المغرب: حصيلة ضعيفة للبرلمان بسبب هيمنة السلطة التنفيذية وخفوت صوت المعارضة

Advertisement

الرباط  : ذهب البرلمانيون المغاربة إلى إجازاتهم نصف السنوية، تاركين وراءهم حصيلة وصفت بـ»الضعيفة» حسب وصف مراقبين، و»دون الطموح المشترك» وفق تعبير رئيس مجلس النواب. بينما يرى خبير أكاديمي أنه «في حال لم يستطع أعضاء البرلمان نقل هموم المواطنين بالشكل المأمول في إطار نقاش عمومي يقوم على طرح البدائل، فأغلبية النقاشات تبقى ديماغوجية، الغاية منها الإثارة أكثر من تمثيل الأمة المغربية».
في نهاية الدورة الخريفية من السنة التشريعية 2022 ـ 2023 في البرلمان المغربي بمجلسيه (النواب والمستشارون)، أبرز رشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أن الحصيلة بلغت 33 مشروع قانون تمت المصادقة عليها بالإضافة إلى ثلاثة مقترحات قوانين.
ومن أبرز النصوص التي تمت المصادقة عليها، القانون الإطاري المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والقانون المغير والمتمم لمدونة التغطية الصحية الأساسية، ومشروع قانون إطاري يتعلق بالاستثمار، وقانون بشأن الإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية.
إلى جانب هذه القوانين التأسيسية، صادق مجلس النواب المغربي على مشاريع قوانين تتعلق بالقضاء والمنشآت العامة والسياحة، ووافق على عدد من الاتفاقيات الدولية، الثنائية ومتعددة الأطراف.
وسجل رئيس مجلس النواب أن ما صودق عليه من مبادرات تشريعية لأعضاء المجلس يبقى «دون الطموح المشترك»، معرباً عن أمله في أن تسعف المقتضيات الجديدة التي تم تضمينها في النظام الداخلي الجديد للمجلس في استدراك هذا النقص.
وبخصوص حصيلة عمل البرلمان خلال الدورة التشريعية الخريفية دائماً، بلغ عدد الأسئلة الشفوية التي وجهها أعضاء المجلس للحكومة والتي تفاعلت مع أهم القضايا التي تهم المجتمع 410 أسئلة منها 73 آنياً في الجلسات الأسبوعية الـ 13 التي عقدها المجلس، فضلاً عن ثلاث جلسات أجاب خلالها رئيس الحكومة على خمسة عشر سؤالاً محورياً من بين 18 سؤالاً محالة عليه.
أما الأسئلة المكتوبة التي شكلت آلية لمساءلة أعضاء الحكومة حول قضايا محلية وقطاعية، فبلغ عددها 1806 أسئلة، أجابت الحكومة عن 1151 منها، بما نسبته 64 في المئة، في وقت تعززت ممارسة الاختصاص الرقابي للمجلس بدراسة قضايا مغربية وسياسات عمومية وأوضاع مؤسسات عمومية ومساءلة الوزراء ومسؤولي هذه المؤسسات أمام اللجان النيابية، حيث درست اللجان النيابية الدائمة 22 موضوعاً كانت محور 35 طلباً من مختلف الفرق والمجموعات النيابية، إلى جانب مناقشة تقارير مؤسسات دستورية وهيئات حوكمة.
كما رَخَّصَ مكتبُ المجلس برسم هذه الدورة للقيام بثلاث مهام استطلاعية ستشتغل حول أوضاع الأحياء الجامعية، والطرق السيارة والمقالع.
تعليقاً على الحصيلة، يرى رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة «ابن طفيل» في القنيطرة، أنه يمكن تلخيص الحصيلة «في هيمنة السلطة التنفيذية على التشريع وعطب في الرقابة، وسيادة معارضة التسول» وفق تعبيره، فعلى مستوى المبادرة التشريعية، اعتبر المتحدث أن هناك هيمنة في مشاريع القوانين التي مصدرها الحكومة، وضعفاً في المبادرة البرلمانية التي لا يمكن تبريرها بعامل دستوري، على اعتبار أن الدستور المغربي جعل من الحكومة السلطة الأصلية في التشريع، الأمر الذي لا يساير الطموح في بلوغ الملكية البرلمانية، حيث نسقط في عدم التكافؤ بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، التبرير هو أن الحكومة لا تتفاعل بالشكل المفروض مع مقترحات البرلمان، والحال أن المقترحات البرلمانية تعاني من الضعف بفعل محدودية وعدم عقلانية النصوص المقدمة.
أما على المستوى الرقابي، فاعتبر الخبير في الشأن الحزبي والبرلماني المغربي متحدثاً لـ «الشروق نيوز 24»، أنه في حال لم يستطع أعضاء البرلمان الحالي نقل هموم المواطنين بالشكل المأمول للمؤسسة في إطار نقاش عمومي يقوم على طرح البدائل، فأغلبية النقاشات تبقى ديماغوجية، الغاية منها «البوز» (الإثارة) أكثر من تمثيل الأمة المغربية.
وبخصوص النقاش في اللجان الدائمة، أوضح الأستاذ الجامعي أن مستوى النقاش داخل اللجان كان ضعيفاً من حيث نوعيته وكميته، بسبب ضعف المنتخبين وظاهرة التوريث في البرلمان. لافتاً إلى مسألة محدودية المبادرة التشريعية، فعلى الرغم من كون المستوى التشريعي لا يقاس بالكم بل بالكيف، وفق المتحدث، فإن السؤال الذي يطرح هو إلى أي حد تمكن البرلمان من تنفيذ البرنامج الحكومي ومعالم الدولة الاجتماعية للأغلبية الحكومية التي جاءت بشعار الدولة الاجتماعية.
وانتقد المحلل السياسي المغربي تخاذل المعارضة في القيام بأدوارها الدستورية وتشتتها بين «معارضة المزايدة ومعارضة التسول»، على حد قوله، كحزب الاتحاد الاشتراكي الذي كان يفترض به قيادة المعارضة والسعي للتنسيق بين أحزابها، غير أن «قيادته منشغلة باقتناص الفرص للمشاركة في الحكومة، وليست كوسيلة لتحقيق برنامج انتخابي؛ واصفاً المعارضة بكونها في حالة شرود في الوقت الذي يعرف فيه الشارع غلياناً بسبب غلاء الأسعار، وخلص المتحدث إلى أن المعارضة ملزمة سياسياً وأخلاقياً وقانونياً بالقيام بأدوار رقابة ومحاسبة الحكومة، والاجتهاد من أجل الضغط عليها لتسريع تجويد العمل التشريعي.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.