الجزائر ودول الخليج العربي.. هل تبدأ حقبة جديدة؟..

Advertisement

حملت زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلى دولتي قطر والكويت، إشارات قوية على أن العلاقات بين بلاده ومنطقة الخليج أخذت بعدا جديدا يجمع بين التفاهمات الدبلوماسية وتعميق المنافع الاقتصادية.
وقام تبون بزيارة دولة إلى قطر في 19 فبراير/ شباط الماضي استمرت ثلاثة أيام، وشارك في الدورة السادسة للدول المصدرة للغاز، وبعدها حل بدولة الكويت في 22 من الشهر ذاته في زيارة استمرت يومين.
وتوجت الزيارتان ببيانين ختاميين، تضمنا إشادة بمستوى “العلاقات الثنائية وتطابق المواقف والعمل على تعزيزها خاصة في المجال الاقتصادي والتجاري”.
ومنذ انتخابه رئيسا للبلاد، في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2019، زار تبون 5 بلدان حتى الآن، كلها عربية وهي السعودية وتونس ومصر وقطر والكويت.

احتفاء بالنتائج
وأبدت الجزائر احتفاء خاصا، بمخرجات جولة قطر والكويت، وحمل بيان اجتماع مجلس الوزراء المنعقد بداية الأسبوع الماضي، الكثير من عبارات الثناء ومزيدا من المعلومات عن نتائج الزيارتين خاصة في المجال الاقتصادي.
وجاء في البيان أن تبون “أعرب عن ارتياحه للمستوى المتميز الذي بلغته العلاقات الثنائية مع البلدين الشقيقين، اللذين يؤكدان باستمرار على الإرادة التي تحدوهما للرقي بالتعاون الثنائي إلى أعلى المستويات”.
وأعلن عن مشاريع اقتصادية وصفت بـ”الضخمة” مع البلدين في قطاعات استراتيجية.
وكلف تبون “الحكومة بإنشاء لجنة تحضير ومتابعة يومية لمشاريع استثمارية ضخمة، بالتنسيق مع الشركاء في دولتي القطر والكويت الشقيقتين، ضمن لجان مشتركة كبرى، في قطاعات الصناعة والفلاحة والنقل والسكن” .
وأكد الاستعدادات لبناء مستشفى عصري في بلاده بشراكة جزائريةـ قطريةـ ألمانية.
ومنذ عودته من رحلة علاجية إلى ألمانية استمرت قرابة ثلاثة أشهر بين أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وفبراير 2021، عبّر الرئيس الجزائري، عن رغبته في بناء مستشفى عصري بمواصفات عالمية، يمكن الجزائريين من مختلف رتبهم من العلاج داخل الوطن.
ولأول مرة، تتجه الجزائر لبناء مشاريع ضخمة، تعتبر القاعدة اللوجيستية للاقتصاد، كالسكة الحديدية شمال جنوب على مسافة تفوق 2200 كلم، بالشراكة مع دول من الخليج العربي، بعدما كانت كل المشاريع بهذا الحجم تؤول لصالح الشركات الصينية أو الفرنسية.
رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الجزائري سابقا، عبد القادر عبد اللاوي، اعتبر أن “الزيارة تهدف بالأساس إلى سعي الجزائر الجديدة إلى تفكير جديد في إقامة تحالفات جديدة مع دول الخليج العربي”.
وقال عبد اللاوي: “تحالفات ستحدد وزن العالم العربي في العلاقات الدولية، وتؤثر ولو بإجماع نسبي في سياسات الدول العظمى في القضايا الملحة الحالية والمعيقة للتوافق العربي كأزمة سوريا، واليمن، والصحراء الغربية (يتنازع عليها المغرب والبوليساريو)”.

