التقاعد ملف حارق تتجاذبه اقتراحات الحكومة ومطالب النقابات والمقبلين على المعاش

Advertisement

الرباط : تأجج من جديد النقاش حول ملف التقاعد وإصلاح أنظمته التي أكد تقرير حكومي سابق أنها تعاني من أزمة خانقة وصلت حد استنزاف موارده في أفق عام 2026.
هذا الموعد القريب جداً بلغة الأرقام واليوميات، شكل ناقوس خطر دق وأصم أذان المتقاعدين الحاليين والمقبلين أيضاً، ويبقى السؤال كيف السبيل لخروج الحكومة من هذا المأزق؟
بالنسبة لوزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، فقد كانت واضحة وضوح الشمس وهي تصنف ملف التقاعد ضمن «الملفات العالقة»، كما أن صناديقه تعاني من أزمة كبيرة تهدد معاشات المتقاعدين الحاليين والمستقبليين.
بمعنى أصح، صار على المتقاعد أن يفكر أكثر من مرة قبل المضي قدماً في العمر، وأن يوقف عجلة الزمن حتى لا يبلغ سن المعاش، لكن يبدو أن الحل الأول الذي أثار جدلاً كبيراً هو رفع سن التقاعد، لذلك لا مسؤولية على الموظف سوى أن ينتظر دوره في الرقم الجديد الذي حدد كسن يستحق راتب التقاعد.
الوزيرة نادية فتاح، في جلسة لمجلس المستشارين (الغرفة الثانية) للبرلمان المغربي، أول أمس الإثنين، شددت على أن ملف إصلاح منظومة التقاعد يأتي على رأس الملفات العالقة.
ولم يفت وزيرة الاقتصاد والمالية الإشارة إلى أن الحكومة بادرت إلى عقد اجتماع أولي مع النقابات الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب الذي يمثل أرباب الشركات والمقاولات، الشهر الماضي، وخلاله تمت المصادقة على منهجية والبرمجة الزمنية لأشغال لجنة إصلاح أنظمة التقاعد.
وزادت بالقول، إن الاجتماعات ستستمر في إطار اللجان للوصول إلى حلول متوافق عليها، وحددت سقفاً زمنياً لذلك يتمثل في الستة أشهر المقبلة، وذلك بهدف مواجهة أزمة صناديق التقاعد.
وشكلت المقترحات التي تم تسريبها منه، جدلاً واسعاً أقام الدنيا ولم يقعدها، خاصة عندما تعلق الأمر باقتراح رفع سنة التقاعد إلى 65 عاماً، مع العلم أن السن الحالي هو 63 سنة في القطاع العام وكان مثار جدل حين تم طرحه.
تبدو الصورة مشوشة جداً بالنسبة للمتقاعدين، الذين يؤكدون أنهم يتحملون تبعات هذه الأزمات، ودليلهم هو التفكير في الزيادة في السن المستحق للمعاش، بل بلغت حد التحذير من كون الأزمة الحالية قد تهدد معاشاتهم الحالية.
المقترحات المسربة لم تتعلق فقط بزيادة سنة التقاعد إلى 65 سنة، عوض 63 في القطاع العام و60 سنة في القطاع الخاص، بل كان هناك مقترح آخر يوجه بزيادة نسبة الاشتراكات في صناديق التقاعد لمواجهة أزمة نفاد احتياطياتها.
وإلى ذلك الحين يستمر النقاش، فهذه مجرد تسريبات لمقترحات فقط، قد تكون واقعاً وقد يتم تجاوزها إلى اقتراحات توافقية بين جميع الشركاء في الملف وهم الحكومة والنقابات العمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب. لكن الحكومة من جهتها وعلى لسان وزيرة الاقتصاد والمالية، أكدت الشروع في تشخيص وضعية نظام التقاعد في المغرب، بهدف الوصول إلى وضع مبادئ للإصلاح وأجندته.
وبتحديد أجل ستة أشهر لإصلاح أنظمة التقاعد، تمر الحكومة إلى السرعة القصوى من أجل تدارك الأمر، وفك خيوط هذه المعضلة وإعادة الطمأنينة إلى نفوس المتقاعدين الحاليين والمستقبليين أيضاً، وإخراج الأنظمة الأساسية للتقاعد من وضعها المالي الصعب المتمثل أساساً في ارتفاع ديونها الضمنية ونفاد مواردها في أفق سنة 2026.
وإذا كانت الحكومة تفكر في إصلاح شمولي يقضي في البداية بإحداث نظام ثنائي القطب، عمومي وخاص، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يؤكد ضرورة اعتماد نظام وطني موحد والمضي قدماً في ذلك.
الحسبة البسيطة التي تحيل على عمق أزمة صناديق التقاعد، تتجلى في كون الموظفين الحاليين يبلغ عددهم 900 ألف، في مقابل ارتفاع عدد المتقاعدين، بمعنى انخفاض نسبة المشتركين المساهمين، في مقابل ارتفاع نسبة المستفيدين. وكشفت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي أن عدد المساهمين النشيطين في أنظمة التقاعد خلال 2020 بلغ حوالي 4.5 ملايين شخص، منهم 3.5 ملايين للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و900 ألف للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، و180 ألفاً للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد؛ إضافة إلى حوالي 4000 للأنظمة الداخلية. وشهدت صناديق التقاعد عجزاً تقنياً في وضعيتها المالية بلغ ما يناهز 10.8 مليارات درهم.
وتعود وضعية العجز في نظام المعاشات المدنية إلى سنة 2015، حين اضطرت الحكومة إلى رفع سن التقاعد إلى 63 سنة، وكان حينها موضوعاً دسماً للنقد والاحتجاج والغضب خاصة في صفوف النقابات العمالية.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.