ كلّ المعلومات السريّة التي ستصل إلى فدان ستجد طريقها لإيران، وعليه فإنّ الأجهزة الأمنيّة في إسرائيل تعاملت مع هذا الرجل بحذر شديد وفي إطار الشكوك حول نواياه المناهضة لإسرائيل، على حدّ تعبيرها.
كما نقلت الصحيفة عن مصدر أمنيّ رفيع في تل أبيب قوله إنّ العلاقات الأمنيّة بين إسرائيل وتركيّا وصلت إلى الحضيض، وحسنًا أنْ تكون كذلك، لأنّ تركيا تؤيّد إيران وتعمل ضدّ إسرائيل، كما قال. علاوة على ذلك، قال مصدر سياسيّ وصفته الصحيفة بأنّه عالي المستوى، إنّه آن الأوان لكي تقوم الولايات المتحدّة الأمريكيّة وإسرائيل بإعادة تقييم العلاقة مع تركيّا، وتحديدًا لأنّ تركيا تخرق العقوبات المفروضة على إيران بشكل سريّ، وتقوم بدعم حماس في قطاع غزة وتنظيم القاعدة في سوريّة.
وتابع المصدر عينه إنّ هذا السبب الذي دفع إسرائيل إلى عدم تقديم الاعتذار لتركيا حول أحداث مرمرة، ولكن في آذار (مارس) من العام الجاري وافقت تل أبيب على تلبية طلب الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، الذي كان في زيارة لتل أبيب وقدّم نتنياهو الاعتذار، ولكنّ المصادر السياسيّة في إسرائيل قالت للصحيفة إنّ أوباما غضب جدًا من رئيس الوزراء التركيّ لأنّه لم يقُم بتنفيذ تعهداته وتعيين السفير التركيّ الجديد في تل أبيب وإلغاء المحكمة التي تجري في تركيّا ضدّ ضباط من جيش الاحتلال الإسرائيليّ.
ولفتت ‘يديعوت أحرونوت’ إلى أنّه في شهر حزيران (يونيو) الفائت ذكرت صحيفة ‘حريات’ التركية، أن رئيس الموساد الإسرائيليّ تامير باردو، قام بزيارة سرية إلى تركيا، اجتمع خلالها مع نظيره التركي حاقان فيدان.
وطبقًا لما نشرته الصحيفة، التي لم تنفه إسرائيل، فإنّ باردو، طالب نظيره التركي، بتنظيم لقاء له مع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب اردوغان. وقالت الصحيفة: إن اللقاء السري عقد في العاصمة التركية، وبحث خلاله الأوضاع في سوريّة، والملف النووي الإيراني، والاحتجاجات ضد رئيس الوزراء التركي اردوغان.
وأضافت الصحيفة: اللقاء بحث أيضا احتمالية قيام أجهزة مخابرات دول مجاورة، بتشجيع الاحتجاجات في تركيا. كما تناول التدخل الإيراني في الحرب الأهلية في سوريّة، وإمكانية زيادة التعاون بين البلدين إزاء الأوضاع في سوريّة. يُشار إلى أنّ باردو وفيدان، التقيا في مصر قبل عدة أشهر، في إطار جهود تهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أثناء العملية العدوان الإسرائيليّ في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، والذي استهدف قطاع غزة.
وكان رئيس الموساد السابق، مائير داغان، يتحفظ على رئيس جهاز المخابرات التركية فيدان، ويتهمه بأنّه أحد المقربين من الحرس الثوري الإيراني. كما أن مسؤولين كبار في وزارة الأمن الإسرائيلية يعتقدون أنّ المخابرات التركية، سربت معلومات حصلت عليها من إسرائيل، إلى الإيرانيين. جدير بالذكر أنّ تركيّا وإسرائيل وقعتا على اتفاقية التعاون العسكريّ والأمنيّ في 24 شباط (فبراير) من العام 1996، وتضمنت تبادل زيارات العسكريين والأسلحة والمعدات العسكرية في البلدين، وإجراء التدريبات الجوية والبحرية، بالتنسيق والتعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة إلى التعاون الأمني والاستخباري وما يُسّمى بمكافحة الإرهاب.
وقد تمّ الإعلان عن بعض تلك البنود رسميًا مثل إجراء التدريبات المشتركة المحدودة، وتمّ تسريب البعض الآخر منها في الصحف التركية والإسرائيلية. وثمة بنود أخرى، تتعلق بطبيعة العلاقات العسكرية ومجالاتها وأهدافها، بقيت سرية ولم يعلن عنها، وقد دأب المسؤولون الأتراك على التقليل من أهمية تلك الاتفاقية، وكذلك على التأكيد على أنّها لا تشكل تحالفًا بين إسرائيل وتركيا، وليست موجهة ضد طرف ثالث هو الطرف العربي والإسلامي، وأنّها تماثل اتفاقيات التدريب والتعاون العسكريّ التي وقعتها تركيا مع العديد من الدول. كما أنّ وزير الأمن الإسرائيليّ الأسبق، البروفيسور موشيه أرنس كان قد صرّح بأنّ الحلف العسكري بين إسرائيل وتركيا قد غير موازين القوى الإقليميّة، على حدّ قوله، علاوة على ذلك، يُعتبر التحالف الإسرائيليّ ـ التركيّ، ركيزة من ركائز السياسة الأمريكيّة في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنّ الحلف يمثل امتدادًا لسياسة الأحلاف الغربية في المنطقة العربية التي ظهرت في فترة الخمسينيات الميلادية، ويُعَد بمثابة ذراع متقدمة لتحقيق السياسة الأمريكية في المنطقة، وينظر إليه على أنّه رأس حربة للاستعمار الأمريكيّ في المنطقة.