الحكومة تكتفي بالتبريرات أمام غلاء الأسعار.

Advertisement

الرباط ـ «الشروق نيوز 24» : بعد أسابيع عاش خلالها المغاربة على وقع التخبُّط بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية، ووصلت فيها أثمان المحروقات إلى أرقام غير مسبوقة، خرجت هيئة التحالف الحكومي الثلاثي في المغرب لتقول إنها «تُشيد بنجاعة الحكومة في اتخاذ وتطبيق قرار تقديم الدعم الاستثنائي المخصص لمهنيي قطاع النقل الطرقي، لأجل التخفيف من آثار ارتفاع أسعار المحروقات».
هيئة رئاسة الحكومة أكدت ضمن بيان توصلت به «الشروق نيوز 24»، أن دعم مهنيي قطاع النقل، «إجراء ضمن مجموعة من الإجراءات المستعجلة والاستثنائية التي اتخذتها الحكومة، بجرأة ومسؤولية، بغاية التقليص من حدَّة الانعكاسات الخارجية على وقع أسعار المواد الأساسية بالمغرب، وعلى رأسها تعزيز الدعم الحكومي الموجه للمواد الأساسية كالسكر وغاز البوتان والدقيق المخصص للقمح اللين والماء والكهرباء».
وأضاف البيان الصادر عقب اجتماع شهري للهيئة برئاسة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، وبحضور كل من عبد اللطيف وهبي أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة أمين عام حزب الاستقلال، ورؤساء فرق الأغلبية بمجلسي البرلمان، أن رئاسة الأغلبية الحكومية استحضرت الأحداث الخارجية والداخلية، وكذا الضغوط الاقتصادية والاجتماعية المختلفة التي تواجهها المملكة، نتيجة استفحال انعكاسات الأحداث والتوترات الدولية وتأثيرها على الوضع الدولي والوطني.
واستحضرت الهيئة السياق الدولي الصعب المُتَّسم بارتفاع الأسعار الذي أضحى ظاهرة تئن تحت وطأتها كل البلدان، وفق تعبير البيان، مُقدِّرة «جهود الحكومة في دعم العالم القروي على العديد من المستويات، لاسيما في مجال البنية التحتية ودعم مواد العلف، للتَّخفيف من حدة تأخر التساقطات المطرية التي شهدها بداية الموسم الفلاحي».
وأعربت الهيئة عن ارتياحها لشروع الحكومة في أجرأة التوجيهات الملكية المرتبطة بإعداد مخزون استراتيجي من المواد الأساسية، وضرورة تنزيل هذا الورش الملكي الاستراتيجي المهم بسرعة ونجاعة، ضماناً للسيادة الوطنية في هذا المجال، وهو الأمر الذي أظهرته أكثر من أي وقت مضى تداعيات جائحة «كوفيد 19» وتطورات الأحداث الدولية.
رشيد حموني، رئيس فريق حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، أكد أنه انتظر من هيئة رئاسة الحكومة المغربية أن تأتي بإجراءات عملية للحد من غلاء الأسعار وارتفاع أثمان المحروقات أو على الأقل تُخفف منه، إلا أنها بالمقابل خرجت لتخبر المغاربة أن للأمر علاقة بالمستجدات على المستوى الدولي وللحرب على أوكرانيا، لافتاً إلى أن هذه التبريرات ليست من صميم عمل الحكومة ولا دورها، وفق تعبير حموني متحدثاً لـ «الشروق نيوز 24».
ويرى النائب البرلماني أن «الحكومة عاجزة» عن احتواء الوضع وإيجاد حلول، وتابع: «كنا نتوقع أن يعلن أخنوش عن مرسوم يحدد أسعار المحروقات، أن يخرج بقرار لإلغاء الضريبة على الاستهلاك لمدة ستة أشهر على سبيل المثال».
