الجزء الثاني من اللقاء الصحفي الذي أجرته هيئة تحرير جريدة ” الشروق نيوز 24 ” الإلكترونية مع موظف الشرطة أحمد آيت لمقدم حول إنتهاكات حقوق موظفي الشرطة من طرف المسؤولين بالمديرية العامة للأمن الوطني !!
الحوار من تنشيط مدير العام للجريدة الأستاذ إدريس فرحان.
– السيد أحمد آيت لمقدم مرحبا بك مرة أخرى وشكرا على قبول الدعوة لتتمة سلسة اللقاءات التي تجريها جريدة ” الشروق نيوز 24 ” الإلكترونية مع سيادتكم .
– أهلا بك أستاذ إدريس وشكرا على الإستضافة مرة أخرى .
1) – لا زال حديثنا عن خرق القانون وإنتهاكات حقوق الموظفين من طرف المسؤولين بالمديرية العامة للأمن الوطني، حبذا لو تحدثنا قليلا عن مرحلة التدريب بمراكز تكوين الشرطة والشرطيات.
بالنسبة لمرحلة التدريب، فبعد نجاح المتباري يتم استدعاؤه إلى أحد مراكز التكوين المخصصة لذلك، التابعة للمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، فالمعهد هو المركز الأم، وهناك مدارس تابعة له، منها مدرسة الشرطة ببولقنادل، ومدرسة الفوارات، ومدرسة فاس، وطنجة والعيون وربما قريبا ستفتح مدرسة في الدار البيضاء ومراكش حسب مابلغ الى علمي.
بالنسبة للمعهد فهو مخصص لضباط الشرطة وضباط الأمن وعمداء الشرطة، ومفتشي الشرطة، وللإناث بمختلف رتبهم، أما الفوارات وبولقنادل فمخصصة في نفس الوقت لحراس الأمن ومفتشي الشرطة، وباقي المدارس فهي مخصصة لحراس الأمن.
وفترة التدريب فهي متباينة على حسب الرتب بين ثمانية أشهر إلى سنتين، أما الظروف نسبيا أعتبرها جيدة، خاصة أنها تعلم الفرد كيف يعول على نفسه ولا يتوكل على غيره، فقط تتطلب القليل من الصبر خصوصا ما يتعلق بالاستيقاظ باكرا وغسل الملابس وطي فراش النوم الى غير ذلك فهنا ليس معك أمك ولا أبوك .
وكما توجد أشياء جيدة توجد أشياء سيئة في نفس الوقت ، خاصة الأكل، فالأكل سمح الله للمديرية وللقائمين على إعداد الوجبات ، لا شيئ يعجب، سيما وجبة الفطور، فهذه الوجبة لا يتوفر إلا مربى المشمش وقليل من الزبدة زبدة العباروالشاي أو القهوة كل حسب رغبته بشكل يومي كأنه لا يوجد في السوق إلا ما ذكرت، أما العشاء يتكون من الحريرة أو الصوبا، وجبنة واحدة لافاش كيري والبيض المسلوق، بيضتان فقط لكل فرد، بمعنى هم يدربون الشخص على الجوع كونه بعد التخرج ليس هناك راحة ولا أكل، سوى العبودية والأعمال الشاقة ، واللي ما عجبوا لحال لباب وسع من كتافو .
الغذاء هو الوجبة الوحيدة التي لابأس بها ، ولا يحق لأحد الإعتراض ، واللي ما عجبو حال كاع لهلا يوكلو ليه، وسبق لفوج من العمداء المتدربون في إحدى السنوات أن إعترض على الأكل وتم طردهم جميعا .
ولايسمح للمتدرب إدخال أي نوع من الأكل من خارج أسوار مؤسسة التكوين ومن ضبط يعاقب، ورغم وجود محل لبيع المواد الغذائية فليس به إلا الحليب ومشتقاته، والماء المعدني، والسردين المعلب ISABEL فقط .
