المغرب: بطل ملاكمة يدخل «حلبة المصارعة» في مواجهة محافظ إقليم … والقضاء يطالبه بكفالة أو إحضاره معتقلاً

Advertisement

الرباط  : دخل بطل ملاكمة مغربي سابق حلبة المصارعة مع محافظ مدينة صغيرة، لكنّ مجال الحلبة كان هو السياسة وليس الرياضة، ووصلت القضية إلى المحكمة لتبتّ فيها. قصّة المواجهة إذن، هي بين البطل العالمي في رياضة «الكيك بوكسينغ» مصطفى لخصم الذي يرأس حالياً المجلس البلدي لمدينة إيموزار كندر وبين عامل (محافظ) إقليم صفرو، وسببها الاتهامات الثقيلة التي وجهها الأول للثاني بالفساد الإداري، فما كان من المحافظ سوى أن حرك المتابعة القضائية ضد خصمه/ لخصم. رئيس المجلس البلدي الذي فضّل العمل السياسي في بلاده عوض الاستقرار في الخارج، يوجد اليوم بين خيارين: إما أداء كفالة مالية قدرها 50 ألف درهم (4896 دولاراً أمريكياً)، أو أن يتم إحضاره معتقلاً بالقوة، المعنى الصريح لعبارة «إخضاعه للإكراه البدني» التي نُقلت عن نائب المدعي العام في المحكمة الابتدائية (درجة أولى) في مدينة صفرو، وهو يوضح شرط حضور المدّعَى عليه إلى المحكمة،اليوم الأربعاء. هذه المستجدات جعلت حلقة التعاطف والتضامن مع البطل السابق مصطفى لخصم تزداد اتساعاً وتجد من فضاءات التواصل الاجتماعي ميداناً للتعبير عنها بطرق شتى. كما أنها سلطت الأضواء من جديد على بلدة «إيموزار كندر» الصغيرة الواقعة بمحاذاة جبال الأطلس المتوسط (وسط البلاد) قرب إفران، والتي لا يُلتفت إليها غالباً سوى عند تهاطل الثلوج شتاءً أو عندما تزهر الحقول والمزارع. أصل القضية أن رئيس المجلس البلدي لمدينة إيموزار كندر اتهم المحافظ بعرقلة ميزانية البلدية التي يسيرها من خلال «تحريض» أعضاء في مجلسها ضده، وصرح أن بعض الموظفين التابعين لوزارة الداخلية يقومون بأخذ «رشاوٍ» و»إتاوات» و»يعرقلون» التنمية في المدينة. ونقلت مصادر إعلامية عن مصطفى لخصم المنتمي لحزب «الحركة الشعبية» قوله «إن محافظ إقليم صفرو يتضامن مع المعارضة من أجل عرقلة ميزانية البلدية ومشاريعها المبرمجة في جدول أعمال الدورات، دون أن يتوفر على قرائن وحجج شرعية، وأن السلطات المحلية بقيادة المحافظ تمارس الفساد وتنصب له الفخاخ لكي تسقطه وتزيله من رئاسة المجلس». كما اتهم رجال سلطة بأخذ إتاوات من أجل غض الطرف عن المخالفات والبناء العشوائي في المنطقة، مشيراً إلى أن بعضهم راكم ثروات كبيرة في عهد المجلس السابق الذي يشكل معارضة لخصم حالياً. وحين خُيِّرَ مصطفى لخصم بين أداء كفالة مالية أو الخضوع للإكراه البدني، قال إنه لن يؤدّي المبلغ المطلوب حتى لو تطلب الأمر إيداعه السجن، لأنه ليس فارّاً من العدالة ولم يقتل أحداً أو ارتكب فعلاً إجرامياً، وإنه مستعد دائماً للمحاكمة. وأكد بنوع من الثقة أنه يتوفر على أدلة تثبت ادعاءاته. وأفادت مصادر أن رئيس المجلس البلدي لمدينة إيموزار كندر كان قد مثل، الإثنين، أمام قاضي التحقيق في محكمة صفرو، على خلفية شكاية تقدم بها ضده محافظ الإقليم أمام النيابة العامة، بسبب تصريحات صحافية تحدث فيها عن تفشي الفساد في البلدية، إلى جانب بعثه لمراسلة رسمية لوزارة الداخلية يطلب من خلالها إيفاد لجنة بحث وتقصٍّ حول وجود «خروقات وتجاوزات» قال إن منتخبين وشخصيات نافذة في الإقليم تورطوا فيها، كما أوضح أنه رفض الخضوع لابتزاز أطراف سياسية تربطها «علاقات مشبوهة» بجهات نافذة، وفق تعبير صحيفة «أنفاس برس».
