أخذت حرب التصريحات بين الجزائر والمغرب بعدا آخر، حيث رد عمار بلاني، المبعوث الخاص المكلف بمسالة الصحراء الغربية وبلدان المغرب العربي بوزارة الشؤون الخارجية الجالية الوطنية بالخارج، أمس، على ما أسماها التصريحات “غير المسؤولة والمثيرة للسخرية” التي أدلى بها الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، و”التي تهدف إلى المساس بالوحدة الوطنية للشعب الجزائري”، حسب تعبير المسؤول الجزائري، وذلك في إشارة إلى تجديد الديبلوماسي المغربي الدعوة لتقرير ما أسماه “شعب منطقة القبائل بالجزائر لتقرير مصيره”، وذلك، رداً على خطاب السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة، نادر العرباوي، السبت الماضي، بشأن حق تقرير المصير لـ“شعب الصحراء الغربية“ و“ إنهاء احتلال الصحراء الغربية من قبل المغرب“ خلال أشغال المؤتمر الإقليمي اللجنة الأممية الخاصة لإنهاء الاستعمار المعروفة باسم “اللجنة 24” في سانت لوسيا.
وقال المبعوث المغربي ردا على ذلك: “أنتم تطالبون بتقرير المصير لـ20 ألف شخص تحتجزونهم في مخيمات تندوف، لكنكم تصادرون حق سكان شعب القبائل الذين يبلغ عددهم 12 مليون نسمة“، على حد تعبيره.
وقال الدبلوماسي المغربي، وفق ما نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء (الرسمية)، مساء السبت، أن” شعب القبائل خضع للاستعمار العثماني ثم الفرنسي والآن الجزائري“، معربا عن ”أسفه لكون الأمر يتعلق بما أسماه أطول احتلال في تاريخ أفريقيا“، وذهب للقول ”لماذا لا تسمح الجزائر لشعب القبائل بتقرير مصيره والتعبير عن نفسه واختيار مصيره بحرية، على غرار ما تطالب به لسكان مخيمات تندوف“.
واعتبر السفير الجزائري في رده أن الوفد المغربي” يسعى من خلال هذه الادعاءات وبشكل بائس إلى إحداث حالة من اللبس وخداع الرأي العام الوطني والدولي باللجوء إلى اختلاق مسألة موازية لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير المعترف به من قبل الشرعية الدولية ولوائح الأمم المتحدة ذات الصلة“.
وأكد المتحدث أن كل فئات المجتمع الجزائري” التفت حول حركة التحرير الوطني التي قادها جيش التحرير الوطني“، مشيراً إلى أنه” من بين قادة حرب التحرير الوطنية الذين كتبوا تاريخ الثورة الجزائرية هنالك وجوه تاريخية تنتمي إلى منطقة القبائل“، وفق تعبيره.
وأضاف” أحب من أحب وكره من كره.. الجزائر جمهورية واحدة غير قابلة للتجزئة“.
ولم تتوقف الردود عند هذا الحد وسط تراشق بين إعلام البلدين، حيث دخل عمار بلاني، المبعوث الخاص المكلف بمسالة الصحراء الغربية وبلدان المغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، ورد ، أمس، على المبعوث المغربي للأمم المتحدة، حيث قال في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية: “ها قد عاد هذا المتعنت الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة مرة أخرى للتفوه بتصريحات غير مسؤولة ومثيرة للسخرية تستهدف بدناءة الوحدة الوطنية للشعب الجزائري”، مؤكدا أن هذه الوحدة الوطنية “قد انصهرت في البوتقة المتقدة لثورة التحرير المجيدة”.
وأضاف: “بطبيعة الأمر فان الذي انشئت دولته الحديثة (المغرب) من قبل المقيم العام للحماية الفرنسية، الماريشال ليوطي (الذي لا يزال تمثاله قائما بالدار البيضاء) لن يفهم معنى الروح الوطنية التي تؤجج غيرة الشعب الجزائري الجامحة في الدفاع عن وحدته الوطنية والسلامة الترابية لبلاده”.
وذهب بلاني للقول “ولدى قراءتنا للتفاهات التي جاء بها السفير المضحك لا يسعنا سوى التفكير في مصير آلاف سكان منطقة الريف بالمغرب السلميين الذين يتعرضون للقمع ويقبع زعماؤهم الأبرياء في زنزانات المملكة الشبيهة بتلك التي كانت في العصور الوسطى، يتجرعون أشد أنواع التعذيب والإهانة”.
وتحدث الديبلوماسي الجزائري عما أسماهم “أبناء شعب الريف الأبي الذين يعيشون تحت وطأة ـ ما أسماها ـ دولة مارقة يحلمون بحياة كريمة وكلهم أمل في تقرير مصيرهم يوما ما في ظل جمهورية الريف الأسطورية، التي أعلن عنها القائد الفذ عبد الكريم الخطابي في 18 سبتمبر 1921، والذي ننحني إجلالا لذكراه إذ كان أحد أبناء الريف البررة ورمزا للحرية والعدالة”.