وقال حموني لـ»الشروق نيوز 24»، إن الحكومة تحدثت في مجموعة من المواضيع إلا أنها لم تُشر نهائياً إلى ملف المحروقات، متسائلًا إن كان هناك نوع من التواطؤ، أو أن للأمر علاقة بتضارب المصالح.
في نظر الباحثة في العلوم السياسية أسماء مهديوي، أتى اجتماع الأغلبية الحكومية في وقت تشهد فيه الساحة الدولية اهتزازات على مستوى المواقع الاستراتيجية كان من نتائجه ارتفاع مهول وتذبذب في سلاسل مجموعة من المواد الأساسية والاستراتيجية (البترول، القمح، الزيت، المعادن…)، وارتفاع تكاليف النقل دولياً، مع غياب رؤية واضحة حول مآل الصراعات الحالية.
«بالنظر لارتباط المغرب بالسوق الخارجية فيما يخص مجموعة من المواد الأساسية والاستراتيجية، فقد تأثر بشدة بهذه التحولات، وعلى الرغم من الإجراءات التي قامت بها الحكومة للتخفيف من حدة الأزمة كدعم مهنيي النقل فإن النموذج الاقتصادي المغربي يحد من الأثر المباشر لتلك الإجراءات»، تقول مهداوي متحدثة لـ «الشروق نيوز 24»، لافتة إلى أن البيان الحكومي يغلب عليه تحويل المسؤولية عوض تحملها.
وأشارت الباحثة في العلوم السياسية، إلى أن الحديث عن أجرَأة التوجهات الملكية لإعداد مخزون استراتيجي من المواد الأساسية، أمر مهم جداً خاصة خلال فترة الأزمات التي تعرف فيها الأسعار ارتفاعات مهولة، وهذا يسائلنا مرة أخرى حول خطط مواجهة الأزمات، بحسب المتحدثة، مشيرة إلى أن هيئة رئاسة الحكومة لم تتطرق للقطاعات التي استفاد منها المغرب والتي عرفت ارتفاعاً في السوق الدولية نظراً للأزمة الحالية كقطاع الفوسفاط والصناعات المرتبطة به.
إلى ذلك، سبق لحزب «العدالة والتنمية» المعارض، أن حمّل حكومة المغرب مسؤولية فقدان الطبقة الفقيرة والمتوسطة للقدرة الشرائية في البلاد، وقال الحزب عبر موقعه الإلكتروني، إن «الحكومة المغربية لم تتخذ أي إجراءات للحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الفقيرة والمتوسطة، باستثناء الدعم الذي أعلنته لفائدة مهنيي النقل».
بدوره، أكد عضو المجموعة النيابية لـ «حزب العدالة والتنمية» بمجلس النواب، مصطفى إبراهيمي، أن الحكومة الحالية للمغرب تحاول التهرب من المسؤولية، مشيراً إلى أنها «لم تتخذ أي إجراءات للحفاظ على القدرة الشرائية للطبقة الفقيرة والمتوسطة».
وأشار إلى أن «الحكومة تتهرب من التواصل ومن مساءلة البرلمان حول المواضيع التي تؤرق المواطنين، وعلى رأسها التهاب الأسعار، وبالخصوص أثمنة المحروقات، وتوضيح أسباب الغلاء المتصاعد والزيادات المتتالية للمواطنين»، في إشارة إلى تأجيل الحكومة اجتماعاً للجنة البنيات الأساسية والطاقة بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، والذي كان مقرراً يوم الاثنين 4 أبريل/نيسان 2022، ومخصصاً لمناقشة مشاكل الارتفاع الكبير في الأسعار».
إلى ذلك، ارتأى مجلس النواب تخصيص الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، وفق ما تم الإعلان عنه الاثنين 11 أبريل/ نيسان، وستخصص لموضوع «الاقتصاد الوطني والتقلبات الأخيرة المرتبطة بالظرفية الدولية» والمقررة يوم 18 أبريل المقبل، وذلك في ظل استمرار تقلبات السوق الدولية وما يواكبها من ارتفاع في الأسعار في السوق المغربية.

 

 

 

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.