الغنوشي: التوافق مع السبسي أنقد تونس من السيناريو المصري !! دعا لإعتماده في حل الخلاف المتواصل حول مقترح المساواة بين الجنسين !!
قال راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة» إن «لقاء باريس» الذي جمعه قبل خمس سنوات مع الرئيس الباجي قائد السبسي أنقذ تونس من السيناريو المصري، كما دعا إلى إعتماد هذا النموذج لحل جميع الخلافات القائمة في البلاد، ومن بينها السجال القائم حاليًا حول مقترح قائد السبسي المتعلق بالمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة.
وفي الذكرى الخامسة للقاء باريس، نشر الغنوشي مقالًا على صفحته الرسمية في موقع «فيسبوك» بعنوان «لقاء باريس: الدروس والتحديات والآفاق»، أكد فيه أن تونس كانت تسير في عام 2013 (خلال حكم الترويكا) إلى الفوضى «التي لم يكن يفصلنا عنها سوى سلك رفيع يحول بين جمهور المعارضة المحتشد في ساحة البرلمان المعطل (إعتصام الرحيل) وإعتصام «الشرعية» في الساحة نفسها. وكان التحريض على أشده حتى تلحق تونس بركب الثورات المجهضة، وكانت التوقعات أن تحاول النهضة ـ العمودي الفقري للترويكا ـ إستغلال الدولة لمصادمة معارضيها، وأن يندفع النداء ـ القوة الأساسية في جبهة الإنقاذ ـ إلى تأجيج الشارع لإستنساخ السيناريو المصري».
وأضاف: «جماهيرنا كانت تحتاج دعوة إلى العيش المشترك ونكران الذات وتقديم مصلحة الوطن على الأحزاب والكيانات والأفراد والتأسيس لقيم التصالح والسماحة والتوافق والوحدة الوطنية والقبول بالآخر وملاحقة فكر الإستئصال والإقصاء والتطرف الخطر الأعظم على الثورة بالأمس واليوم وغدًا. لقاء باريس الذي هيأ الظروف لمسار كامل من التوافق السياسي والمجتمعي، فتح الأبواب أمام الإستجابة الشاملة لدعوة منظمات المجتمع المدني إلى الحوار الوطني وهيأ لحزبي النهضة والنداء سبل النجاح في قيادة الحياة السياسية نحو التهدئة بوجود حزبين كبيرين لهما قدرة على تأطير الشارع وإحلال التوازن الذي اختل بعد إنتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011».
وأكد الغنوشي أن التوافق مع قائد السبسي «لم يكن صفقة إنتهازية أو خيارًا تكتيكيًا أو مناورة ظرفية. النهضة خرجت من الحكم ولكنها لم تخرج من السياسة، لم تنقذ نفسها وحسب من محرقة كانت تعد، بل أنقذت بإنسحابها من السلطة الثورة من الإرتداد، أنقذت ما غدا يعرف بالنموذج التونسي والإستثناء التونسي: واحة للحرية والديمقراطية وسط فضاء عربي ضربه إعصار مدمر . لم يعد يسيرًا بعدها ترداد أن كانت كل الشعارات المرفوعة وقتها بأن الديمقراطية هي بالنسبة إلى النهضويين مجرد سلم للوصول إلى السلطة واحتكارها إلى ما لا نهاية له. أما النداء فقد أعطى بتلك الخطوة التاريخية من زعيمه ومؤسسه طابعًا جديدًا للمعارضة في عصر الديمقراطية وهي أنها فعل بناء وإيجابي يرفض العدمية والتطرف والخيارات القصووية».
من جهة أخرى، دعا الغنوشي إلى تعميم مبدأ التوافق لحل جميع المشكلات التي تعيشها البلاد، مشيرًا إلى أنه «يشكل أرضية خصبة لكل حوار جدي بين مكونات المجتمع، وهو خيار إستراتيجي لحركة النهضة، وهو ما ظهر جليًا في موقفنا من الدستور الذي راهنا على أن يكون موحدًا لا مقسمًا أو مفرقًا، وكانت جلسة المصادقة عليه عرسًا وطنيًا خالدًا والحمد لله . ومن المنطلق ذاته ندعو إلى تبني إستراتيجية الحوار نفسها والبحث عما فيه معالجة المستجدات والنأي بالمجموعة الوطنية عن كل ما من شأنه إحلال الفرقة والتطاحن والتباغض».
وأضاف: «وفي هذا السياق نؤكد أننا سنتفاعل مع مبادرة رئيس الدولة حول الإرث حين تقدم رسميًا إلى البرلمان، بما تقتضيه من الحوار والنقاش للوصول إلى الصياغة التي تحقق المقصد من الإجتهاد وتجعل من تفاعل النص مع الواقع أداة نهوض وتجديد وتقدم لا جدلًا مقيتًا يفرق ولا يجمع، ويفوت على التونسيين والتونسيات المزيد من فرص التضامن والتآلف، وتساعدنا جميعًا على المضي قدمًا في تحقيق إزدهار المرأة التونسية».
وكان الغنوشي أكد في مناسبات عدة أن لقاء باريس الذي جمعه مع قائد السبسي لم يكن بهدف عقد «صفقة سياسية» لحكم البلاد، وإنما كان محاولة لتلافي سيناريو الفوضى والحرب الأهلية والنموذج المصري، مشيرًا إلى حركة «النهضة» خيرت التنازل عن الحكم بهدف إنقاذ تونس.