موقف لخضم دفع عدداً من النشطاء إلى التعبير عن تضامنهم مع لخصم، مُطالبين بفتح تحقيق قضائي شفاف مع جميع المسؤولين الذين تحدث عنهم. وتساءل الإعلامي مصطفى الفن: «من هي الشركة التي قال عنها مصطفى لخصم، رئيس بلدية إيموزار، إنها تسببت في تخريب الفرشة المائية بهذه البلدة الصغيرة التي تشكو أصلاً من ندرة المياه؟»، وتابع في تدوينة على «فيسبوك» أن «هذه الشركة هلكت الضرع الزرع وأتلفت الحرث والنسل في بلدة أصبح ناسها ربما مهددين بالموت عطشاً». ولاحظ أن «السواقي والعيون والمياه التي كانت تخترق، إلى عهد قريب، هذه البلدة الجميلة، تحولت اليوم إلى أرض قاحلة وجافة وموحشة كما لو أن «التتار» مروا من هناك». وكشف عن اسم الشركة المعنية التي تسببت في كل هذا الخراب، مشيراً إلى أنها تلك التي تقوم بالمتاجرة في نوع من المياه المعدنية. وأردف صاحب التدوينة قائلاً: «المثير أيضاً أن لخصم قال إنه كرئيس بلدية لا يعرف أي شيء عن كمية المياه التي تستخرجها هذه الشركة من تحت الأرض… كما أن هذه الشركة، حسب الرجل نفسه، تشتغل خارج القانون وبلا دفتر تحملات ولا تخضع لمراقبة مصالح البلدية». وجاء في تدوينة لمحمد دعنون أن لخصم «خدم الوطن وعرّف به ورفع رايته بفوزه ببطولة العالم عدة مرات، ثم عاد ليخدم وطنه عبر تدبير الشأن المحلي، فاصطدم مع «خدام» الدولة». واعتبر أن اعتقال «الأمازيغي الحر الذي يحارب الفساد، سيكون فضيحة كبرى وخطأ سياسياً جسيماً سيصعب معه دحض ما جاء به التقريران الحقوقيان الأوروبي والأمريكي». وبنبرة ساخرة، كتب مصطفى برجال تدوينة طالب فيها بتشديد العقوبات على البطل العالمي السابق لكونه ترك ألمانيا وعاد للمغرب، وصدّق الروايات الرسمية، فأراد – بحسن نية – محاربة الفساد بالمشاركة في اللعبة السياسية الفاسدة من الأصل. كما أنه أراد محاربة الفساد بالمشاركة في انتخابات أقصى ما تفرزه «مُنتخَب» خاضع لتحكم وزارة الداخلية أو ما ينوب عنها من مسؤولين محليين، فهي التي تحدد نوع وتوقيت الفساد الذي يجب أن يحاربه. واختتم التدوينة بالنبرة التهكمية نفسها قائلاً إن تشديد العقوبة وارد في حق المعني بالأمر لأنه «أراد محاربة فساد الداخلية بالانتماء لحزب الحركة الشعبية حزب وزير الداخلية الأسبق حصاد». أما يونس دافقير، الإعلامي والمحلل السياسي، فكتب «بعيداً عن العاطفة» أن قضية مصطفى لخصم تعود إلى صفته رئيس بلدية وليس بصفته بطلاً عالمياً، والبطولة ورفع راية المغرب ليس من موجبات الحصانة القضائية. وتابع في تدوينة على صفحته الافتراضية: «سمعت تصريحات لخصم، والحق يقال إنها قوية وصريحة وعلنية، في فضح شبهات الفساد ولا أقول الفساد، لأن القاعدة القانونية تقول إن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته. وشبهات الفساد التي تحدث عنها تطعن في ذمة وشرف أناس معروفين بصفاتهم المهنية في مجال ترابي محدد ومعلوم. وأي مواطن، من غير أن يكون مسؤولًا له الحق في اللجوء إلى القضاء لرد الاعتبار والدفع ببراءته، ومحافظ إقليم صفرو من وجهة نظر قانونية صرفة مارس حقه في اللجوء للقضاء. وإلا فإن الصمت كان سيعني أن «شبهات الفساد» ثابتة». وأضاف أنه كان بإمكان المحافظ طلب تقديم توضيحات في نفس المنصة الإلكترونية التي صدرت منها الاتهامات. وكان بإمكانه أيضاً تشكيل لجنة تحقيق في الشبهات التي تحدث عنها لخصم، وحين تظهر أنها فارغة، يمكنه اللجوء للقضاء كما يمكن له سلك مسطرة العزل في حق رئيس المجلس البلدي، أو يكتفي بعملية تواصلية يبين فيها أن ما تحدث عن مصطفى لخصم مجرد ترهات.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.