“الاستيقاظ الجيوسياسي”.. بوصلة دولية بتوقيت المغرب

Advertisement

استراتيجية جديدة تفرضها التحولات الدولية الراهنة تجعل المغرب يتحول إلى سياسة تمزج بين معالجة قضايا الداخل والتركيز على ملفات الخارج.

توليفة تضع المملكة على خارطة التحولات التي تفرضها التغييرات الدولية بشكل خاص، والنظام العالمي عموما.

المنتصر السويني، الباحث المغربي في العلوم السياسية والمالية العامة، يرى أن العقل السياسي المغربي عمل في العهد الجديد على الانتقال من الاستراتيجية المعتمدة على ثنائية “التركيز على قضايا الداخل” و”الدفاع والتقوقع أمام قضايا الخارج”.

ويقول السويني، في مقال تناولته صحيفة هسبرس الإلكترونية المحلية، إن المملكة باتت تعتمد استراتيجية تقوم على ثنائية “الدفاع وتدبير قضايا الداخل”، و”التركيز والهجوم في القضايا المرتبطة بالخارج”.

ولفت إلى أنها لم تعد تركز فائض قوتها على قضايا الداخل، بل صارت توجهه على المستوى الخارجي لتحسين الموقع الجيوسياسي للمغرب.

وفي مقاله الوارد بعنوان ”المغرب واستراتيجية الاستيقاظ الجيوسياسي”، تطرق السويني إلى مجموعة من المحاور، من قبيل ”تركيز العقل السياسي المغربي على تبني استراتيجية إشراك المعارضة في الحكم بعد انهيار المعسكر الشرقي”، و”العقل السياسي المغربي والحرب الروسية الأوكرانية”.

كما تناول أيضا ”الحرب الروسية الأوكرانية وترسيخ استراتيجية -الشراكات البراغماتية”، و”العقل السياسي المغربي والعمل على تبني خيار -الشراكات البراغماتية” وغيرها.

بوصلة العالم
يقول السويني: ”يحسب للعقل السياسي المركزي بالمغرب أنه كان دائما قارئا جيدا للخريطة الدولية ومستشعرا للاتجاه الذي قد تأخذه البوصلة العالمية (انخراطه السريع في مسلسل الدمقرطة بعد انهيار المعسكر الشرقي- موقفه من حرب العراق…)”.

ويضيف أن الاستراتيجية المعتمدة على ثنائية “الدفاع وتدبير قضايا الداخل-التركيز والهجوم أمام القضايا المرتبطة بالخارج” كانت تعني أن العقل السياسي المغربي لم يعد يركز فائض قوته على قضايا الداخل (ممارسة القوة أمام الخصوم السياسيين بالداخل)، بل صار يوجهه على المستوى الخارجي لتحسين الموقع الجيوسياسي للمملكة.

ومستشهدا بالتاريخ، لفت الخبير إلى أن الأحداث المرتبطة بنهاية الثمانينيات من القرن الماضي (سقوط جدار برلين -انهيار الاتحاد السوفياتي-أحداث ساحة تيان ان مين)، وطروحات فوكوياما حول الانتصار النهائي والساحق لليبرالية الديمقراطية (انتصار القوى التي يعتمد عليها العقل الحاكم للبشرية-الأحادية القطبية)، فسرها البعض على أنها انتصار للمعسكر الديمقراطي على المعسكر السلطوي.

وتابع أن العقل السياسي المغربي وكغالبية دول الجنوب وجد نفسه ليس فقط مضطرا إلى الاستمرار في الاصطفاف إلى جانب المعسكر المنتصر في الحرب الباردة، بل ومضطرا كذلك إلى تبني -الديمقراطية الليبرالية – والديمقراطية التمثيلية.

وبحسب الخبير، فإن العقل الرسمي المغربي التقط الإشارة مبكرا، وانخرط في مسلسل تطبيع الوضع الداخلي من خلال الانفتاح على المعارضة السياسية (منذ 1993) والعمل على ترسيخ التناوب التوافقي، وبالتالي الاستمرار في إعطاء الأولوية لتدبير مشاكل الداخل، عبر ترسيخ قوة الدولة في الداخل.

حرب أوكرانيا
يعتبر السويني أن طروحات فوكوياما (للنظام العالمي الجديد) رسخت الاعتقاد بتفوق المعطى السياسي المرتبط أساسا بتنزيل الديمقراطية التمثيلية أولا من أجل تعبيد الطريق لتحقيق الديمقراطية الاقتصادية بعد ذلك.

وأوضح أن ما تقدم حدث من خلال التأكيد على أن تجارب انهيار المعسكر الشرقي تثبت أنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية الاقتصادية دون المرور أولا بالديمقراطية التمثيلية.

إلا أن نجاح التجربة الصينية التي اعتمدت على حسن تدبير المعطى الاقتصادي، أثبتت أنه يمكن أن يلعب ذلك دورا كبيرا في قيادة الدول نحو النمو دون المرور بالضرورة بالشرط السياسي المعتمد على الشرط الديمقراطي والديمقراطية التمثيلية كما يراها الغرب.

وبحسب السويني، فإن سقوط الأفكار الكبرى المؤطرة للمشهد السياسي في العالم والعزوف السياسي ومقاطعة اليوم الانتخابي، وسقوط الأحزاب وعجز البرلمانات عن إيجاد الحلول، والعودة إلى الاحتكام إلى الشارع بدل حل القضايا الخلافية داخل المؤسسات (النموذج الفرنسي اليوم)، كان يقلص من وهج -الديمقراطية التمثيلية- ويعزز الديمقراطية التنفيذية.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.