التطبيع مع الكيان الصهيوني لا يلزم الشعب المغربي في شيء.. وماذا يعني رد العدالة والتنمية على دعوة اسرائيلية وقحة؟

Advertisement

أمين بوشعيب
بمناسبة استعدادها “الاحتفال بذكرى قيام إسرائيل”، وجه ممثل مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، دعوة إلى المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب، وذلك من أجل حضور ما أسماه المكتب “حفل العيد الوطني الإسرائيلي” يوم 6 يونيو الجاري.
حزب العدالة والتنمية رفض الدعوة، وأصدر بلاغا، عبّر فيه عن استهجانه لما أسماه “وقاحة ممثل الكيان الصهيوني بتوجيه الدعوة للمجموعة النيابية للحزب” معتبرا أن “الاحتفال بذكرى قيام هذا الكيان المحتل، لا تمثل إلا ذكرى النكبة والاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين وتشريد الشعب الفلسطيني الشقيق والمتواصل إلى اليوم”
وفي نفس السياق، ثمّن الحزب في بلاغه المذكور، رفض المجموعة النيابية للحزب العضوية فيما سُمّي “لجنة الصداقة البرلمانية المغربية الإسرائيلية”، ومعلنا في الآن ذاته رفض الحزب القاطع الزيارة المبرمجة لرئيس الكينيست الإسرائيلي إلى البرلمان المغربي.

