المبعوث الجزائري المكلف بالصحراء يهاجم الرباط وينتقد تعاطيها مع الملف الفلسطيني بعد عملية التطبيع مع إسرائيل وسعيها لترسيم الحدود المائية مع إسبانيا

Advertisement

الجزائر –: شن المبعوث الجزائري الخاص المكلف بالصحراء الغربية، عمار بلاني، هجوماً لاذعاً على السلطات المغربية، على خلفية تعاطيها مع الملف الفلسطيني بعد عملية التطبيع مع إسرائيل، وكذلك سعيها لترسيم الحدود المائية مع إسبانيا على حساب ما تعتبره الجزائر انتهاكاً للقوانين الدولية في منطقة الصحراء الغربية.
وقال بلاني في تصريح لوكالة الأنباء الصحراوية التابعة لجبهة البوليساريو، تعقيباً على استحداث المغرب جائزة تكريماً للصحافية شيرين أبو عاقلة، ودور لجنة القدس برئاسة العاهل المغربي، إن “هذه الشهيدة الموقرة للقضية الفلسطينية -رحمها الله- تستحق أكثر بكثير من مجرد جائزة رمزية تُمنح في حفل ثقافي”، مشيراً إلى أن “استشهادها الذي يندمج جسدياً مع معاناة الشعب الفلسطيني التي لا توصف، يستحق أن تتولى هيئة القدس، “الميتة إكلينيكياً” أن تتخذ موقفاً سياسياً بشأنه”.
وأضاف الدبلوماسي الجزائري الرفيع أن “قضية القدس الشريف التي تزعج الاحتلال الصهيوني تواجه هجمات متعددة، آخرها وهو الإذن الممنوح للمستوطنين اليهود لأداء طقوسهم في ساحة المسجد الأقصى، مما أدى إلى إدانة السلطات الفلسطينية لهذا الانتهاك الخطير للوضع التاريخي للحرم الشريف، دون أن نسمع أي ردة فعل للجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب”.
وحول رأيه بخصوص تصريح السفير الفلسطيني في دكار الذي انتقد فيه “تسوية المغرب بشأن القضية الفلسطينية”، أجاب بلاني أنه لا يعلق على تصريح سفير فلسطين، قبل أن استطرد قائلاً: “لكنني أعتقد أنه قال بصوت عالٍ ما يعتقده الفلسطينيون عموماً في هذه الصفقة الحقيرة التي تمت على ظهور شعبين يعيشان تحت نير الاحتلال والقمع الأعمى، وتحديداً الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي، لأن هذين النظامين القمعيين لهما نفس الحمض النووي: إنهما يتشاركان في سياسة التوسع الممنهجة (تنص المادة 42 من الدستور المغربي على أن الملك هو الضامن لوحدة أراضي المملكة داخل حدودها “الأصلية”)، مع سبق الإصرار والترصد، الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان للشعوب المقهورة، وأخيراً، الاستيلاء على مواردها الطبيعية”، على حد تعبيره.
وليست المرة الأولى التي تنتقد فيها الجزائر بشدة أداء لجنة القدس، ففي نيسان/أبريل الماضي، اتهمت السلطات الجزائرية عبر ممثلها الدائم في الأمم المتحدة، الوفد المغربي بلجنة القدس والذي يتولى رئاستها، التنصل من الوضع السائد في الأقصى ومن مسؤوليته تجاه القدس، وكذا عرقلة جهود المجموعة العربية. وجاء ذلك على خلفية ما قالت الجزائر إنه “قيام السفير المغربي بالأمم المتحدة، بعرقلة بيان تقدمت به مجموعة السفراء العرب من أجل إدانة الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيونية لحرمة الأماكن المقدسة بمدينة القدس والقمع الوحشي الذي يتعرض له المصلون الأبرياء”. واعتبرت الجزائر، وفق تصريحات دبلوماسييها، أن “المغرب يعيش على ريع القضية الفلسطينية، من خلال الرئاسة الافتراضية للجنة القدس التي تجني منها فوائد غير مستحقة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي”.
وسئل المبعوث الجزائري الخاص، من جانب آخر، عما تناولته الصحافة الإسبانية عن الانطلاقة الوشيكة لترسيم حدود المياه الإقليمية والمجال الجوي بين الرباط ومدريد، فردّ قائلاً: “تجدر الإشارة إلى أن المغرب لا يدير ولم يدر أبداً المجال الجوي للصحراء الغربية. وأن الملاحة الجوية كانت تدار دائماً من قبل إسبانيا، السلطة المدير للإقليم في نظر القانون”. وتابع: “إنها حقيقة مستعصية تعطيك فكرة بناءة عن السيادة الزائفة التي تتخيلها قوة الاحتلال”.
وأكد بلاني أن الجزائر تتابع عن كثب هذا الموضوع، لأنه بموجب القانون الدولي وأحكام محكمة العدل الأوروبية، لا تقع المياه المتاخمة لإقليم الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، وإن المقترحات الخاصة بالعقود المغرية التي قدمتها القوة المحتلة للتحايل على القانون الدولي والقانون الأوروبي ستؤدي بشكل لا يمكن إصلاحه إلى طريق مسدود في مواجهة القضاء، وخاصة القوانين الأوروبية”.
وفي اعتقاد الجزائر، وفق ما ذكره مبعوثها الخاص، فإن “المجتمع الدولي قد أقر بأن الوضع النهائي لهذه المنطقة غير المتمتعة بالحكم الذاتي يتعين تحديده تحت رعاية الأمم المتحدة وفقاً للشرعية الدولية”. ووصف بلاني تصريحات الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، على أن “جميع القضايا المتعلقة بالصحراء الغربية ووضعها يجب أن يتم التعامل معها وفقاً للقانون الدولي في إطار العملية السياسية للأمم المتحدة”، بمثابة “الصفعة” للسلطات المغربية، على حد قوله. وتعرف العلاقات الجزائرية الإسبانية تدهوراً غير مسبوق، بعد إعلان مدريد تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي التي تطرحها المغرب وترفض الجزائر وجبهة البوليساريو بشدة، كما تشهد علاقات الجزائر والمغرب قطيعة تامة منذ آب/أغسطس الماضي، عقب ما وصفته الجزائر بـ”الأعمال العدائية” ضدها.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.