الجزائر: تنديد سياسي واسع بموقف إسبانيا الجديد من القضية الصحراوية وأطراف ترى أنه يضع مستقبل العلاقات بين البلدين على المحك..

Advertisement

الشروق نيوز 24 / متابعة.

لم تتوقف في الجزائر ردود الفعل الحزبية والرسمية المنددة بالتحول الإسباني في قضية الصحراء الغربية نحو دعم مقترح الحكم الذاتي، في وقت ظهرت تفسيرات لدبلوماسيين ومحللين، حول الأسباب العميقة التي تكون قد دفعت إسبانيا لهذا القرار وتأثير ذلك على العلاقات مع الجزائر.
مهّد موقف السلطات العليا باستدعاء السفير الجزائري في مدريد، الباب أمام ردود فعل من أحزاب في السلطة وحتى المعارضة منددة بالقرار الإسباني الذي ذهب البعض حد وصفه بـ”الخيانة” بالنظر إلى مسؤولية هذا البلد التاريخية كونه كان القوة المديرة للصحراء الغربية في فترة الاحتلال الأوربي للمغرب العربي. وفتح حزب جبهة التحرير الوطني باب التنديد، معتبراً أن “موقف السلطات الإسبانية الذي كان في السابق ملتزماً بالحياد وداعماً لحل سياسي عادل تحت إشراف الأمم المتحدة، أصبح يتعارض حسبه بصفة مطلقة مع قرارات الشرعية الدولية”. وأشار إلى أن “هذا الموقف الغريب لإسبانيا يعد خيانة تاريخية كما أنه بعيد كل البعد عن الجدية والواقعية والمصداقية”.
و استنكرت حركة البناء الوطني التي تنتمي للتيار الإسلامي وتشارك في الحكومة، ما وصفته بالموقف المنحاز واللاموضوعي للحكومة الإسبانية الحالية والمتناقض مع الشرعية الدولية، واعتبره تراجعاً صريحاً لإسبانيا، كمستعمر سابق للصحراء الغربية، عن التزاماتها التاريخية.
وفي جانب المعارضة، علقت حركة مجتمع السلم بالقول إنها “تعتبر مبدأ تقرير المصير في قضية الصحراء الغربية مبدأ ثابتاً لا تزيله التطورات الدولية، وأن المستقبل الآمن الزاهر والعادل للدول المغاربية سيكون بالنسبة لها، ضمن مشروع المغرب العربي، وأن الاستقواء بالأعداء والاعتماد على التدخلات الخارجية لن يزيد المنطقة إلا تأزماً”.
وفي أول تحليل دبلوماسي لتداعيات القرار الإسباني، قال عبد العزيز رحابي السفير الجزائري السابق في مدريد، إن هذا التحول يمثل قطيعة في إسبانيا مع بنية علاقاتها السابقة مع دول شمال إفريقيا.
وكتب في تدوينة في صفحته على فيسبوك أن القطيعة الأولى تتمثل في نهاية الإجماع الاجتماعي والسياسي الداخلي في إسبانيا والذي تم تشكيله لمدة 47 عاماً حول المسؤولية التاريخية لإسبانيا الجنرال فرانكو في التخلي عن الساقية الحمراء وواد الذهب والتزام إسبانيا الديمقراطية بدعم تقرير مصير الشعب الصحراوي دون تفضيل لا للحكم الذاتي ولا الاستقلال”.
وقرأ وزير الاتصال السابق في هذا الموقف، سعياً من إسبانيا للحصول على تأمين حول السيادة الترابية لمدينتي سبتة ومليلية، مشيراً إلى أن ذلك يعني “رفع ابتزاز تدفقات الهجرة المنظمة والضائقة الإنسانية، إلى مرتبة السلاح الدبلوماسي المفضل في العلاقات بين الدول”، على حد وصفه. وأبرز رحابي أن “إسبانيا بفعل قراراتها ستفقد التوازن في المصالح الدبلوماسية الذي سيؤثر بشكل دائم ونوعي على العلاقات الجزائرية الإسبانية التي تتميز بالثقة والاعتبار المتبادلين”، وهي التي كانت حسبه “يسمع إليها تستشار وتحترم من قبل جميع الأطراف في المنطقة، فقدت بفعل هذا الموقف مكانتها التاريخية كمحور في البحث عن حل عادل ودائم لنزاع الصحراء لتصبح صاحبة مصلحة منحازة”. وفي اعتقاد الباحث في العلاقات الدولية زين العابدين غبولي، توجد عدة أسباب تفسر رد الفعل الجزائري المندد والرافض للقرار الإسباني.
ويرى في تصريحه للـ “القدس العربي” أن الموقف الجزائري نابع من نقطتين: لم تكن هناك استشارة للجزائر قبل اتخاذ هذا القرار وعلى عكس ترامب الذي مثّل “حالة استثنائية”، كما أن الخطوة الإسبانية قد تمهّد لخطوات أخرى أمريكية، فرنسية، وأوروبية عموماً لدعم الرؤية المغربية والقطع جزماً بعدم تأسيس دولة صحراوية في المستقبل القريب ما سيقوّض، وبشدّة تأثير الجزائر على الساحة الإقليمية.
وعلى الطرف المقابل، يشير غبولي إلى أن الظروف الحالية دفعت بالحكومة الائتلافية إلى استراتيجية غير مفصّلة ولكن تميل إلى الطرح المغربي لأسباب متعلقة بالأمن الإقليمي بما في ذلك أزمة المهاجرين والحاجة للغاز الطبيعي، مضيفاً أن “مدريد تريد ربح مزيد من الوقت، إلا أن الأمر الأكيد أن المنطقة على موعد مع اشتداد الضغوط الدبلوماسية، وربما العسكرية، في الأشهر المقبلة”. وتبدو إسبانيا رغم الموقف الجزائري المستنكر مصرة على إبقاء تواصلها الطبيعي مع الجزائر. ذلك ما عكسه تصريح المتحدثة باسم الحكومة الإسبانية، إيزابيل رودريغيز، لصحيفة “لا رازون”، حيث قالت إن “علاقة مدريد ستبقى قوية مع الجزائر”، وأشارت إلى أن “هذا الأمر ضروري في ظروف عدم الاستقرار التي يعرفها العالم بسبب حرب بوتين. لأن هذه العلاقة القوية تعزّز تفاهمنا حول خط أنابيب الغاز”. كما أكدت أن وزير الخارجية الإسباني يحافظ على تواصل سلس مع الجزائر، كونها شريكاً استراتيجياً وموثوقاً لإسبانيا”.
وظهرت في اليومين الأخيرين، أخبار تفيد برفض الجزائر طلباً أمريكياً بزيادة إمدادات الغاز نحو أوروبا خلال زيارة نائبة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة، واعتبر البعض القرار الإسباني محاولة للضغط على الجزائر بسبب ذلك، لكن مصادر إعلامية جزائرية نفت نقلاً عن رسميين تلقي الجزائر أي طلب من هذا القبيل، وهو ما فهم على أن الجزائر تحاول نزع أي تبريرات تتعلق بالغاز في خلافها الدبلوماسي مع إسبانيا.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.