المغرب يرمي الكرة في ملعب فرنسا بشأن الأزمة.. بينما يتزايد القلق من تداعيات قد تكون خطيرة.. والرباط تقوي شراكتها مع اسبانيا.. فهل تتجه نحو تصعيد مواقفها تجاه باريس؟

Advertisement

الرباط نبيل بكاني:
رفض المغرب تبريرات فرنسا بشأن قرارها خفض التأشيرات الممنوحة للمغاربة، ما يوحي بأن الأزمة متواصلة ولا أفق قريب لحلها، بينما يتزايد القلق من تداعيات قد تكون خطيرة تزيد من الأزمة بين البلدين، خاصة أمام تشدد باريس في موقفها.
ورمت الرباط الكرة في الملعب الفرنسي، اذ قالت الحكومة المغربية الخميس إن استمرار رفض تأشيرات مواطنيها من جانب فرنسا سؤال يجب أن يطرح على باريس وليس على الرباط.
وقال المتحدث باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، خلال مؤتمر صحفي عقده بعد جلسة للمجلس الحكومي بالرباط، أن “السؤال يجب أن يطرح على الطرف الآخر (في إشارة إلى فرنسا)، وليس على المملكة المغربية.

وجاء رد بايتاس على أسئلة الصحافيين حول استمرار رفض التأشيرات للمغاربة عقب تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال فيها إن رفض إعادة المهاجرين المرحلين “غير مقبول”.
وأضاف المتحدث باسم الحكومة المغربية “إذا كان سبب موضوع التأشيرات مرتبطا بعودة القاصرين، فهناك توجيهات واضحة من العاهل المغربي لوزيري الداخلية عبدالوافي لفتيت والخارجية ناصر بوريطة بهذا الشأن، وتم العمل بشكل دقيق لتنفيذ التوجيهات الملكية”.
وأعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس في مايو الماضي توجيهات لوزيري الداخلية والخارجية بتسوية قضية “القاصرين غير المرفوقين بالأسرة” المتواجدين بشكل غير نظامي في دول أوروبية.
وسبق لصحيفة لوموند الفرنسية أن قالت في تقرير لها، إن تصرفات فرنسا بشأن التأشيرات تسمم العلاقات بين باريس والرباط.
ونبه التقرير إلى أن استمرار أزمة التأشيرات تثير سخطاً متزايداً داخل المجتمع المغربي تحت نيران الانتقادات المستمرة ووسط دعوات إلى المعاملة بالمثل بالنسبة إلى الفرنسيين المتجهين إلى المملكة.
وطالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في رسالة لها إلى الرئيس الفرنسي “بوضع حد لمعاملة المغاربة بعجرفة استعمارية من طرف المصالح القنصلية في البلاد”.
من جهته، قال رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية محمد بودن إلى أن العلاقات المغربية الفرنسية ليست في هذه الفترة على ما يرام وبأنها في المستوى الأدنى للتعاون.
وشدد في تصريح لموقع أصوات مغاربية، على أن فرنسا فقدت مواقعها في المملكة المغربية على أكثر من مستوى.
ويجمع السياسيون في المغرب، على أن الموقف الفرنسي بخصوص قضية الصحراء رغم كونه إيجابياً في ما يتعلق بمبادرة الحكم الذاتي، إلا أنه لا يرتقي إلى مستوى أطراف دولية شريكة للمغرب مثل الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا.
ودافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن سياسة الحزم في منح التأشيرات للمغاربة، معتبرا أن هذه السياسة “بدأت تؤتي ثمارها”.
وقال ماكرون في تصريحات صحافية على هامش قمة الفرنكوفونية بتونس في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، “نرى أن عودة المهاجرين غير النظاميين أصبحت سهلة”، مشددا على رفض فرنسا إعادة المهاجرين المرحلين “غير مقبول”.
وأشار ماكرون إلى أنه “من غير المقبول ألا نعيد الأجانب الموجودين في وضع غير نظامي والذين تم تحديدهم على أنهم خطرون ومزعجون للنظام العام”.
ولم يعد يخفي كثير من المتتبعين، توجه المغرب نحو تصعيد مواقفه تجاه فرنسا، ويرون تخفيض حضور المملكة الأخير في القمة الدولية للفرانكفونية المنعقدة بتونس، رسالة الى فرنسا باعتبارها الجهة المنظمة والمعنية الأولى بالقمة التي تراهن عليها لاستعادة مكانتها الاقتصادية بالدرجة الأولى في المنطقة المحسوبة على المنظمة.
فوفقاً للباحث المغربي بالعلاقات الدولية نبيل الأندلوسي فإن “العلاقات المغربية الفرنسية عرفت تذبذباً ومداً وجزراً وأكثر من توتر منذ وصول (الرئيس الفرنسي) إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه سنة 2017”.
واعتبر الأندلوسي في حديثه للأناضول أن “رفض أو تخفيض منح تأشيرات للمغاربة ليس أزمة في حد ذاتها، بقدر ما هي تداعيات لأزمة صامتة بين البلدين أساسها اقتصادي بالدرجة الأولى، بخاصة بعد تراجع ترتيب فرنسا وتقدم إسبانيا على مستوى التبادلات التجارية والعلاقات الاقتصادية بين المغرب وفرنسا”.
وفي مقابل التوتر مع فرنسا، يسير المغرب نحو تطوير علاقاته مع اسبانيا، بينما يضيق النفوذ الفرنسي في المنطقة، وفي هذا الاطار، وصف وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، الشراكة التي تربط بلاه بالمغرب بـ “ذات المنفعة المتبادلة”، مؤكدا أن العلاقات بين مدريد والرباط تعد ”نموذجا يحتذى به بالنسبة لباقي بلدان المنطقة”.
واعتبر خوسيه مانويل ألباريس أن توالي اللقاءات مع نظيره المغربي “يعكس متانة العلاقات السياسية بين البلدين”، كاشفا “تزايد حجم التبادل التجاري بين مدريد والرباط بنسبة تفوق الثلاثين بالمئة، بما يعادل 7000 مليون يورو بالنسبة إلى الصادرات الإسبانية”، لافتاً إلى أن تلك الأرقام “ستتزايد بالطبع بنهاية العام الجاري”.
كما أثنى وزير الخارجية الإسبانية، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية من بينها “هيسبريس” على النتائج الإيجابية التي تحققها مجموعات العمل البينية، وهو ما اعتبره “التزاما من البلدين بتطوير العلاقات الثنائية بطريقة ديناميكية وسريعة”، مشيرا في هذا الصدد إلى “الرضا التام للبلدين على المستوى الحالي من الشراكة”.
وأعلن المسؤول الاسباني عن انعقاد اجتماع تقني الأسبوع المقبل لمواصلة الاشتغال على الملفات الثنائية، كاشفا، في هذا السياق، تنظيم الاجتماع الثنائي بين الحكومتين أواخر يناير أو أوائل فبراير القادمين.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.