محمد جليد …..
يسلط كتاب «أخبار سيئة للاجئين»، الذي صدر مؤخرا في بريطانيا، الضوء على الصور النمطية التي يخلقها الإعلام من قضايا المهاجرين واللاجئين عموما، لكنه يعتبر أن المسلمين هم الأكثر عرضة وتضررا من هذا التنميط.
المهاجرون واللاجئون المسلمون هم الأكثر تضررا من المتابعات الإعلامية في الغرب، خاصة في بريطانيا. هذا ما يكشفه كتاب بعنوان «أخبار سيئة للاجئين»، أصدره مؤخرا ثلاثة كتاب بريطانيين هم «غريغ فيلو» و»إيما بريانت» و»بولين دونالد» عن دار النشر البريطانية «بلوتوبريس»، في 203 صفحات. إذ يعتبر هؤلاء المؤلفون الثلاثة أن ما ينقله الصحافيون عن المهاجرين واللاجئين المسلمين، خاصة في الدول الغربية، يصبح لغة متداولة في الحياة اليومية داخل المجتمع الغربي برمته.
يحلل كتاب «أخبار سيئة للاجئين» السياقات السياسية والاقتصادية والبيئية الخاصة بالهجرة، وينظر على الخصوص في كيفية تنميط اللاجئين وطالبي الغوث في الخطابات السياسية والمتابعات الإعلامية. إذ يبرز، من خلال بحث دقيق، مدى استهتار وسائل الإعلام وعدم دقتها في كيفية تصرفها لإضفاء الشرعية على الفعل السياسي، حيث قد تترتب عن ذلك نتائج وخيمة تنعكس على حياة اللاجئين، وكذا على تجمعات المهاجرين المعروفة.
تكتسي قراءة كتاب «أخبار سيئة للاجئين»، الذي يعتبر نتاج بحث أنجزته مجموعة الإعلام في غلاسكو، أهمية خاصة بالنسبة إلى المهتمين بآثار الإعلام السلبية في الفهم العام، وفي سلامة الجماعات والمجتمعات الهشة في العالم. فرغم أن الكتاب يركز، في المقام الأول، على دراسة جماعات المهاجرين في بريطانيا، إلا أن أفكاره ونتائجه تمتد، لتشمل المجتمعات المهاجرة في العالم كله، خاصة أن مؤلفي الكتاب لا يستبعدون هذا الامتداد عندما يتعلق الأمر بالتوصيات التي يطرحونها على صناع القرار المهتمين بصياغة سياسات الهجرة، وكذا سياسات الإعلام.
من جهة أخرى، يعتبر الكتاب أن المتابعة الإعلامية لقضايا الغوث واللجوء، بجميع أشكاله الاجتماعية والسياسية والثقافية، هي متابعة غير دقيقة، جزئية، وغالبا ما يشوبها الاستهتار والهستيريا تجاه الموضوع الذي تعالجه، مثلما يرد في العنوان الوارد في صحيفة «دايلي إكسبريس» في عددها 6 يونيو 2001: «رسالة بريطانيا إلى المهاجرين: أنتم غير مرغوبين». كما يرى أن الحكومات لا ترد على هذه التغطيات، بل تحبذها أحيانا. إذ يورد كتاب «أخبار سيئة للاجئين» تعليقات مرتبكة ومتسرعة يوردها الصحافيون، وهي تكشف انحرافهم عن أخلاقيات المهنية، حيث يكشف مؤلفو الكتاب أن المشكلة تظهر أكثر في الصحف المحافظة، وعلى نحو خاص فيما يتعلق بالأشخاص الذين يطلبون اللجوء السياسي.
وفيما يتعلق بعلاقة المسلمين بهذا الموضوع، يورد الكتاب مقولة لصحافي بريطاني يعمل في صحيفة «دايلي ستار»: «لا شيء أسوأ من لاجئ مسلم… وكل الأمراض الاجتماعية يمكن اقتفاء أثرها في مجتمع المهاجرين وطالبي اللجوء الذين تدفقوا على هذه البلاد». إذ يتساءل مؤلفو الكتاب كيف يمكن للصحافي «أن يتخلى عن ضميره ويشيطن اللاجئ»، حيث يشيرون إلى أن المتابعات الناتجة عن ترك الضمير تصبح جزءا من لغة مجتمعنا اليومية».
من جهة أخرى، يكشف الكتاب أن طَلَبات اللجوء إلى بريطانيا ازدادت بين 1996 و2002 من 29640 إلى 84130 طلبا خلال سنة 2002. إذ يشير إلى أن سياسة حزب العمال تعرضت حينها إلى هجوم شديد من قبل زعيم المعارضة «ويليام هيغ»، الذي أشار إلى أن الأعداد المتزايدة تمثل «الانتهاك المنظم» لنظام اللجوء من قبل المهاجرين الاقتصاديين. كما ذكر أنه اتهم حزب العمال أنه لا يقوى على السيطرة على الحدود، فظهرت قضية الترحيل بقوة حينها. لكنه يعتبر أن بريطانيا تعد أقل استقبالا في الوقت الحالي لطلبات اللجوء مقارنة مع الدول الأوربية الأخرى مثل السويد وألمانيا.