ناشط حقوقي وطني ودولي ..
لا ریب أن كل مغربي له الحق في التطبیب، وهذا أمر مكفول له دستوریا، ولا أحد یملك الصفة لنزع هذا الحق من أي مواطن كیما كان نوعه، وكما یعرف الجمیع أن التطبیب إجراء لابد منه، ولا یمكن الإستغناء عنه، لأن من طبیعة البشرخلق ضعیفا في الأصل، لهذا فعند وجود مضاعفات أو شيء من هذا القبیل فالملجئ هو زیارة الطبیب، إلا أن المنظومة الصحیة في المغرب قسمت إلى قسمین : مؤسسات طبیة تابعة للدولة، ومؤسسات طبیة في القطاع الخاص، لكن التساؤلات التي تطرح نفسها هنا هي كالآتي: ما الفرق بین كلا المؤسستین ؟ وما ممیزات كل مؤسسة ؟ هذه الأسئلة وغیرها
سنحاول الإجابة عنها في ما سیأتي بتفصیل، مع مزج نمودج حي مع المؤسسة التي نحن بصدد سرد وقائعها.
سأفصل الكلام في ما یجري في المؤسسات العمومیة، نعم هناك في بعض المناطق مستشفیات في المستوى من حیت ما هو لوجوستیكي، أما من حیث تقدیم العمل فكارثي، تصور معي أن مستشفى سیدي إفني بحجمه وبحجم الإقلیم لا یتوفر على طبیب نفسي مداوم، لا یأتي إلى المستشفى إلا یومین فقط في الأسبوع، فمن یعاني نفسیا وتأزم وضعه في غیر الیومین الذي سیحضر منهما الطبیب فما العمل ؟ هذا ما وقع علیه مریض نفساني في هذا الأسبوع، حضر المریض والطبیب غیر موجود، إذن هذا یسمى الإستهزاء بالمواطن، ولسوء الحظ المریض في حالة مستعجلة، تكلمنا مع الإدارة
وقالوا لنا بأن الحل هو الذهاب إلى مستشفى گلمیم، وهذا ما حصل، وعند وصولنا إلى المستشفى حوالي الواحدة زوالا ودخلنا المستشفى عبر سیارة الإسعاف، وقدمنا ملف المریض للبواب مع الساعة الواحدة ونصف بعد الظهر، وقال لنا بالحرف: إن الطبیبة المكلفة بالطب النفسي غیر موجودة الآن، وقال : سأتصل معها بمكالة هاتفیة لتحضر، قلنا لا بأس، مرت ساعة والطبیبة لم تأت، مرت ساعة أخرى نفس الشيء، قمنا بالتحدث مع البواب مرة أخرى، قال لنا: إتصلت معها ولم تجبن. أكثر من أربع ساعات ونحن في المستشفى والمریض في الإسعاف ولا أحد یحرك ساكنا والغریب في الأمر أن
ما سیتم فعله هو منح ورقة للمریض تثبت مرضه لیرقد في مستشفى الحسن الأول في مدینة تزنیت لیس إلا، تصور معي أننا في صراع مع هذه الورقة منذ الساعة الثامنة صباحا إلى الساعة الخامسة مساء، هل هذا عمل ؟ هل هذا یستحق التبجیح كما نراه في الاعلام المخزني الیوم ؟ هل هذا نسمیه مغرب المؤسسات، البلد الذي یعتبر المواطن مجرد كرة قدم، هذا یرسلك إلى هذا والآخر یرسلك الى الآخر، إذن قطاع الصحة في المغرب كارتي ویتخبط في دهالیز الإنحطاط، ونحمل المسؤولیة لجمیع رجال الصحة وجمیع أجهزة الدولة.
أما كوارث قطاع الخاص فلا تعد ولا تحصى، لأن أولا من یقوم بإنشاء مؤسسة صحیة خاصة هو : ذاك الطبیب الذي یعمل في القطاع العام، وحولوا هذه المهنة إلى تجارة، أغلب الأطباء یعملون في القطاع العام لكن لا یحضرون في هذا القطاع لتأدیة واجبهم المهني، ولا یهمهم سوى جمع كم هائل من الأموال، والدلیل إجراءهم لعملیات جراحیة بأثمنة باهضة جدا، ولا یتعاملون بالانسانیة، تصور معي أن أحد مرضى السرطان لدیه عملیة مستعجلة لإستئصال ورم سرطاني في البطن، وبعد ذهابه الى القطاع الخاص-لكنینیك- لیستفسر في الأمر إتفقوا معه على أن مقابل العملیة الجراحیة هو ثلاث ملایین سنتیم، قبل المریض هذا السعر نظرا لحالته الإستعجالیة، وبعد أن أجریت له العملیة وتماثل
للشفاء، وبعد مرور مدة معینة، أحس المریض بألم في نفس المكان، قام بزیارة طبیب آخر وقال له : لدیك ورم سرطاني وأجریت له العملیة لكن الطبیب الجراح لم یقم بإستئصال الورم بنسبة 100 %هذه الفعلة التي فعلها هدفه أن تقوم بتتبع حالتك لدیه فقط، فكل زیارة له ستؤدي حوالى 2500 درهم كما سیقوم ببیع الدواء لك في نفس العیادة، إذن أنت زبونه الدائم، كما قال له من الممكن أن یستئصل هذا الطبیب الورم وتعیش حیاتك عادیة جدا بدون مزایدات اخرى وبدون أن تكون مضطرا أن تتعالج الیوم بأدویة كمیائیة – الشمیو- ولا أي شيء من هذا القبیل، كما قال له بأن النسبة المتبقیة من الورم حوالي 25 ،%هذه الأحداث وقع في مدیتة أكادیر مع طبیب له عیادة خاصة ویشتغل في القطاع العام، إذن هل
التطبیب في متناول الجمیع في المغرب، بالطبع لا، فقطاع الصحة فاشل بكل ما تحمله المعنى من دلالة، وأصبح هذا القطاع یتطلب أموالا باهضة، نعم قامت الدولة بإنشاء بطاقة رمید للمعوزین، لكن إدارة المؤسسات الإستشفائیة لا تعیر أي إهتمام لحامل البطاقة، إذن نفس الأسطوانة ونفس الحلقة، الرأسمالیة في تقدم كبیر والكبقة الكادحة في مهب الریح، والمسؤولون المغارب یقومون بالتطبیب في الدول الاوربیة، والموطن البسیط یعاني الویلات.