لندن ـ “الشروق نيوز 24”:
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمحررها الدبلوماسي باتريك وينتور قال فيه إن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون سيواجه مصاعب كبيرة في إقناع السعوديين والإماراتيين لزيادة معدلات انتاج النفط. وأشار إلى أن رئيس الوزراء يواجه انتقادت في الداخل وفي الخليج في محاولاته لرفع مستويات انتاج النفط. وسيزور جونسون السعودية وبقية دول الخليج مثل الإمارات في وقت تحاول فيه الدول الغربية الحصول على مزيد من وارادت الطاقة وتخفيف اعتمادها على الغاز والنفط الروسي وإبطاء ارتفاع أسعارهما التي نتجت عن العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو بسبب غزو أوكرانيا.
ويرى الكاتب أن إدارة جوي بايدن على علاقة سيئة مع ولي العهد السعودي بشكل يجعل بريطانيا المحاور الأفضل لإقناع السعوديين والإماراتيين من أجل رفع معدلات انتاج النفط. وقال وينتور إن جونسون يواجه انتقادات في بريطانيا لزيارته الرياضة بعد أيام من حملة إعدام جماعية طالت ما أسمتهم الرياض “81 مجرما وإرهابيا”، وهي أكبر عملية إعدام جماعي في تاريخ السعودية، وسبعة من الذين تم إعدامهم هم من اليمن.
وبحسبه سيكون البلاط الملكي السعودي واع للصعوبات، التي تواجه جونسون بسبب الإعدامات التي يعتبرها السعوديون إشارة على استقلاليتهم عن الغرب. وهي إشارة تحد لإيران التي تحاول السعودية بناء علاقات معها، ويقف الطرفان على جانب مضاد في الحرب اليمنية. ولم يعبر لا السعوديون أو الإماراتيون عن رغبة بزيادة معدلات الإنتاج لأن ذلك سيخرق الإتفاق الذي مررته مجموعة أوبك بلاس والتي تشمل روسيا.
وقال السعوديون إنهم لن يضخوا كميات أكبر من المتفق عليه مع روسيا في العام الماضي. وتسمح الإتفاقية بزيادة 400.000 برميل في الشهر، ولكن هذا لم يفعل الكثير للحد من زيادة أسعار النفط وضخ السعوديون أقل من حصتهم حسب وكالة الطاقة الدولية.
وقال الكاتب إن هناك عداء من جانب الإمارات لعدم الرد السريع والحاسم على غارات الحوثيين الصاروخية ضد أبو ظبي في كانون الثاني/يناير مما أدى لمقتل ثلاثة عمال أجانب. ولم تكن بريطانيا من بين الدول التي أرسلت رسائل تعاطف عامة للإمارات، مقارنة بفرنسا التي عرضت دعم الدفاعات الجوية الإماراتية، وهي لفتة عبر الدبلوماسيون الإماراتيون عن امتنانهم لها. وقال مصدر”خطوة كهذه لم تكن مهمة ولكنها لوحظت. وفي بعض الأحيان تهم الرسائل البسيطة والسهلة. وتعني أنك لا تتصل إلا عندما تريد شيئا”. كما كانت بريطانيا بطيئة في دعم مطالب الإمارات بتصنيف جماعة الحوثيين التي تدعمها إيران كمنظمة إرهابية، وهو أمر ترددت بريطانيا بدعمه لخوفها من تأثر العمليات الإنسانية في اليمن. وتتعاون السعودية والإمارات في حرب مر عليها سبعة أعوام ضد الحوثيين الذين استولوا على السلطة.
وكان الهجوم على أبو ظبي عملية انتقامية بسبب تقدم قوات دعمتها الإمارات في اليمن. ولم تعجب دول الخليج الخطوة البريطانية لإلغاء دائرة الشرق الأوسط في وزارة الخارجية ودمجها بدائرة أوسع. ولا تزال طريقة جونسون العفوية في الحكم محبوبة في الخليج لكن هناك شعور بأنه تجاهل المنطقة. ومن المفارقة إن جونسون ينظر إليه على أنه يتقرب من الديكتاتوريين ولديه ميل لوضع صفقات الأسلحة فوق مظاهر القلق من انتهاكات حقوق الإنسان.
من جهته وفي مقال نشرته “الغارديان” للمعلق سايمون جينكنز قال فيه إن عداء الغرب ومنه بريطانيا لفلاديمير بوتين لا يعني أن من حقه استرضاء حكام شموليين في الخليج وغيره. وقال إن الحرب في أوكرانيا كشفت عن عدم الإنسجام والخطأ الأخلاقي في الكيفية التي تتعامل فيها بريطانيا مع الأنظمة. مضيفا “أننا قد نكره بوتين، لكننا لا نستطيع التعامل إلا مع ديكتاتور واحد في كل مرة. ولهذا سيقوم بوريس جونسون بدفعة إنسانية لمناشدة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتخفيض أسعار النفط، فماذا سيقدم له؟ هل سيكون غض النظر عن قتل الصحافي جمال خاشقجي، التدمير المستمر لليمنيين أو إعدام 81 رجلا بعضهم سجناء سياسيون؟”
وزاد جينكنز “من سيتم ترضيته بعد هل الأوليغارش الإماراتيون أم نيكولاس مادورو حاكم البلد الغني بالنفط فنزويلا؟ وكيف ستكون بريطانيا لطيفة مع الصين حيث تراوغ الأخيرة في موقفها من روسيا وتنظر بجشع إلى تايوان؟ فقد كشفت حرب أوكرانيا المزيد عن التراخي الأخلاقي عند صناع السياسة البريطانيين”.
ويرى الكاتب أن كل سياسة محلية وخارجية لجونسون مفتوحة على منافع قصيرة الأمد. فقد قيل إنه يريد مفاعلات نووية وفرش الأراضي البريطانية بطواحين الهواء. وهو يواجه ضغوطا لتخفيض الضريبة على الوقود والتنقيب عن النفط في بحر الشمال. وهناك حديث عن إعادة فتح مناجم الفحم. وتقدم روسيا لبريطانيا نسبة 8% من احتياجاتها النفطية و 4% من الغاز الطبيعي، ومع ذلك تم وصف كل هذا بأنه “تبعية” لروسيا. وناشد وزير الصناعة كواسي كواتينغ قائلا “نحن عرضة للضعف من بوتين” ولكننا لسنا ضعفاء لجماعات الضغط الماكرة التي تحاول استغلال ضعفنا”.
ويشير إلى أن سياسة حماية الحدود التي تبنتها الحكومة ضد المهاجرين ظهرت في أعلى درجاتها من الفجاجة. فقد تم احتجاز المهاجرين الأفغان في فنادق لندن ومنعوا من العمل، أما بالنسبة للمهاجرين الأوكرانيين فبعد مقاومة، تم الترحيب بهم في بيوت بريطانيا ونظام الرفاه وسوق العمل. ويؤكد أن الفرق هو في عناوين الأخبار، ففيما يخص لاجئي أوكرانيا تم الهجوم على وزراء الحكومة البريطانية في أوروبا بسبب سياساتهم الأخلاقية المتوحشة، أما الأفغان فهم ضحايا السياسة البريطانية ويجب تناسيهم.