لكن أثناء أي حدث وتكون وسائل الإعلام حاضرة لا ندري من أين يتساقط الأكل وكأنها موائد من السماء ومن كل مالذ وطاب.
2 ) – هههه، دائما تسخير وسائل الإعلام للدعاية والتجميل، السيد احمد، بعد اجتياز فترة التدريب كيف تتم عملية التعيين، وبعبارة أدق أيتم إرسال المتخرجون الى مدنهم أم أنهم يرسلون بعيدين؟ ، أو ما هي المعايير التي يتم الاعتماد عليها في التعيين؟؟
– سؤال جيد وفي الصميم ! التعيين يكون حسب الخصاص في كل مدينة، قد تكون إبن مدينة الرباط مثلا وتعين في الداخلة ، وقد تعين في مدينتك أو اقرب إليها، ومن حق أي موظف التقدم بطلب التبادل مع موظف آخر أو طلب الإلتحاق بمدينته أو أقرب إليها، وهذا طبعا خاضع لشروط، لكن عندما تتقدم بهذا الطلب وتمر مدة محددة لا تتلقى أي جواب بالقبول أو الرفض، ثم تعاود تقديم الطلب ولا تتلقى أي جواب ما يعني الرفض ضمنيا من المديرية العامة للأمن الوطني، وهناك من يستجاب لطلبه، غير أن الذين لا يستجاب لطلبهم خاصة الراغبين في التعيين في مدنهم يكون من بين أحد أفراد عائلتهم له
سوابق عدلية أو ينتمي إلى جماعة محظورة كجماعة العدل والإحسان، آو لا ينتمي إلى أي جماعة، غير أنه له موقف شخصي من الدولة ومؤسساتها أو من السلطة السياسية أبان عنه، أو سبق وإن شارك في نشاط سياسي مع حزب محظور أو جماعة محظورة حتى وان تخلى عن أنشطته فيما بعد، أو فقط عفا عن اللحية – بمعنى لديه لحية طويلة- رغم أن اللحية
أصبحت الآن موضة ولم تعد سنة، لأن ترك اللحية في مغربنا تدل على أن الشخص إرهابي، ولذلك الثقافة التي أصبحت في المجتمع، عندما نرى شخصا ذو لحية ما يخطر على بالنا هو انه شخص إرهابي، حتى أن الفقهاء المكلفين بالإمامة في المساجد ليست لهم لحى وكأنه من شروط العمل بوزارة الأوقاف حلق اللحى .
وبالمناسبة فكل شخص يتوفر على لحية طويلة يسجل في خانة لدى مصلحة الإستعلامات العامة ويبقى مراقبا ليل نهار حتى وإن لم يكن يحمل أية أفكارولا ينتمي إلى أي حزب سياسي أو جماعة محظورة .
وللأسباب التي ذكرت، يكون الموظف ضحية، رغم عدم وجود أي سند تستند عليه الإدارة في منع الموظف من حقه في التبادل أو الإنتقال ، وكأن الموظف إن رجع إلى مسقط رأسه سيبوح بالسر المهني إلى ذلك الشخص، وإذا ابتعد فلن يحدث ذلك، وهذا هو تفكير المسؤولين المركزيين،
إذا المذنب هو الشخص القريب والضحية هو الموظف، وهذه مجرد أساطير الأولين و ما أنزل الله بها من سلطان داخل هذه المديرية، حيث أن هذه المديرية دائما تسير ضمن الأعراف والتقاليد وتدع القوانين وراء ظهرها، والغريب في الأمر إن ابتدع مسؤول بدعة يأتي مسؤولا آخر بعده ويقر عليها أو يزيد بدعة أخرى من صنيعه وعلى حسب هواه، فكثير من الموظفين أعرفهم تقدموا بطلب الإلتحاق بمدنهم ولا يتلقون أي جواب وعندما يطلبون مدينة أقرب يستجاب إلى طلبهم لأن في مدينته أحد الأقارب يعتبر شخصا غير مرغوبا فيه .