بطبيعة الحال هذا الرفض القاطع للتعامل مع إسرائيل من قِبَل الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، جاء بعد عودة بنكيران إلى “تحمل المسؤولية الثقيلة في المؤتمر الاستثنائي الذي كلف فيه بقيادة الحزب، حيث ألهمه الله -كما قال هو- أن يركز كلامه خلال هذه الفترة على المرجعية الإسلامية للحزب” لذلك لا بدّ من استعادة الحزب لمجده وشعبيته، والمدخل بطبيعة الحال هو مهاجمة إسرائيل.
بنكيران يدرك أن الهزيمة المدوية التي تلقاها حزبه، في الانتخابات الأخيرة كان سببها الرئيس جريمة التطبيع التي ارتكبها الحزب في شخص أمينه العام السابق سعد الدين العثماني، ويدرك أيضا أن حزبه قد بنى مجده وشعبيته على المواقف التي اتخذها من دعمه للقضية الفلسطينية، ورفضه القاطع للتطبيع باعتباره ” إبادة حضارية” كما قال العثماني ذات مقال (انظر المقال بعنوان “التطبيع إبادة حضارية”، نشره سعد الدين العثماني في مجلة الفرقان عام 1996)
كان حزب العدالة والتنمية، في زمن المعارضة، لا يترك فرصة أو مناسبة إلا وخرج للتظاهر في الميادين والساحات العمومية من أجل الهتاف “الموت لإسرائيل” و “الموت لأمريكا” و “فلسطين أمانة والتطبيع خيانة” وغيرها من الشعارات التي كانت تدغدغ مشاعر الشعب المغربي المتيّم بحبّ فلسطين.
وفي الوقت الذي كان فيه حزب العدالة والتنمية يتفنّن في نحت الشعارات المناوئة للكيان الصهيوني، كانت إسرائيل قررت الانتقال إلى السرعة القصوى لتنفيذ خُطتها المتمثلة في اختراق الطبقة السياسية والتطبيع معها، وهي الأداة التي وصفها الدكتور سعد الدين العثماني نفسُه، في مقاله المشار إليه من قبل، أنها “أفضل أداة تفتق عنها المكر الصهيوني، فهو شرط يضعه في المقدمة لكل اتفاقية سلام، فلا سلام عندهم بدون تطبيع سياسي وثقافي واقتصادي وإلا فالحرب، بذلك يصرح زعماء الكيان الصهيوني باستمرار وعلى ذلك يؤكدون في كل وقت وحين”
بعد مرور عشرين سنة، على مقالته، سيقع الدكتور سعد الدين العثماني، في المحذور، فبعد أن تولى رئاسة الحكومة المغربية، سيجلس جنبا إلى جانب ليصافح اليد الملطّخة بدم إخوانه الفلسطينيين الأبرياء، ليوقّع على خيانة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي. لكنه سيرفض كل الانتقادات التي اتهمت الحزب بالتخلّي عن مبادئه وشعاراته، ليؤكد ” أن قضية التطبيع مع إسرائيل كانت قرار دولة نتيجة سياقات خاصة بالمغرب، ورغم اعترافه بأن القرار “لحظة مؤلمة وصعبة”، إلا أنه في نفس الوقت يشدد على “أن حزبه لا يتحمل المسؤولية” وبهذا الصدد سيقف بنكيران في صف زميله لتبرير الخيانة حيث أشار إلى أن: “الحزب هو الذي يترأس الحكومة، هو عضو في بنية الدولة التي يترأسها العاهل المغربي محمد السادس، والذي يتخذ القرارات في الأمور السيادية مثل هذه (استئناف العلاقات مع إسرائيل)”. يعني أنه لا يمانع في تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
فمن الذي يا ترى يتحمّل المسؤولية؟ ومن الذي طأطأ الرأس للتوقيع على اتفاقية العار بين المغرب وإسرائيل في ذلك اليوم المشؤوم (الخميس 10 ديسمبر 2020) وهو في تمام الرضى عن النفس؟ ومن الذي خان أصوات الشعب التي أوصلته إلى رئاسة الحكومة ليوقّع باسم الشعب على اتفاقية العار؟
إنها البراغماتية لما تفرض إكراهاتها وضغوطاتها. دون أن ننسى إهمال هواجس الذات، والخوف من فقدان المنصب وما يجره من منافع ومصالح. ولكن أين المناصب، وأين المنافع والمصالح؟
ذهب المنصب، لكن مزبلة التاريخ باقية، تستقبل كل من هانت عليه نفسه، وخان الثقة والأمانة!
إن محاولة التبرّؤ من خطيئة التطبيع، هي محاولة سخيفة، لا يمكن أن تنطلي على أحد، فكل التبريرات سواء التي صدرت عن العثماني أو بنكيران والتعويل على لسانه الطويل لم تكن لتُقتنع الشعب المغربي، الذي يصرّ على موقفه التاريخي والمبدئي من القضية الفلسطينية. فبيت المقدس والمسجد الأقصى وكل أرض فلسطين أمانة لا يمكن التفريط فيها مهما كان الثمن، ويعتبر كل من فرّط فيها خائنا لا يمكن الوثوق به.
فلو قارنا بين موقف حزب العدالة والتنمية أيام المعارضة، وبين موقفه بعد أن تولّى رئاسة الحكومة، لا يمكن إلا وصف هذه المواقف بالمتذبذبة الخاضعة لمنطق الربح والخسارة. فالحزب كان ولا يزال يتاجر بالقضية الفلسطينية، إذ كيف يرفع عقيرته بالهتاف لفلسطين وإصدار البيانات الداعمة للشعب الفلسطيني ولمقاومته واستنكار الانتهاكات الإسرائيلية للفلسطينيين والمسجد الأقصى، ثم إذا تطلّب الأمر غير ذلك تنكّر للقضية، بدعوى المصالح والسياقات الخاصة بالمغرب.
فلاش: احتفت إسرائيل أمسِ -على أرض المغرب- بانتصارها في اختراق الطبقة السياسية المغربية، التي احتفلت معها، بما تسميه “ذكرى تأسيس إسرائيل”، وفي نفس الوقت تمت استضافة رئيس الكنيست الصهيوني في البرلمان المغربي، بدعوة من رئيس مجلس النواب راشيد الطالبي العلمي، حيث تمّ التوقيع بين الطرفين على مذكرة تفاهم لتطوير العلاقات البرلمانية وتعزيز الصداقة بينهما.
الشعب المغربي يرفض رفضا قاطعا كل أشكال التطبيع أيا كان مصدرها، وأيا كانت الأيادي الآثمة التي اقترفتها، ويرفض كل الاتفاقيات والتفاهمات المنبثقة عنها، لأنها لا تلزمه في شيء، ولا يمكن لأحد مهما كان أن يلزم الشعب المغربي بتغيير موقفه من إسرائيل باعتبارها العدو الأول، ويكرهها كره العمى، ومن فلسطين باعتبارها الأرض الطاهرة المقدسة التي يعشقها المغاربة إلى حد الجنون. وسيأتي اليوم الذي سيقوم فيه بتمزيق كل تلك الاتفاقيات والتفاهمات المُهينة، ويضعها تحت أقدامه، وذلك في أقرب الأوقات بإذن الله، وإن غدا لناظره لقريب.
/إيطاليا