أقوى تصريح
وبغض النظر عن ضخامة المشاريع الاقتصادية المرتقب إنجازها بين الجزائر وهاتين الدولين، أطلق تبون، تصريحات أعطت لجولته بعدا إقليميا.
وقال في لقاء مع أفراد من الجالية الجزائرية بالكويت: “بالنسبة للخليج بصفة عامة نحن في دفاع عنهم من يمسهم فقدنا مسنا، من يمس قطر، الكويت أو السعودية فكأنه مسنا نحن ولن نقبلها”.
وحرصت الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية الجزائرية بمواقع التواصل، على اقتطاع التصريح من التسجيل الكامل ونشره، ومدته دقيقة و30 ثانية.
وعلق عبد اللاوي، على التصريح بالقول: “إنه ثمرة توافق وتأمين، ويحدث لأول مرة، بين الجزائر الكويت، قطر والسعودية حول ملفات استراتيجية يصل مداها إلى التعاون والتكامل الأمني والدفاعي”.
وفي السياق، أكد المحلل السياسي سمير قط، أن “التصريح قوي ويحمل رسائل واضحة بإعادة بعث الجزائر لعلاقتها مع المشرق العربي عموما ودول الخليج خصوصا”.
وأشار قط، وهو أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بسكرة، أن كلام تبون “واضح” ويعبر عن “الموقف”، وأن الجزائر داعمة وبشكل كامل لأمن دول الخليج.
ولطالما وصفت الجزائر، بكونها تتخذ” حيادا سلبيا” من المشاكل والأزمات التي تعرفها المنطقة خاصة بعد عدم مشاركتها في “عاصفة الحزم” بحرب اليمن.
وأدانت الخارجية الجزائرية “بأشد العبارات” كل الهجمات التي طالت أراضي السعودية والإمارات والتي كان مصدرها اليمن وتعتبرها “أعمالا إرهابية”.
واعتبر قط، أن الجزائر أظهرت أنها “تقيم وزنا لدول الخليج العربي خاصة فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك”.
وقال: “يبدو جليا أن القمة العربية المقرر انعقادها في الجزائر (هذا الشهر)، كانت من أبرز الملفات التي تناولها تبون مع نظيريه القطري والكويتي، وهذا منطقي لما يملكانه رفقة باقي الدول في المنطقة من قوة التأثير داخل الجامعة العربية”.
البعد التعددي بحسب المتحدث، لا يخفي “قوة العلاقات البينية مع قطر والكويت، وتظهر مؤشرات أنها تتجه لتصبح أكثر قوة خاصة في المجالات الاقتصادية“.
ويتجلى ذلك “بعد الإعلان عن مشاريع شراكة ضخمة، في قطاعات استراتيجية تمثل البنية التحتية للبلاد”.
وأوضح أن “ذلك يعني أن الجزائر أعادت تفعيل شراكتها مع المشرق، بعدما ظلت نخب حاكمة في العهد السابق تفضل الشراكة مع فرنسا وتختلق عراقيل بيروقراطية وقانونية أمام استثمارات الخليج”.
وبحسب مراقبين، فإن ضعف التعاون الاقتصادي، خلال الفترة ذاتها نجم عنه جفاء دبلوماسي وخلافات عميقة في معالجة كثير من الملفات العربية.
وتحدث تبون في زيارته الأخيرة، عن “التطابق الكامل” و”التنسيق والتشاور”، بين بلاده وقطر والكويت حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك.

كسر شوكة فرنسا
وذهب الخبير الاقتصادي شكيب قويدري، في هذا الاتجاه، عندما أكد أن “الجولة الأخيرة للرئيس تبون كانت فرصة لتنويع الشراكات والتخلص من الأحادية الاقتصادية من حيث العلاقات والشراكات الاقتصادية مع فرنسا”.
وتابع: “الظاهر أننا نهجنا هذا النهج”.
ولطالما ساد اعتقاد أن الأفضلية التي منحت لفرنسا في حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، باعدت المسافة بين الجزائر ودول الخليج العربي، خاصة في مجال الاستثمار.
وقال قويدري، إن تبون أحسن اختيار زيارة قطر والكويت، “لأن لهما خلفية استثمارية دولية من خلال صناديق الاستثمار الدولية التي تملكانها وتجاربهما في التخصصات التي نحتاجها”.
واعتبر أن الزيارتين ومخرجاتهما “أحسن تجلٍ لمعنى الدبلوماسية الاقتصادية ممثلة في رئيس الدولة، حيث التأثير أقوى والنتائج أكبر من تحرك أي دبلوماسي أو وزير”.
وبلغ حجم التبادل الجزائري القطري 36 مليون دولار في 2020، كما تعتبر قطر أبرز مستثمر عربي في الجزائر من خلال مشاريع للحديد والصلب والاتصالات، حسب تصريحات سابقة لوزير التجارة والصناعة القطري علي الكواري.
كما زاد التبادل التجاري بين الجزائر والكويت عام 2020 على 20 مليون دولار، منها 11.37 مليون دولار صادرات جزائرية، وفق بيانات وزارة التجارة الجزائرية.

 

 

الشروق نيوز 24 / متابعة

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.