“الشيوخ الإسباني” يرفض مقترحا لحزب فوكس المتطرف يدعو لمعاقبة المغرب والجزائر وموريتانيا بسبب الهجرة

Advertisement

رفضت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الإسباني، الأربعاء من الأسبوع الجاري، مشروع قرار قدمه الحزب القومي المتطرف فوكس لحث حكومة مدريد برئاسة بيرو سانتيش، على تبني إجراءات للسيطرة على تدفقات الهجرة غير النظامية القادمة من جنوب البحر الأبيض المتوسط، من بينها مطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات اقتصادية على المغرب والجزائر وموريتانيا، علاوة على الحرمان من التأشيرات أو تطبيق سياسة فرنسا التي خفضت من التأشيرات لمواطني شمال إفريقيا.
واعتبر هذا الحزب القومي المتطرف أن إسبانيا تتعرض لعملية غزو عبر المهاجرين، الأمر الذي يحتم عليها اللجوء الى مختلف الإجراءات للدفاع عن وحدتها الترابية والهوياتية، ولهذا تقدم بمقترح مشروع قرار الى مجلس الشيوخ الإسباني انطلاقاً من زاوية الأمن القومي. ويتضمن مشروع القرار وفق الورقة المقدمة حرفياً “منع التأشيرات عن مواطني الجزائر والمغرب وموريتانيا حتى تقبل هذه الدول استقبال المهاجرين غير الشرعيين الذين انتهكوا حدود إسبانيا”. واستوحى هذا الإجراء من سياسة فرنسا التي طبقتها منذ شهور وعملت على تخفيض التأشيرة للمواطنين المغاربة والجزائريين والتونسيين حتى تقبل حكوماتهم باستقبال المهاجرين غير النظاميين. وتسببت سياسة حكومة باريس هذه في تدهور العلاقات مع المغرب والجزائر أساساً، ولم تتراجع باريس عن هذه السياسة حتى الآن.
إضافة إلى ذلك، تضمن مشروع القرار “مطالبة المؤسسات الأوروبية بفرض عقوبات اقتصادية على المغرب والجزائر وموريتانيا”، وكذلك “التنديد أمام المنظمات الدولية بالعدوان الذي تعرضت له إسبانيا من قبل دول شمال إفريقيا، بعدم ضبط حركة المرور غير النظامية، من الناس يتجهون إلى السواحل الإسبانية”. ويصف حزب فوكس وصول المهاجرين بالعدوان المخطط له ضد إسبانيا.
في هذا السياق، يؤكد نواب الحزب في مجلس الشيوخ، أن المغرب والجزائر “استخدمتا تاريخياً تدفقات الهجرة كسلاح جيوسياسي، مما أدى إلى تخفيف أو الضغط على الضوابط عندما كان من مصلحتهما إضعاف الموقف التفاوضي، لكل من إسبانيا والاتحاد الأوروبي، عند معالجة مطالبهما”.
وشهدت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ نقاشاً حاداً، فقد رفضت الأحزاب أو تحفظت على مشروع القرار الذي تقدم به حزب فوكس. واعتبر حزب “كومبروميس” اليساري الراديكالي، أن طرح هذا المقترح يعتبر استفزازاً لأنه يهاجم الفقراء واللاجئين الهاربين من جحيم الحرب والفقر.
وكان ممثل الحزب الاشتراكي الحاكم قاسياً في تدخله ضد حزب فوكس، معتبراً أن مثل هذه المبادرات في البرلمان تسعى إلى تجريم ووصم المهاجرين والأجانب بصفات غير مقبولة، لاسيما عندما تقدم حزب فوكس على الربط بين الهجرة والإرهاب”. واستشهد ممثل الحزب في لجنة الخارجية بما يحصل في منطقة الساحل من فقر وحرمان نتيجة عوامل شتى ومنها الجفاف، وبالتالي يهرب الشباب بحثاً عن آفاق أوسع عبر الهجرة.
غير أن الحزب الشعبي المتزعم للمعارضة تبنى موقفاً مختلفاً، وهو رفض المقترح، لكنه اتهم حكومة بيدرو سانتيش الحالية بالتسبب في هذا الوضع نتيجة عدم معالجتها الهجرة بشكل صارم والتساهل مع الهجرة غير النظامية. واستبعد قبول مثل هذا المقترح لأنه سيجعل إسبانيا في مواجهة مع جيرانها في الجنوب الجزائر والمغرب وموريتانيا، لاسيما في وقت تحتاج فيه إسبانيا إلى الطاقة، في إشارة إلى استيراد الغاز من الجزائر. وطالب بالرهان على التعاون الدولي للتحكم في الهجرة. ويرى أن مشروع قرار فوكس “بعيداً عن حل مشاكل الهجرة في هذا البلد، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقمها، كما يولد صراعات دبلوماسية خطيرة، بالإضافة إلى تلك التي لدينا بالفعل”.
في غضون ذلك، تحول حزب فوكس القومي المتطرف إلى القوة السياسية الثالثة في إسبانيا رغم أن تأسيسها يعود إلى سنوات فقط. ومنحه استطلاع الرأي الأخير لمعهد الدراسات الاجتماعية، وهو معهد رسمي، قرابة 17% من الأصوات، وقد يشكل حكومة ائتلافية في الانتخابات المقبلة رفقة الحزب الشعبي المحافظ المتزعم للمعارضة حالياً.
ويعمل الحزب على توظيف قضايا مثل الهجرة والهوية المسيحية لإسبانيا، للحصول على التعاطف وسط الرأي العام الوطني. ومن ضمن مقترحاته المثيرة، تحويل يوم 2 يناير 1492 الذي يصادف استسلام الحاكم الإسلامي لإمارة غرناطة الأندلسية أمام إيزابيلا الكاثوليكية، إلى يوم وطني اسباني بدل 12 أكتوبر الذي يصادف اكتشاف كريستوفر كولون للقارة الأمريكية. ويعتقد أن وصول المهاجرين من شمال إفريقيا خضع لنظرية الاستبدال العظيم، أي الرفع من نسبة المسلمين في هذا البلد وكذلك باقي أوروبا. ويحاول الحزب استغلال أي مستجد متعلق بالهجرة أو الإرهاب ليتقدم بمقترحات في البرلمان الإسباني أو في البرلمان الأوروبي بالتنسيق مع قوى يمينية قومية متطرفة من دول أخرى مثل فرنسا وهولندا والنمسا. ومنذ أكثر من سنة، يستغل ارتفاع نسبة قوارب الهجرة القادمة من شواطئ المغرب والجزائر نحو الأندلس ومن جنوب المغرب وموريتانيا نحو جزر الكناري في الواجهة الأطلسية، لتأجيج شعور معاداة المهاجرين.
كما جعل من المغرب نقطة محورية في خطاباته السياسية، نظراً لوجود عدد من الملفات الشائكة مثل الصحراء الغربية وسبتة ومليلية، والهجرة، والمياه الإقليمية بين جزر الكناري وجنوب المغرب، والتسلح العسكري، ولاسيما أنه يستفيد من وجود ضباط متقاعدين من مرتبة لواء في صفوفه، بل وأعضاء في البرلمان.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.