ويحضرني هنا أن أحد الزملاء له قريب سبق وإن شارك في أحداث عرفتها جامعة مدينة فاس في التسعينيات، وألقي القبض عليه وأعتقل وأدرج في خانة المعتقلين السياسيين، ثم أفرج عنه فيما بعد ، وحسب ما أخبرني به زميلي أن قريبه لم يعد يشارك
في أي نشاط سياسي وإستقال من جميع الأنشطة، وفي كل مرة يتقدم بطلب التبادل مع موظف آخر إلى مدينته الأصلية ولا يتلقى أي جواب مطلقا، ولمدة خمس سنوات متتالية، وتقدم بطلب الإستماع لوالي الأمن ثم للمدير العام دون جدوى، فإتصل بأحد معارفه يعمل بالمديرية المركزية مستفسرا عن السبب وأخبره أن السبب هو أنشطة قريبه القديمة، ثم تقدم بطلب التبادل لمنطقة أخرى قريبة من مدينته الأصلية وأستجيب لطلبه ، وكأن المديرية تريد من الموظف أن يكون ملاك وعائلته وأقربائه ملائكة وأنبياء .
هذا من جهة، من جهة أخرى، وحتى من لم يكن من ضمن عائلته أو أقربائه من له نشاط سياسي أو له سوابق قضائية لا يستجاب لطلبه، ومع كثرة الطلبات وللحد من ذلك قام السيد المدير العام وكما هو معهود من المديرية التي تتقن فن خرق القانون والشطط في إستعمال السلطة، بإرسال دورية الى جميع المراكز يلزم فيها مقدمي الطلبات بتبرير مكتوب لطلبهم، مما وقف حجر عثرة أمام العديد من الموظفين ورفض طلباتهم، لكن ومع حادثة فرار الموظفين في السنة السابقة وكثرة الإستقالات،
أصبح يستجاب لهذه الطلبات وبشكل فوري، ولذلك أنا أعتبر هذه الحادثة ليس كما سماها البعض الهروب من بيت الطاعة، ولكن الهروب من جحيم الاستعباد ومن وظيفة يخرق مسؤولوها القانون ويدعون الإحترام الصارم له، وهي بمثابة ثورة أحدثت زوبعة داخل هذه المديرية، مما جعل مسؤولوها يفطنون أن الأمور ليست على الطريق الصحيح .
3 ) – على ذكر حادثة الهروب والإستقالات، وبعد توصل ولاة الأمن بالمذكرة التي تدعوهم إلى العناية بالموظفين، هل قلت نسبة الإستقالات أم لا تزال في إرتفاع برأيك ؟
كما قلت في اللقاء السابق، منذ توصل ولاة الأمن بالبرقية المعروفة، الحال هو نفسه، قبل وبعد التوصل بالبرقية، وكما قلت إن هذه المذكرة ليست إلا ذر الرماد في العيون، أما فيما يخص نسبة الإستقالات فهي في إرتفاع بشكل مستمر، رغم التعتيم الذي
تمارسها المديرية وشح المعطيات في هذا الشأن، لكن لدينا زملاء بالمديرية المركزية تلقينا منهم معلومات أن نسبة الإستقالات في تزايد، وأخبرونا أن الإستقالة لا من الموظفين الجدد كما يروج، على إعتبار انه ليست لهم القدرة على تحمل إكراهات المهنة الشرطية والإلتزامات التي تفرضها، بل وحتى من القدامى ومنهم من هو أقدم من المدير العام نفسه .
4 ) – الإستقالات أمر طبيعي وهو أمر جار به العمل في جميع الوظائف، ألا ترى أنكم تضخمون الأمور أكثر، فقد إستقال أطباء ومهندسون وكوادر في الدولة فلماذا كل هذه البهرجة ؟
أستاذي الكريم، ليس هناك أية وظيفة لا تعاني من إكراهات، ولا يعاني موظفوها سواء في القطاع العام أو الخاص، وإستغلال الإجازة السنوية لقضائها خارج أرض الوطن من طرف الموظف العمومي والمكوث حيث توجه ليس بجديد، وقد حدث هذا في صفوف رجال التعليم مرارا والأطباء، وحسب علمي موظفة بجماعة الحاجب سافرت الى إحدى الدول الأوربية للمشاركة في لقاء تواصلي ومكثت هناك واتصلت برئيس الجماعة وأخبرته بقرار عدم الرغبة في العودة، وآخر بجماعة المضيق حسب ما قرأت على إحدى الجرائد سافر رفقة أبنائه الى اسبانيا في إجازة وإختار الإستقرار هناك ولم يعد، هذه وظائف لها نقابات تدافع عنها وعن حقوقها، وبها امتيازات، فما بالك بوظيفة كالأمن ليس من يدافع عن موظفيها من التعسف والقهر والحرمان من الحقوق والعقوبات لأبسط الأسباب، ولغة التهديد والوعيد والترهيب هي لغة التواصل واللغة الرسمية التي ينطق بها جميع المسؤولين والتي تكتب بها مذكرات وبرقيات المدير العام، فكيف لا تريد أن يحدث مثل ماحدث ؟
على ذكر وظيفة الأمن، أمر آخر قد لا يصل إلى علمك، الإستقالات والفرار حتى في صفوف باقي القوات العمومية، بما في ذلك الدرك والقوات المساعدة، والقوات المسلحة، وهذه المهن لها قانون خاص أي قانون عسكري ولا تندرج ضمن الوظيفة العمومية، وما إن يرغب احد أفرادها بالاستقالة فقد يعتبر ذلك خيانة ولا بد أن يقضي عقوبة حبسية، وإذا قام بالفرار، أي لم يعد يحضر الى العمل، تصدر في حقه مذكرة بحث تلقائيا، وحينما يلقى عليه القبض يسجن مباشرة، وهذا ما يسعى إلى تطبيقه
المدير العام، فهو يريد أن يستأصل مهنة الشرطة من الوظيفة العمومية، ويسن قوانين مثل المؤسسة العسكرية حيث ما إن يفكر موظف بالإستقالة يسجن أولا حينها تتم إقالته.
5 ) – إذا المؤسسة العسكرية بدورها تحدث عمليات الفرار والإستقالات؟؟
نعم في المؤسسة العسكرية ترتفع هذه الظاهرة ، ولم أكن أعلم بهذا إلا بعد أن إشتغلت ضمن صفوف هذه المديرية، وكنت ذات مرة مؤمن للديمومة وأحضرت أمامي العناصر المؤمنة للقطاع الخارجي شخص مبحوث عنه من طرف الدرك الملكي بسبب الفرار من الجندية، وهو من حكى لي كل هذا ، وأخبرني أنه كان ضمن صفوف القوات المساعدة وبسبب الضغوطات لم يعد يحضر الى العمل
وأصدرت في حقه مذكرة بحث وطنية .
6 ) – ولكن ظروف العمل هي نفسها التي كانت منذ تأسيس المديرية العامة للأمن الوطني؟؟
الظروف هي نفسها، لكن بما أن المديرية تدعي الحداثة، فكل شيء ينبغي أن يكون حديثا حتى التعامل مع الموظفين يجب أن يتغير، وهنا نقطة مهمة موظف الخمسينات والستينات والتسعينات ليس هو موظف القرن واحد والعشرون، كل شيء تغير، عقلية الإنسان تغيرت، في السابق قد تضرب الموظف بالعصا ولا يتكلم، أما الآن بمجرد أن يتعرض لضغوطات يقدم إستقالته ويقول لك الرزق على الله ، لذلك موظف الشرطة الآن لم يعد يعتبر هذه الوظيفة مهنة للإستقرار وبناء أسرة وبناء أو إقتناء مسكن إلى غير ذلك، فكل موظف يعتبر هذه الوظيفة مكان للإحتماء من العطالة مع الإستمرارية في البحث عما هو أفضل، وعلى ذكر تقديم الإستقالة بمجرد التعرض لضغوطات، أعرف موظف إشتغل من الساعة الواحدة زوالا إلى التاسعة مساء، ولم يبقى لعيد الأضحى إلا بضعة أيام، وفي نفس اليوم أرسلت برقية من المديرية المركزية حول تعيين عناصر شرطية وإرسالها لإحدى المدن بسبب زيارة ملكية، ومع وصول هذا الموظف منزله تلقى إتصالا من الكتابة انه ضمن البعثة وعليه الحضور في اليوم الموالي على الساعة السادسة صباحا وهو وقت إنطلاق الحافلة، في الحين رجع الموظف وأحضر معه إستقالته في يده .
