ماهي الخطايا الست التي إرتكبها عمران خان ودفعت أمريكا وحلفاءها للتآمر للإطاحة به ؟؟ ولماذا لانستبعد إنقلابا عسكريا بقيادة جنرالاتها في أي لحظة ؟؟ وهل سيقف الشعب في خندقه ويحميه ؟؟

Advertisement

عبد الباري عطوان

 

ربما نجا رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان من مؤامرة أمريكية ارادت الإطاحة بحكمه عبر تحريض احزاب المعارضة بسحب الثقة من حكومته في البرلمان وقيامه بضربة استباقية، بتحالفه مع رئيس الدولة عارف علوي، واقناعه بالموافقة على طلبه بحل البرلمان، والدعوة الى انتخابات عامة في غضون ثلاثة اشهر، لكن المؤامرة الامريكية لن تتوقف، وربما تمتد الى ترتيب انقلاب عسكري، فالجيش الباكستاني هو الحاكم الفعلي، وقام بأربعة انقلابات منذ تأسيس باكستان معظمها، ان لم يكن كلها، بترتيب امريكي، وهناك بعض الجنرالات الموالين لها في صفوفه.

الخطايا الكبرى التي ارتكبها عمران خان في نظر الولايات المتحدة ودولتها العميقة ودفعتها للتآمر للإطاحة به تتلخص في عدة مواقف وسياسات اقدم عليها:

الأول: رفضه المطلق لوقف الدعم لحركة طالبان الأفغانية، والوقوف خلف نجاحها في التعجيل في هزيمة الولايات المتحدة، وانسحابها المهين من أفغانستان العام الماضي.

الثاني: انحيازه للصين، وانضمامه الى مبادرتها “الحزام والطريق” وتوقيعه معاهدة تعاون اقتصادي معها تبلغ قيمتها الأولية حوالي 62 مليار دولار تشمل تعاونا اقتصادية ضخمة، تغنيه عن الولايات المتحدة.

الثالث: تأييده للاجتياح الروسي لاوكرانيا، وذهابه الى موسكو في بداية الازمة، والحفاوة البارزة التي لقيها من الرئيس فلاديمير بوتين.

الرابع: إقامة علاقات استراتيجية قوية جدا مع ايران، وكسره للحصار الأمريكي المفروض عليها، واتهامه بتقديم مساعدات لتطوير برامجها النووية.

الخامس: تأييده المطلق للقضية الفلسطينية، ورفضه الانخراط في عملية التطبيع، وسلام ابراهام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومقاومة كل الضغوط الامريكية والعربية في هذا الصدد.

السادس: رفض طلبات أمريكية عديدة لإقامة قواعد عسكرية على ارض بلاده التي لها حدود مشتركة مع الصين، والزج بالجيش والمخابرات الباكستانية للعمل تحت القيادة الامريكية قي أفغانستان لمحاربة الطالبان، ودفع الأخيرة للانحياز الى الصين ومنع أي عمل إرهابي ضدها.

إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جمدت مساعدات سنوية لأفغانستان في حدود ثلاثة مليارات دولار كورقة ضغط لوقف ما يسمى في حينها بدعم الإرهاب في أفغانستان، وعدم التزامها باتفاقات أمريكية لمحاربة تنظيم طالبان، وكذلك رفض ارسال قوات للقتال في اليمن الى جانب التحالف السعودي الاماراتي، وقطع العلاقات مع ايران، وعندما وصل الرئيس جو بايدن الى الحكم ابقى على الوضع نفسه، ولم يجر أي اتصال مع الرئيس خان، وازدادت الفجوة اتساعا عندما احتفل الأخير بطريقة لافتة بإنهيار الاحتلال الأمريكي، والانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

السيد عمران خان لم يكشف سرا عندما وجه رسالة الى الشعب الباكستاني قال فيها ان الولايات المتحدة تريد الإطاحة بحكومته لأنه رفض السماح لها بإقامة قواعد عسكرية على ارض بلاده، لان القرار بإسقاطه جرى اتخاذه من قبل الدولة الامريكية العميقة، منذ فوز تكتله بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، ونجاحه بالإطاحة بالحكومة الفاسدة التي سبقته، وبات تنفيذ هذا القرار ملحّا، بعد زيارة خان الى موسكو، وانضمامه الى الحلف الصيني الروسي الإيراني والكوري الشمالي ضد الولايات المتحدة، وحربها في أوكرانيا.

ربما تكون “الغلطة” الأكبر التي ارتكبها السيد عمران في نظر أمريكا، هي دعمه المطلق للقضية الفلسطينية، وانتقاداته العلنية للعالم الاسلامي الذي فشل في التصدي للمشروع الصهيوني العنصري، ووقف مجازره في حق الشعب الفلسطيني، وهو الموقف الذي اتخذه منذ ان كان طالبا في جامعة أكسفورد البريطانية، ورئيسا لاتحاد الطلبة، وقد تبنت الموقف نفسه زوجته الأولى، وام اطفاله السيدة جمايما خان، التي اسلمت، وكتبت العديد من المقالات في الصحف البريطانية ضد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

 

الرئيس عمران لم يكن طائفيا رغم المغريات الخليجية للوقوف ضد ايران، وكان متقشفا متواضعا في حياته الشخصية، حيث رفض الإقامة في القصر الجمهوري الذي يضم اكثر من 500 خادم وخادمة، وعاش في منزله البسيط، وكان ينفق من أمواله الخاصة، ولا يكلف ميزانية الدولة مليما واحدا، ولم يملك المصانع وآلاف الهكتارات، ويوظف اقاربه في المناصب الهامة في الدولة مثلما فعل رئيس الوزراء الذي سبقه نواز شريف وغيره.

لا نعتقد ان المؤامرة ضده ستتوقف حتى بعد فوزه بالجولة الأولى بالضربة شبه القاضية على حلفاء أمريكا، واجهاض محاولة اسقاطه من الحكم، والدعوة لانتخابات عامة تطبيقا للدستور، فالخوف، كل الخوف، ان تلجأ أمريكا الى الجيش، وتحريضه على القيام بمحاولة انقلابية للسيطرة على الحكم، وإعلان حالة الطوارئ، وفي هذه الحالة ربما تغرق الباكستان في حالة من الفوضى.. والله اعلم.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.