: المعارضة تنتقد مشروع الموازنة العامة… واقتراح بإحداث «ضريبة على الثروة» يحرج الحكومة
الرباط ـ «الشروق نيوز 24»: شرعت الأحزاب المغربية الممثلة في البرلمان، أمس الخميس، في مناقشة مشروع الموازنة العامة لسنة 2023 الذي تقدمت به الحكومة؛ فبينما أثنت أحزاب الأغلبية على المشروع باعتباره رصد اعتمادات مالية مهمة لقطاعات الصحة والتعليم والتوظيف والاستثمارات ودعم البرامج الاجتماعية، وجّهت المعارضة انتقادات شديدة للموازنة المقترحة، من منطلق أنها مجرد جرد للأرقام بدون تقديم حلول مبتكرة وعاجلة للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة في المغرب.
وتابعت «الشروق نيوز 24» عبر البث المباشر للجلسة العامة لمجلس النواب مداخلات رؤساء الفرق البرلمانية، حيث قال الفريق «الاشتراكي» المعارض إن مشروع الموازنة يعكس تغليب الأولوية المالية على حساب الأولوية الاجتماعية، مضيفاً أنه يترجم أيضاً المرجعية الليبرالية للحكومة التي تتعنت بأغلبيتها العددية. وأشار إلى أن المشروع لا يستجيب لأولويات الدولة الاجتماعية، ولا لمتطلبات المواطنين في العيش الكريم. وأعلن الفريق «الاشتراكي» أنه سيصوت ضد مشروع الموازنة، الذي يفتقد إلى الجرأة السياسية، مؤكداً أنه مشروع عاديّ في ظرفية استثنائية، حيث اختار الحل السهل المتمثل في إقرار ضرائب جديدة على الشعب.
في السياق نفسه، قال الفريق «الحرَكي» المعارض إن المشروع المذكور يظل رهيناً بكرم السماء (إشارة إلى انتظار سقوط المطر) والتوازنات العالمية وعائدات المغاربة المهاجرين.
وتابع أن الحكومة اجتهدت في توزيع الدعم بدل تسهيل الإنتاج، كما أنها استهدفت جيوب المواطنين عوض دعمها. وقال إن مشروع الموازنة لا يمكن أن يرفع من القدرة الشرائية ولا يستطيع تجسيد ركائز الدولة الاجتماعية.
وفي اعتقاد الفريق «الحرَكي»، فإن حكومة عزيز أخنوش «توشك على تبديد ما تبقى من ثقة في العمل السياسي»، مستدلاً على ذلك بتفشي البطالة وانسداد آفاق التوظيف، والغلاء الفاحش وتدهور القدرة المعيشية، وعدم تجسيد شعار «الجهوية المتقدمة» وغياب إرادة لتطبيق عدم التركيز الإداري، فضلاً عن افتقار مناطق عديدة في الأرياف إلى البنيات التحتية من طرق وشبكات الماء والكهرباء والتطهير.
ووصفت مجموعة «العدالة والتنمية» الحكومة بأنها «حكومة مشلولة أمام وضع اجتماعي متأزم»، وأضافت أنها لم تقم بالإصلاحات المطلوبة ولم تقدم للمواطنين مبادرات لمواجهة التهاب الأسعار وانحدار الطبقة المتوسطة الى الفقر، باستثناء المشروع الملكي للحماية الاجتماعية.
النائبة البرلمانية نبيلة منيب، عن «الحزب الاشتراكي الموحد»، أوضحت أنه في ظل الأوضاع الدولية المتأزمة تأثر المغرب باستمرار الركود الاقتصادي لما بعد الجائحة وتداعيات الصراع الجيوستراتيجي والتحدي الطاقي، كما تأثر بتأزم النظام المعولم والكارثة البيئية، وتأثرت أكثر بتداعيات الاختيارات غير الديمقراطية التي أدت إلى الفشل وتفاقم الأزمة الاجتماعية التي تجسدت في انهيار القدرة الشرائية لفئات واسعة واتساع دائرة الفقر وتفاقم الفوارق وارتفاع نسبة البطالة خاصة في صفوف الشباب.
واعتبرت أن الأوضاع تتسم أيضاً بالردة في مجال الحقوق والحريات مع سيادة الهاجس الأمني، وتأجيل الإصلاحات التي تحتاجها البلاد للبناء كسبيل لبناء دولة المؤسسات القوية في خدمة الوطن والمواطنين ومجتمع العدالة والكرامة والحرية ومجتمع المواطنة والمساواة.
