الجزائر تتهم المغرب بمحاولة الإضرار بعلاقاتها مع السعودية… ولقاء بين تبون وبن سلمان في الأفق

Advertisement

الجزائر: أكدت الجزائر على مرتين، في ظرف أسبوع، رفضها أي وساطة مع المغرب، وذلك بعد إثارة هذا الموضوع مجدداً على خلفية زيارة وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، للبلاد. وتنطلق الجزائر في موقفها مما تعتبره “مسؤولية المغرب الكاملة فيما وصلت إليه العلاقات بين البلدين من تدهور”، ما يجعل الوساطة حسبها “غير ممكنة لا اليوم ولا غداً”.
تعدى إثارة موضوع الوساطة هذه المرة مسألة النفي المعتادة، إلى اتهام جزائري صريح للمغرب بمحاولة الإضرار بعلاقات البلاد مع المملكة العربية السعودية. وقال مصدر دبلوماسي جزائري، عبر وكالة الأنباء الرسمية، إن المغرب يريد “رهن” العلاقات الثنائية الجزائرية السعودية من خلال نشر أخبار كاذبة حول هذا الموضوع. وأوضح ذات المصدر أن “منشوراً ترعاه استخبارات بلد مجاور (المغرب)، جعل الكذب المرضي المغربي يطفو مرة أخرى إلى السطح بخصوص جدول أعمال أحيك من نسج الخيال ليتم ربطه بالمحادثات التي أجراها وزير الشؤون الخارجية السعودي مع مسؤولين جزائريين في محاولة يائسة تهدف إلى رهن العلاقات الثنائية الجزائرية السعودية”.
وأضاف أنه “من خلال التأكيد وبإلحاح على أن جهود وساطة سعودية شكلت موضوع محادثات بين الطرفين، فإن هذا المنشور مجرد حاضنة لأخبار كاذبة يسعى إلى جعل رغبات أصحابه حقيقة. فعلاوة على أنه لم يتم التطرق بتاتاً إلى العلاقات بين الجزائر والمغرب خلال تلك المحادثات، فقد تم التأكيد مجدداً على الموقف الرسمي الجزائري الواضح جداً بخصوص أي مبادرة للوساطة مهما كانت طبيعتها”. وبحسب المصدر الدبلوماسي، يعود الرفض الجزائري لأي وساطة إلى أن “الأسباب التي أدت إلى قطع العلاقات (مع المغرب) لم تتغير وموقف الجزائر بهذا الخصوص لن يتغير أيضاً، وعليه فلا مجال لأي مبادرة باعتبار أن الأمر يتعلق بقرار سيادي مؤسس ومبرر بالمسؤولية التامة والكاملة للمغرب في تدهور علاقاتنا الثنائية”.
وخارج موضوع المغرب “المنتهي” بالنسبة للجزائر، يقول المصدر الرسمي إن زيارة وزير الخارجية السعودي كانت مناسبة لاستعراض “المجالات واسعة للعلاقات بالنظر إلى الحوار الاستراتيجي الطموح القائم بين البلدين اللذين يتمتعان بثقل كبير في المنطقة وعلى مستوى الهيئات العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز، وضمن إطار تعاون آخر يتمثل في منظمة أوبك يشكل هو الآخر جانباً هاماً في العلاقة الشاملة التي تجمع بين الجزائر والسعودية”.
وكشف المصدر عن زيارة مرتقبة للجزائر ينوي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، القيام بها إلى الجزائر، لافتاً إلى أن “العلاقات الثنائية جوهرية وكلا الجانبين حريص على تطويرها واستغلال جميع الإمكانيات التي يزخر بها البلدان، لا سيما من خلال عقد لقاءات منتظمة رفيعة المستوى”. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد اختار السعودية كأول وجهة عربية له، في فبراير/شباط الماضي، في زيارة أعادت الانتعاش لمحور الجزائر الرياض الذي أصابه الفتور في السنوات الأخيرة بسبب تباين المواقف من قضايا عربية كاليمن ولبنان (تحفظ الجزائر على تصنيف حزب الله منظمة إرهابية) وبقاء الجزائر على الحياد في الأزمة بين السعودية وقطر.
وحالياً، يوجد تنسيق جزائري سعودي لإنجاح القمة العربية المنتظرة في الجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وفق ما ذكره الدبلوماسي الجزائري الذي أبرز من جانب آخر، أن دعم السعودية لترشح الجزائر لنيل مقعد كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي “يعبر عن ثقة المملكة التي تعتبر أن الجزائر ستكون فاعلاً هاماً في دعم الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي”.
ويأتي حديث المصدر الدبلوماسي الجزائري، عقب نشر مواقع تعتبرها الجزائر تابعة للمخابرات المغربية، معلومات حول إدراج ملف الوساطة ضمن أجندة وزير الخارجية السعودي. وجاء هذا التصريح ليستفيض أكثر في هذه المسألة، بعد تصريح وزير الخارجية رمطان لعمامرة يومين قبل ذلك، أن موضوع قطع العلاقات مع المغرب لا يحتمل أي وساطات. وأغلق الوزير الجزائري الباب كلياً حول هذا الموضوع، قائلاً: “لا توجد وساطة لا بالأمس ولا اليوم ولا غداً”، لوجود “أسباب قوية تُحمّل الطرف الذي أوصل العلاقات إلى هذا المستوى السيئ المسؤولية كاملة غير منقوصة”.
ويعود الحديث في كل مرة عن وساطة سعودية بين الجزائر والمغرب إلى سابقة تاريخية استطاع فيها الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز بفعل علاقاته القوية مع الراحلين الشاذلي بن جديد والحسن الثاني، ترميم العلاقات بين البلدين سنة 1988، بعد قطيعة استمرت 12 سنة بسبب اعتراف الجزائر بالجمهورية الصحراوية سنة 1976. لكن الجزائر اليوم وفق ما قاله مصدر دبلوماسي في سبتمبر/أيلول الماضي، تعقيباً على أحاديث الوساطة، “ليست مستعدة أبداً لتكرار سيناريو يوليو/تموز 1988”.
ومنذ قطع العلاقات بين البلدين في 24 أغسطس/آب 2021، لم يتوقف الحديث عن وساطات محتملة تارة من دول عربية كالسعودية والكويت وموريتانيا وتارة من منظمات إقليمية كالجامعة العربية التي حاولت إدراج هذا الملف في اجتماع وزراء الخارجية العرب في مارس/آذار الماضي في مارس/آذار الماضي، لكن كل ذلك اصطدم برفض جزائري صارم.
وتعتقد الجزائر من خلال استقراء مبرراتها أن فكرة الوساطة تجعلها على قدم المساواة مع المغرب في قضية المتسبب في الخصومة، وبالتالي تجاهل “الأعمال العدائية” التي بررت بها قطع العلاقات بين البلدين والتي وردت في بيان رئاسي تلاه وزير الخارجية لعمامرة عند إعلانه قطع العلاقات. وهذه الأعمال العدائية وفق البيان الجزائري “تستمر من سنة 1963 التي شن فيها المغرب حرباً على الجزائر للاستيلاء على أراض جزائرية”، إلى “فضيحة بيغاسوس في التجسس على هواتف مسؤولين جزائريين، إلى “قيام دبلوماسي مغربي بالحديث عن “حق تقرير المصير لشعب القبائل الشجاع”، إلى “جعل المغرب قاعدة خلفية لتصريحات إسرائيلية عدائية على الجزائر بعد تطبيع العلاقات بينهما”.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.