*الإدارة العامة للشروق نيوز 24 *
تواصل الحكومة الهولندية تفعيل الإجراءات القانونية لمتابعة المئات ، وربما الآلاف من المغاربة الذي يسود الإعتقاد أنهم حصلوا على مساعدات مالية بناء على تقديم معلومات كاذبة للحصول عليها، أولعدم التصريح بممتلكاتهم العقارية و بمدخراتهم المالية في المغرب لمفتشية الضرائب الهولندية .
هل تملك منزلا في المغرب؟ أين تقيم خلال عطلتك ؟ هل تتقاضى تعويضا من دولة أخرى؟هل تحمل جنسية دول أخرى إلى جانب الجنسية الهولندية؟ هل تملك حسابا بنكيا خارج هولندا؟ وما هو رقمه؟ كانت هذه حفنة موجزة ، من وابل الأسئلة التي يمكن أن يمطر بها الموظف المكلف بتكوين ملف طالبات المساعدة المالية طالبها لتغطية تكاليف عيشه ألأولية.
قبول طلب المساعدة ، ليس معناه هنا الحصول عليها . بل خطوة أولى في تكوين ملف طلب الحصول عليها، بعد ذالك تتم إحالة الملف على الهيأة التقريرية.
المساعدة المالية المطلوبة هنا (Bijstand) تمنح للمواطنين طبقا لشروط دقيقة ، محددة قانونيا، ومن بين هذه الشروط ، أن يكون المواطن عاطلا عن العمل وإستنفذ كل التعويضات الأخرى. كما أنه لا يملك منزلا أو مبلغا ماليا مدخرا.
بالنسبة للموظف المكلف بتكوين الطلب ، ينصحه مكتب مكافحة الغش في تقديم المعلومات ، بإجراء حوار مطول مع طالب المساعدة ومع شريكه في الحياة ( الزوج والزوجة ) في آن واحد ، إسألهما ، ينصح المكتب في مذكرته عن مداخلهما وأملاكهما خارج هولندا . إسأل طالبي المساعدة عن سبب طول إقامتهم خارج هولندا، وإلى أين يذهبون؟ وأين يقيمون؟ ومذا يفعلون خلال وجودهم خارج هولندا؟ إسألهم أثناء الحوار عدة مرات عن مدى فهمهم لأسئلتك، دون في محضر الحوار أنك سألتهم مرات عديدة عن مدى فهمهم لإسئلتك، وأطلب منهم في نهاية الحوار التوقيع على المحضر. خذ صورا لوثائق إثبات الهوية (جوازاتهم ، بطاقات تعريفهم الوطنية) من الجهتين ، الجهة الفرنسية والعربية، بما فيه صورة حديثة لصاحب الطلب . أطلب من طالب المساعدة ألتوقيع على وثيقة (وكالة) يرخص الموقع لحاملها ألإطلاع على أملاكه والحصول على معلومات عنها عند مختلف المصالح والإدارات المغربية.
قائمة الأسئلة التي يمكن أن يواجهها طالب المساعدة وقائمة النصائح الموجهة للمصالح الهولندية المكلفة بتكوين ملفات طلبات المساعدة الواردة هنا، على سبيل المثال وليس الحصر، قام بإعدادها المكتب الدولي لمكافحة الغش في الملومات خارج الحدود (IBF) ويوجد مقره في المغرب، لأجل مد يد المساعدة في التحريات العابرة للحدود وحق الحصول على تعويض المساعدة.
أشغال التحري حول الوضعية المالية و ألأملاك العقارية في المغرب، تتم تحت مسؤولية الملحق الإجتماعي لدى سافرة المملكة الهولندية في الرباط . رئيس القسم والملحقون فيه ، موظفون تابعون لبنك الضمان ألإجتماعي الهولندي (SVB) رئيس القسم وموظفيه مهمتهم في المغرب ألبحث والتحري ، ومقارنة المعطيات المقدمة من طرف المقيمين في هولندا في ملفات طلباتهم للحصول على المساعدة ألإجتماعية . وتجدر الإشارة هنا ، إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالطلبات الجديدة للحصول على المساعدة، بل يمكن أن يشمل أيضا و بأثر رجعي ، الحالات الجارية.