Advertisement
  1. عادل يقول

    ما كان يمكن أبدا أن يكون هناك تطبيع أو سلام مع الكيان الصهيوني لو أن الدول المطبعة حاليا كانت دولا ديمقراطية يحكم فيها الشعب نفسه بنفسه و يتخذ قراراته بنفسه بكل سيادية و استقلال. الدول المطبعة هي كلها دول دكتاتورية لا تعير شعوبها أي قيمة و تعتبرها ممتلكات شخصية. و لو كان الكيان الصهيوني ديمقراطية كما يدعي، لما طبع أبدا مع هذه الدول، لأن التطبيع حاليا فهو فقط بين أنظمة الكيان الصهيوني و الأنظمة الدكتاتورية المطبعة أصلا مع الخيانة، و ليس مع شعوب تلك الدول التي ترفض رفضا باتا أي علاقة مع كيان إرهابي ارتكب العديد من الفظاعات في حق الفلسطينيين و غيرهم. هل الدول التي كانت سباقة للتطبيع مع الكيان الصهيوني على رأسها مصر استفادت أي شيء من هذا التطبيع؟. لا شيء. كلها دول متخلفة غارقة في الجهل و المديونية و تعيش على التسول و لم يستفد من التطبيع سوى الأنظمة الحاكمة التي تجثم على صدر الشعوب العربية المستضعفة التي تستنزف ثرواتها و يشرد أبناءها في العالم. و سأكررها مرة أخرى. إذا كانت الصحراء الغربية فعلا مغربية و الدولة لديها ما يثبت ذلك، فلماذا الجري وراء انتزاع الإعتراف بمغربيتها سواء بالتطبيع مع الكيان الصهيوني أو شراء ذمم المسؤولين أو خدمات اللوبيات و رجال السياسة و الإعلام و حتى من يعملون في الرياضة و الفن؟. هذا يجعلنا نقف أمام حقيقة ساطعة و هي أن النظام الحاكم يستخدم قضية الصحراء كذريعة لتمرير كل القرارات التي تخدم مصالح النظام و تسيء لمصالح الشعب المغربي. ورقة لإسكات أي صوت معارض و اتهامه بتهم جاهزة من الإنفصال و الخيانة، في حين أن الملك نفسه يعترف و بظهير منشور بالجريدة الرسمية بالجمهورية الصحراوية. هل العثماني و بن كيران و غيرهما لا يعرفون هذه الحقائق؟. بلى، و لكن الخوف على مصالحهم و امتيازاتهم، أي متاع الدنيا الفانية، يجعلهم يسجدون للشيطان نفسه غير آبهين بتبعات أفعالهم. طبعا مزبلة التاريخ في انتظار كل هؤلاء الذين كرسوا حياتهم للنفاق و الخنوع طمعا في عرض الدنيا، متناسين أن الموت بكرامة و شرف أفضل مليار مرة من حياة ذل و خنوع و لو دامت ألف عام.

  2. عادل يقول

    منذ أيام وضعت تعليقا حول هذا المقال و لكنكم لم تنشروه، لأنه كما يقال الحقيقة وحدها هي التي تجرح. التعليق بالمناسبة لم يكن يتضمن لا سبا و لا قذفا و لا دعوة للعنف، فقط حقائق يمكن لأي واحد أن يعاينها على أرض الواقع. لهذا أقول لكم بأن الموقع الذي يمارس الرقابة على التعاليق هو موقع لا يؤمن أصحابه بحرية الرأي و التعبير و غالبا ما يكون في خدمة أسياد يفكر دائما في إرضائهم. لهذا لن أقوم بزيارة هذا الموقع مجددا و ألغي اشتراكي أيضا من قناة إدريس فرحان الذي لا يختلف في شيء عن حميد المهداوي. إما الواحد يقول كلمة الحق و ينيش على الحلوف كيف ما قال السكاكي الملقب بمول الكاسكيطة أو يسد الدلقوش ديالو و يدير موقع و قناة ديال فن الطبخ أو الخبير، لأن الرجولة هي إما تقول كلمة حق و لو على نفسك أو تسد الدلقوش ديالك، لأنني لا أومن بما يسمى الخطوط الحمراء. كل من يضع خطوطا حمراء يوجد في داخله دكتاتور مريض نفسيا. شخصيا أرحب بكل من ينتقدني أو يظهر لي عيوبي و أخطائي، و لا أضع خطوطا حمراء حتى بالنسبة لمن يريد أن يشتمني أو يسخر مني. عندما يعرف المرء نفسه و قدره لا يهمه ما يقوله الآخرون. فقط الخائفون من الحقيقة و الحق و أن تسقط ورقة التوت عنهم، هم من يمارسون الرقابة و يمنعون الأصوات من التعبير بكل حرية. الموقع الناجح هو الموقع الذي لا يمارس الرقابة على أي زائر و يكون فضاء للتعبير الحر في وقت كثرت فيه كل أشكال الرقابة. لكن كما قال الله تعالى و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا. حتى منع تعليق سيكون مكتوبا في الكتاب. لا شك أن كثيرين لا يعرفون ما هو الحساب. حتى هذا الإحتجاج على عدم نشر تعليقي مكتوب أيضا. ألم يقل الله مخبرا عن المجرمين، مال هذا الكتاب لا يغادر كبيرة و لا صغيرة إلا أحصاها؟. نعم مجرد منع تعليق، حجب كلمة حق، مكتوبة في الكتاب. هنيئا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.