على غرار باقي الإدارات والمؤسسات الحكومية والمؤسسات الخاصة بالمغرب، لا تزال الإدارة العامة للأمن الوطني وفي خرق واضح للدستور، ولا سيما الفصل الخامس منه مصرة على تفضيل إستعمال لغة الإستعمار بدل اللغتين الرسميتين للبلاد في العديد من مراسلاتها .
وينص الفصل الخامس من الدستور الذي يعد أسمى قانون في البلاد : أن تظل اللغة العربية اللغة الرسمية للدولة ، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية إستعمالها، وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة بإعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون إستثناء .
ويأتي إستعمال الفرنسية في المراسلات الرسمية لمصالح الادراة العامة للأمن الوطني سواء منها المركزية أو اللاممركة مخالفة صريحة للدستور وللمنشور الصادر عن رئاسة الحكومة بتاريخ 30 أكتوبر 2018 ، الذي يلزم الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية بكل مرافقها بضرورة إستعمال اللغة العربية أو الأمازيغية أو هما معا في جميع تصرفاتها وأعمالها وقراراتها ومراسلاتها ، وأكدت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالإنتقال الرقمي وإصلاح الإدارة غيثة مزور أن إستعمال اللغتين الرسميتين للبلاد من قبل الإدارة وغيرها من المؤسسات العمومية والخاصة واجبة، ولم يعد يجد أساسه فقط في مقتضيات الفصل الخامس من الدستور، وإنما
أيضا في الحكم القضائي الذي صدر عن إدارية الرباط بعدم مشروعية إستعمال اللغة الفرنسية من قبل الإدارة المغربية، والذي قضت محكمة الإستئناف بتأييده.
وكان القرار القضائي رقم 4550 ملف عدد / 7110/846/2017 / الصادر بتاريخ 20/10/2017 الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط ألزم الدولة بجميع مؤسساتها ومرافقها بإستعمال اللغتين العربية والأمازيغية في جميع تصرفاتها وأعمالها ، من بينها إعتمادها في تحرير قراراتها وعقودها ومراسلاتها وسائر الوثائق المحررة بمناسبة تدبير جميع المرافق التابعة لها سواء كانت وثائق داخلية أو موجهة للعموم وفي جميع حالات التواصل الكتابي او الشفهي مع المواطنين، وفي جميع حالات التواصل والتخاطب الكتابي والشفهي بأي وسيلة كانت مع المغاربة والأجانب سواء داخل التراب الوطني أو خارجه .
ويظل إستعمال اللغة العربية بالإدارة العامة للأمن الوطني يقتصر فقط في كتابة المحاضر والتقارير الموجهة إلى النيابة العامة، أما باقي المراسلات تظل تحرر باللغة الفرنسية دون سواها ، مما يتضح جليا أن الإدارة العامة للأمن الوطني لا تزال تعيش عهد الإستعمار ولم تقم بتحرير نفسها بعد، أما اللغة الأمازيغية لا وجود لها أصلا سواء في التقارير والمراسلات أو على واجهات البنايات والسيارات التابعة للإدارة العامة.
وفي الأيام القلية الماضية شرعت مختلف المصالح بالمديرية العامة للأمن الوطني بتغيير الرؤية البصرية للسيارات ، وتم الإقتصار على الكتابة باللغة العربية والفرنسية فقط وإمهال اللغة الأمازيغية ، مما يعني أن الإدارة الأمنية بالمغرب لا تعطي قيمة للغات الوطنية ومنها الأمازيغية التي لا مكان لها أصلا سواء كتابة أو تعبيرا مما يعني أن التهميش للأمازيغية مقصودا ولم يأتي بالصدفة .
وحسب مختصين لغويين ، فإن تخلف مجموعة من الإدارات الرسمية ومن بينها الإدارة العامة للأمن الوطني عن إعتماد اللغتين الرسميتين في مراسلاتها يعود إلى عدم وجود وعي كامل بأهمية السيادة اللغوية للبلاد، وأن السيادة لا تقتصر على الحدود فقط بل أيضا اللغة، وهو الأمر الذي طبقته العديد من الدول الغربية التي تلزم الإدارات بإستعمال اللغة الرسمية في التواصل.
وأن الفرنسية جزء من تاريخ المملكة لكنها كانت في سياق أسود ، ولم تشكل بالنسبة للمغاربة أي بعد هوياتي فضلا عن تشكيلها لحصار معرفي لدى جل المغاربة ويعرقل مصالحهم .
ورغم المراسلات الحكومية الموجهة لمسؤولي الإدارات العمومية التي تلزم إستعمال اللغتين الرسميتين في التواصل الرسمي غير أن مسؤول الإدارة العامة للأمن الوطني يعمل بمنطق الإختيار ولا يحس بالقوة الإجبارية عليه .
وفي سياق شهادات لبعض الموظفين للأمن الوطني ، فإن بعض المسؤولين الإداريين يرفضون توقيع جميع الطلبات الموجهة إليهم المحررة باللغة العربية من طرف مرؤوسيهم كالإجازة السنوية ، وطلبات الرخص الإستثنائية ، ويرفضون توقيع المراسلات المحررة باللغة العربية الموجهة إلى الإدارة المركزية ويصرون على إستعمال الفرنسية ، أما الأمازيغية ورغم وجود من يتقنها حديثا وكتابة إلا أن إستعمالها لا وجود له أصلا بل ومن المسئولين من يشمئز من سماعها وممن يتحدث بها .
ولذا فإن هذا المقال بمثابة تذكير للمدير العام للأمن الوطني السيد عبد اللطيف الحموشي، أن المغرب فيه مكونين إثنين لا ثالث لهما المكون العربي والمكون الأمازيغي، وأن موظفو الشرطة أمازيغ و عرب يستنكرون مثل هاته التصرفات من إدارة حكومية لطالما تشدقت بشعار إحترام حقوق الإنسان والتطبيق الصارم للقانون، وأن إحترام اللغات الوطنية هو حق من حقوق الإنسان ، وقانون يجب تطبيقه بموجب الفصل الخامس من الدستور وقرار رئيس الحكومة المذكور آنفا وكذا قرار المحمكة الإدارية بالرباط في إستعمال اللغتين الوطنيتين في المراسلات والتواصل اليومي .
تحرير / موظف شرطة /