المعلومات الواردة أعلاه ، حول التحريات في المغرب ، واردة في مذكرة وجهها مكتب محاربة الغش (IBF) خارج هولندا للبلديات الهولندية يستعرض فيها المكتب خبراته ويعرض خدماته على البلديات الذي يعتبر نفسه شريكا وسندا لها في مكافحة الغش عبر الحدود. عنوان المذكرة : مد يد المساعدة في التحريات العابرة للحدود و حق الحصول على تعويض ألمساعدة مكافحة الغش والتهرب الضريبي:
إبتداء من فاتح يناير المقبل (2014) يصبح كل مقيم في هولندا، ملزما قانونيا ، بتقديم جرد مفصل لأملاكه العقارية ولوضعيته المالية في المغرب لمفتشية الضرائب الهولندية في المكان المخصص لذلك (الصندوق رقم 3 ) من قسيمة الكشف الضريبي عن دخله السنوي. الهدف من هذا الإجراء ،تمكين مفتشية الضرائب من المراقبة والتأكد من صحة المعطيات المدلى بها من طرف الملزمين بأداء ضريبة عن دخلهم السنوي للخزينة الهولندية ، بلد إقامتهم.
الإجراء الضريبي في حد ذاته ليس بالجديد، ويتم تطبيقه تدريجيا. الجديد في الموضوع هو أن الحكومة الهولندية تعمل على إلزامية تطبيقه وتعميمه إبتداء من فاتح يناير المقبل ، مع أعتماد آليات تمكن مفتشية الضرائب ، التأكد من صحة المعطيات المدلى بها من طرف المواطن. ألكشف عن تعميم هذا الإجراء ومراقبة المعطيات المدلى بها ، خلف قلقا وغموضا عميقين وسط الجالية المغربية، كما أربك مسؤولي البعثات الدبلوماسية المغربية في هولندا، التي سارعت الى إصدار إعلانات تصف فيها الأنباء المتعلقة بالإجراء الضريبي بـ “مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة”. كما نفت السفارة المغربية في بيان توضيحي “وجود أية مفاوضات أو لقاءات بين الحكومتين المغربية و الهولندية ، من أجل التوصل الى إتفاقية لتبادل المعلومات الضريبية بطريقة إلكترونية”.
التناقض الواضح بين ما كشف عنه كاتب الدولة في وزارة المالية في الحكومة الهولندية وبيانات المسؤولين المغاربة المعتمدين في هولندا ، رفع حدة التوتر وسط الجالية و زاد الغموض الذي يكتنف الإجراء كثافة.
الإجراء الضريبي الهولندي
يقول كاتب الدولة في وزارة المالية في رسالة موجهة لبرلمان بلاده بتاريخ 13 غشت (2013 ) جوابا على سؤال كتابي ، وجهه للحكومة نائب من فريق الحزب الإشتراكي حول تطبيق ومراقبة المعطيات الضريبية التي يدلي بها المعنيون في الصندوق رقم 3، من قسيمة الكشف الضربي عن الدخل السنوي، ما يلي:
ترجمة لجواب الوزير: “(…) بناء على الإتفاقيات الضربية الثنائية ، القائمة بين هولندا و تركيا وبين هولندا و المغرب ، يمكن طلب المعومات حول الأملاك العقارية. مع تركيا و المغرب، هناك حاليا، إتصالات جارية لبحث إمكانية الوصول الى وضع مذكرة عمل مشتركة ، لتبادل المعلومات بطريقة أوتوماتيكية”.
من خلال جواب كاتب الدولة يتضح أولا ، أن هناك إتفاقية ضربية ثنائية ، قائمة بين هولندا والمغرب ، الشيء الذي يؤكده أيضا توضيح السفارة المغربية في لاهاي حيث تقول في النقطة رقم 4 من توضيحها ” لقد تم بتاريخ 12 غشت 1977 إبرام اتفاقفية بين حكومة المملكة المغربية و حكومة المملكة الهولندية تهدف الى تفادي الإزدواج الضربي وتلافي التملص الجبائي في مادة الضرائب المترتبة عن الدخل والثروة، وترمي مثل هذه ألإتفاقيات – حسب توضيح السفارة – بصفة عامة إلى تنشيط ألإستثمار و التبادل التجاري بين البلدان المعنية”.
الإتفاقية التي تشير إليها سفارة المغرب في لاهاي تقول في توضيحها أيضا ، أنها دخلت حيز التطبيق بتاريخ 12 غشت 1987 . التناقض هنا يشمل المفاضات الجارية بين هولندا و المغرب لتبادل المعلومات بين البلدين بطريقة أوتوماتيكية ، الذي كشف عنه كاتب الدولة في وزارة المالية الهولندي ، في الوقت الذي تنفي السفارة المغربية قطعا في توضيحها وجود أية مفاوضات أو لقاءات بين الحكومتين ، من أجل الوصول الى صياغة مذكرة عمل ، لتبادل المعلومات الضريبية بين هولندا والمغرب بطريقة أوتوماتيكية!
بعد إستعراض موقف البلدين في ملف مكافحة التهرب الضربي و تبادل المعلومات الضريبية ، إعتمادا على المعطيات المتوفرة لحد الأن ، تجدر الإشارة الى نقطتين: أولا، فهم السفارة المغربية للإتفاقية الضريبية حيث تقول السفارة في النقطة 2 من توضيحها في ما يخص تطبيق الإتفاقية ما يلي : ” لا يمكن بحال من الإحوال أن تؤول مقتضيات الفقرة الأولى من الإتفاقية ، كأنها إتفاقية تلزم إحدى الدول (الموقعة على الإتفاقية) بإتخاذ تدابير تخالف تشريعها أو تطبيقها الإداري أو تشريع الدولة الأخرى وتطبيها الإداري” من هنا يتضح أن الإتفاقية الضريبية موجودة فعلا ودخلت حيز التطبيق في 12 غشت من 1987 حسب توضيح السفارة.
التحفظ الذي عبرت عنه السفارة المغربية في توضيحها، يشمل فقط مدى إلزامية الطرفان على تطبيقها ومدى ملاءمة الإتفاقية لتشريع وقوانين البلدين.
إتفاقية التحقيق في صحة المعلومات المقدمة للحصول على التعويضات:
يقول مكتب محاربة الغش العابر للحدود (IBF) في مذكرته الموجهة للبلديات الهولندية، أن هولندا والمغرب وقعا سنة 2002 إتفاقية تشكل أرضية عمل، تقنن البحث والتحريات في ما يخص الحصول على تعويضات الضمان الإجتماعي ، الإتفاقية حسب مذكرة “مكتب محاربة الغش خارج الحدود” تتضمن صلاحية وحق مراقبة المعلومات المقدمة من طرف المقيمين في هولندا للحصول على تعويض المساعدة (Bijstand) كما يشير المكتب في نفس المذكرة التي يضع فيها خبرته وخدماته في محاربة الغش العابر للحدود على البلديات الهولندية، أن مفتشية الضرائب الهولندية من بين المصالح التي تعتمد على خدماته في المغرب في مجال محاربة الغش خارج الحدود.
من هنا يظهر أن خدمات المكتب في المغرب ، تؤطرها ألإتفاقية الضريبية ، المبرمة بين هولندا والمغرب سنة 1977 ، لتفادي ألإزدواج الضربي وإتفاقية 2002 لمراقبة أحقية المقيمين في هولندا، في الحصول على تعويضات إجتماعية.
خرق إتفاقية تفادي الإزدواج الضربي؟
هل تخرق الحكومة الهولندية إتفاقية تفادي الإزدواج والتهرب من الضرائب القائمة بين هولندا والمغرب ؟ للجواب على هذا السؤال ، يجب أولا ألإشارة الى أن المصالح المكلفة بمنح تعويضات المساعدة و مفتشية الضرائب يشكلان في هذه الحالة ، وجهان لعملة واحدة . تبادل المعلومات في ما بينهما يتم بطريقة أوتوماتيكية.
ثانيا أن مصلحة الضرائب الهولندية حسب المعلومات الضريبية المتوفرة ، لا تتجه الى إخضاع أملاك المهاجرين العقارية وأرصدتهم البنكية في المغرب ، بشكل مباشر للقانون الضربي الهولندي. ما تعمل الحكومة الهولندية على الوصول إليه ، هو وضع ألأملاك العقارية والثروة المالية في الصندوق رقم 3 من قسيمة الكشف الضربي عن الدخل السنوي. هذه العملية تؤدي الى إرتفاع الدخل ألإجمالي السنوي ،المعلن عنه ، الشيء الذي قد يؤدي الى حرمان المعني بالأمر من الحصول على المساعدات المرتبطة بالدخل السنوي. هذا في ما يخض الضريبة عن الدخل.
في ما يخض الحصول على تعويض يمنع قانونيا الحصول عليه ، تتجه الحكومة الى تطبيق إجراءات توقيف التعويض ، طبقا للمساطير الجاري بها العمل ومطالبة المعني بالأمر بإرجاع المبلغ أو المبالغ التي تلاقاها خلال المدة المحددة قانونيا بأثر رجعي. التقارير التي يعدها مكتب مكافحة الغش العابر للحدود تعتبر بحثا إداريا ، غير أن تقاريره يمكن إستعمالها من طرف المصالح المتضررة لمتابعة المعني بالأمر قضائيا.