وخمسة موظفين يعملون في الحماية من بين الذين تم استدعاؤهم للحضور لتأمين مباراة كرة القدم بعد نهاية عملهم بأربع ساعات، قدموا إستقالتهم على الفور ودون كلام، وحديثي التخرج لم يتجاوزا السنة .
هذا جيل أحييه صراحة، لأنه يعلم أن ما يروج له في وسائل الإعلام هو مجرد إفتراء وبهتان، والمديرية العامة أصبحت تقدم الموظف قربانا لتلميع صورتها وتبرير فشلها .
7 ) – سيد أحمد، ألا ترون أن المدير العام لا يرغب إلا إصلاح هذه المديرية ؟ ، ولا يعمل إلا بتوجهات ملك البلاد الرامية إلى تحديث المديرية العامة للأمن الوطني وتخليق المرفق الشرطي والقطع مع التجاوزات التي كانت في عهد الراحل إدريس البصري ؟
سؤال في المستوى وأشكرك عليه ! أنا لم أعاصر فترة إدريس البصري ولا المدراء الذين بعده، ولست شاهدا على تلك التجاوزات، فقط سمعت بها من طرف الذين عملوا وعاصروا فترته وأشهدوا عليها، لكن الحديث عن تحديث أو عصرنة هذه المديرية وتخليق المرفق الشرطي كما تفضلت، كلنا وكأي مواطن مع هذه التوجهات، والتخليق لا يكون في كثرة العقوبات، وكثرة المهام وإستعباد الموظفين، تخليق المرفق الشرطي يكون بإعطاء الحقوق موازاة مع الإلزام بالقيام بالواجبات، وليس
التباهي أمام الإعلام بتخليق المرفق الشرطي والتباهي بإنزال العقوبات على الموظفين لحرمانهم من الترقية وسياسة التقشف في توفير الأجهزة ومعدات العمل، بالمناسبة هناك دورية مديرية تلزم الموظفين خاصة بالدوائر الأمنية والشرطة القضائية، بقضاء أغراض المواطنين القادمين لتقديم شكاية أو الحصول على أية وثيقة ولو خارج وقت العمل العادي، مثلا اشتغلت من الساعة الثامنة والنصف إلى غاية الرابعة والنصف وهو التوقيت الإداري، ثم فجأة حضر مواطن لتقديم شكاية، فليس من حقي وحسب المذكرة أن أطلب منه الانصراف والعودة في اليوم الموالي، أو أطلب منه التوجه الى الدائرة المداومة، ويلزم علي أن أقوم بالمطلوب، أو أتهم بعدم حسن إستقبال مرتفق وأعاقب .
ومن جاب آخر، إذا حضر مواطن لتقديم شكاية وليس ضمن نفوذ الدائرة التي أعمل بها، لا ينبغي أن أطلب منه التوجه إلى دائرة الإختصاص وإنما أقله متن سيارة المصلحة الى الدائرة المختصة .
وبيت القصيد من هذا، أنه أحيانا يكون في العمل شخصين فقط ، ضابطا للشرطة القضائية ومساعد، وأمامهما جم غفير من المواطنين والأشخاص الموقوفين، لكن المدير العام لا ينظر إلى هذا، ولا ينظر
إلى قلة الحصيص، وإنما ينظر إلى ما يلمع صورته أمام الإعلام، وأكثرية الدوائر الأمنية تعمل بنظام 3/8 نظرا لقلة الحصيص، إلا في بعض المدن الكبرى، من يعملون بنظام 4/8، وإذا غاب موظف في إجازة أو شيء من هذا القبيل يعود العمل بنظام 3/8 إلى أن يعود، بمعنى قلة اليد العاملة وكثرة المهام وهزالة الأجرة وإلى ماعجبك الحال نطح راسك مع الحيط ، وأحيانا يبقى الموظف صائما دون أكل ولا شرب بسبب كثرة المهام، وإن أخذ فقط خمس دقائق وتوجه ليسد رمقه، الهاتف لا ينقطع عن الرن ، ولذلك أي موظف عوقب في أي مصلحة كان، يرسل الى الدائرة كعقاب مضاف للعقوبة الإدارية، ويرسل إلى الدائرة التي تعرف كثرة الجرائم، حيث في كل مدينة دائرة للشرطة بها نقطة سوداء.
وكل موظف يعمل بمصلحة أخرى غير الدائرة، يبتز من طرف الرئيس، إما أن تفعل كذا أو أرسلك إلى الدائرة حتى وان كانت التعليمات خارج إطار القانون، إذا فإما أن يستجيب الموظف الى رغبات الرئيس المباشر أو يرسل للعمل في الدائرة، ومن طبيعة الحال الرئيس له كامل الصلاحية، فيختلق تهمة ويتم إرسال الموظف إلى الدائرة ظلما وعدوانا .
ونقطة مهمة ينبغي التطرق إليها، أن فترة إدريس البصري رحمه الله عرفت مجموعة من التجاوزات حتى أنها أصبحت توصف بسنوات الجمر و الرصاص، وذلك بسياسة إختطاف وقتل المعارضين والاعتقال التعسفي، الى غير ذلك، بيد أن هذا لا يزال الى اليوم، غير انه بطريقة غير مباشرة، فالمعارض في ذلك الزمان كان يوصف أنه معارض ويعتقل على هذا المنوال ويسمى معتقلا سياسيا، وحتى الصحفيون يعتقلون على منوالهم هذا، أما الآن لم يعد الأمر كذلك، فإما أن تلفق له تهمة الإغتصاب الجنسي أوالإتجار في البشر ، أو غسيل الأموال أو الإتجار الدولي في المخدرات، أو التآمر ضد أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، ( وأنت أستاذ إدريس متهم بهذه التهمة ) إلى غير ذلك من التهم الثقيلة، سواء كان معارضا أو صحفيا ، وهذا ماحدث مع الصحفي توفيق بوعشرين، وسليمان الريسوني وعمر الراضي، والمحامي زيان، ومع ناصر الزفزافي الذي لم يطالب إلا بجامعة للدراسة ومستشفى للتطبيب وأتهم بالخيانة للوطن والتحريض على الفوضى والتآمر ضد أمن الدولة، وهو الآن يقضي عقوبة سجنية مدتها عشرون سنة ظلما وعدوانا، ولا يلزمنا أن نقول أن ناصر الزفزافي سيغادر أسوار السجن حيا بعد إنصرام مدة إعتقاله، بل إما أن تتم تصفيته داخل السجن قبيل إنصرام المدة، بدعوى قضى نحبه بسبب أزمة قلبية، أو يتم حقنه بمادة تصيبه بالشلل فلا يعد يقوى على الحركة والكلام .
وخلاصة القول من هذه الفكرة ، أن كلا من زمن إدريس البصري وزمن الحموشي وجهين لعملة واحدة، لكن كل واحد لديه طريقته الخاصة في التعامل مع المعارضين .
أشكرك جزيل الشكر السيد أحمد آيت لمقدم على كل هذه التوضيحات، ونلتقي في فرصة قادمة بحول الله.
أشكرك جزيل الشكر أستاذ إدريس .