وتابعت منيب قائلة: «إن الاستيعاب الجيد للتغيرات العالمية يفرض تغيير منطق صرف الميزانية، وذلك باعتماد مدخل الإصلاح ومحاربة الفساد، والتوزيع العادل الثروة، والإنصات لتطلعات الجماهير التي تنتفض أمام البرلمان، وأيضاً تقارير المؤسسات الدستورية، وتعاقد جديد بين الدولة والمجتمع ومصالحة تاريخية مع الريف والجهات المهمشة».
ولاحظت القيادية الاشتراكية أن الحكومة انطلقت من فرضية ضعيفة وبعيدة عن الواقع، وتبقى ـ باعتقادها ـ بعيدة عن التوجه الذي يفرضه الظرف المتأزم. وأكدت أنه لا يمكن تأجيل الإصلاح الضريبي، والضغط على الطبقة المتوسطة، ورفع الضريبة على الشركات الصغيرة والمتوسطة من 10 إلى 20 في المئة، وبالمقابل إعفاء الشركات الكبرى التي حققت أرباحاً طائلة، خاصة شركات المحروقات.
في سياق متصل، لم تتفاعل حكومة عزيز أخنوش إيجاباً مع الاقتراح الذي قدمته فرق برلمانية من المعارضة («التقدم والاشتراكية» و»الحركة الشعبية» والمجموعة النيابية لحزب «العدالة والتنمية») والمتمثل في إقرار ضريبة سنوية على الثروة ضمن مشروع الموازنة العامة، بحثاً عن موارد جديدة لتمويل التكاليف العمومية وتوسيع الوعاء الجبائي والسعي نحو تحقيق العدالة الجبائية. التعديل المقترح الذي اطلعت «االشروق نيوز 24» على تفاصيله، يرجى من ورائه المساهمة في الحد من الفوارق الاجتماعية الواسعة في المغرب، وتجسيد مبدأ التضامن الوطني عملياً، في أفق الإصلاح الضريبي الشامل أكثر عدالة ومساواة بين المواطنات والمواطنين.
ويطمح برلمانيو المعارضة إلى أن يتم توجيه جزء من عائدات الضريبة في حال إقرارها، على الثروة لتمويل «صندوق النهوض بتشغيل (توظيف) الشباب».
ويخضع لهذه الضريبة المقترحة الأشخاص الطبيعيون الذين تتجاوز القيمة الإجمالية لممتلكاتهم سقف خمسين مليون درهم مغربي (4 ملايين و568 ألف و300 دولار أمريكي)، وفق نسب محددة بشكل معقول تؤدى سنوياً إلى خزينة الدولة عن العقارات والأموال والقيم المنقولة والأصول التجارية والودائع في الحسابات البنكية والسندات والحصص والأسهم في الشركات والممتلكات المتحصل عليها عن طريق الإرث والتحف الفنية والأثرية والحلي والمجوهرات، وذلك بناء على تصريح إرادي يقدم لإدارة الضرائب التي يوجد في نفوذها محل سكنى الملزم.
ووفق المقترح نفسه، تُحدث ابتداء من فاتح كانون الثاني/ يناير 2023 ضريبة سنوية على الثروة، يؤديها الأشخاص الطبيعيون إلى خزينة الدولة بناء على تصريح إرادي يقدم لإدارة الضرائب التي يوجد في نفوذها محل سكنى الملزم.
ويقصد بالضريبة على الثروة في مفهوم هذا المشروع المقترح، ما تفرضه الدولة من واجبات مالية سنوية على مجموع القيمة الإجمالية للممتلكات التي توجد في ملكية الأشخاص الطبيعيين، وتشمل العقارات والأموال والقيم المنقولة والأصول التجارية والودائع في الحسابات البنكية والسندات والحصص والأسهم في الشركات والممتلكات المتحصل عليها عن طريق الإرث والتحف الفنية والأثرية والحلي والمجوهرات.
وتحدد قيمة الضريبة على الثروة المنصوص على قيمتها ومشمولاتها من القيمة الإجمالية للممتلكات التي توجد في ملكية الملزم، تؤدى سنوياً للدولة. ويقدم الملزم تصريحاً سنوياً إرادياً بمجموع قيمة ممتلكاته قبل نهاية حزيران/ يونيو من كل سنة مالية. ويحق للإدارة العامة للضرائب سلك كل السبل القانونية للتحري عن ممتلكات الأشخاص الذين لم يقدموا التصريح بملء إرادتهم، ويحق للملزمين التعرض عليها وفق الشكليات والمساطر المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب.