الشباب المغربي وملحمة الهروب من الفقر المتعدد الأبعاد !!

Advertisement

قبل حلول جائحة الكوفيد 19 تعودنا في تحاليلنا وكتاباتنا على حصر مفهوم الفقر في بلدنا بإحتساب متوسط دخل المواطن المغربي كمؤشر لتحديد نسبة الفقر في المغرب .
أما وأنه ستكون لجائحة الكورونا آثار مدمرة على إقتصاديات دول العالم الثالث الهشة أصلا مثل المغرب ، كما تَؤكد على ذلك توقعات الخبراء في الأزمات ، فهذا ما سيفرض علينا إعادة النظر في معطياتنا و تحديد مؤشر الفقر المتعدد الجوانب وفق معطيات جديدة مثل عناصر الرعاية الصحية والتعليم والخدمات الأساسية ، كالبنية الطرقية وتوفر وسائل التواصل ودرجات الأمية الأبجدية والإلكترونية وإمكانيات الربط بالإنترنت ، و المياه والكهرباء والصرف الصحي ومدى قدرة المواطن على تحمل نفقاتها.
الشباب المغربي الذي أصبحنا نشهد له نزوحا جماعيا مضطردا على متن قوارب الموت بكل أصنافها وأشكالها نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط ، حيث تتكسر أحلامه عند الوصول— إن لم يتحول إلى طعام لحيتان البحر— على صخرة واقع مؤلم أكثر بؤسا من الواقع الذي دفعه للإقتلاع من جذوره وهجران أهله وأرضه ، إنما يهرب من بلد فقد كل الثقة في مًؤسساته ولم يعد له ما يخسره ، أن تحولت مغامرته إلى كارثة هو الذي أنسدت كل المنافذ في وجهه ونفذ صبره من إنتظار تغيير قد يأتي وقد لايأتي نتيجة الإخفاقات في التنمية التي هي نتيجة مباشرة لظاهرة إستشراء الرشوة و المحسوبية ، والتعامل بالوساطة والقرابة العائلية والسياسية والمذهبية وجعل الحسب والنسب في المقام الأول في كل المعاملات….
هذه الاختلالات في القيم أدت لوأد الحلم بتغيير الحال والأحوال ببلدنا ، وزرع بذور اليأس في نفوس أهلنا بالبوادي والحوضر والمداشر، وأينما حلوا وإرتحلوا تصادفهم حالة تذمر نفسي جماعي ويأس، وإحباط وبحث مضن عن مخرج أصبح المغاربة أطفالا َشيبا وشبابا ونساء حوامل وحتى عوائل بكامل أفراد ها يجدونه في شد الرحال ، وركوب مغامرة الهجرة او الحريك بواسطة قوارب الموت …
طيلة أزيد من ستين سنة التي تفصلنا عن تاريخ تحقيق الإستقلال المزعوم ، أبقيت الكوادر الوطنية المؤهلة للتخطيط وتحقيق التنمية الحقيقية المستدامة رهن دائرة الإقصاء والتهميش بل بالمعتقلات والسراديب المظلمة ، حيث تعرضوا للسلخ والجلد ولكل أشكال الإهانة ، مقابل هذه المعاملة التمييز ية لا زلنا نشهد حتى اليوم كيف يتم إهمال الكفاءات ؟ وكيف تسند المسؤولية بالمؤسسات المتخصصة في مجال الهجرة خارج مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ؟ مما حرم تلك المؤسسات من أن تنجز البحوث والدراسات العلمية الحقيقية حول ظاهرة الهجرة السرية وإبداع الأفكار و الحلول العملية الكفيلة بأن يعدل الشباب المغربي عن فكرة الإغتراب ، ومنح سواعده هدية لغير وطنه ويستعيد الثقة في مؤسسات بلده ويقتنع بالعدول عن فكرة هجرة الوطن كوسيلة لتحقيق مستقبل أفضل …
الخطاب السياسي لحكومتنا بدوره لا يتطرق لجوهر ظاهرة هجرة السواعد ، ولا يعرج على ما يخسره الوطن جراء إستفحال الظاهرة ، بل يحاول أن يجعل من معضلة الهجرة السرية َورقة سياسية مربحة في علاقات المغرب مع إسبانيا ومع المجموعة الأروبية وهي في إعتقادي سياسة إنتهازية لا وطنية لأنها “ترى الربيعة ولا ترى الحافة ” كما يقول المثل المغربي… ترى المليارات من المساعدات المالية التي يمنحها الإتحاد الأوروبي والتي تصرف بعيدا عن مراقبة الآليات الدستورية فيما تتجاهل حكومتنا الرشيدة بمعية أحزابها السياسية المخزنية المهترئة التي تعاني العقم المزمن و الخرف ذلك النزيف الحاد في الثروة البشرية الذي يتكبده الوطن على مدار الساعة.

الحسين فاتش، اسبانيا…

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.