اليمين الإسرائيليّ والأمريكيّ المُتطرّف اخترق الخليج بزمنٍ قياسيٍّ بعد (اتفاقيات أبراهام).. زيارات متبادلة ووفود لمعسكرات الإبادة وتهاني بالأعياد.. مستوطِن متطرّف يُدير مؤسسة تواصل.. جمعية “شراكة” تغلغلت بالمغرب و”صهاينة العرب” يُدينون “الإرهاب الفلسطينيّ”
من زهير أندراوس:
كشفت صحيفة (هآرتس) الإسرائيليّة النقاب عن أنّه بعد مرور حوالي العاميْن على توقيع اتفاقيات أبراهام، أيْ
اتفاقيات التطبيع والسلام بين الدولة اليهوديّة والبحرين والإمارات العربيّة، والتي تمّ التوصل إليها والتوقيع عليها برعايةٍ أمريكيّةٍ، عندما كان دونالد ترامب رئيسًا للولايات المُتحدّة، كشفت النقاب عن أنّ العلاقات بين الأطراف آخذة بالتوثق والتوطّد، وأنّها فتحت المجال أمام فرص تعاونٍ متبادلٍ، استثنائيةٍ وغير عاديّةٍ، لكنّ الصحيفة استدركت قائلةً، نقلاً عن مصادر رفيعةٍ في كلٍّ من تل أبيب وواشنطن، إنّ القاسم المُشترك الأعظم للبعثات التي تصل إلى الدولتيْن الخليجيتيْن، وللمُبادرات المُشتركة بينهما مع كيان الاحتلال هو سيطرة اليمين الصهيونيّ المُتطرّف عليها، بالإضافة إلى “المسيحيين الإنجيليين” في أمريكا، والذين يؤيّدون إسرائيل بشكلٍ منقطع النظير، ويُعتبرون “صهاينة أكثر من هرتسل” وـ”كاثوليك أكثر من بابا روما”.
الوفد العربيّ لمعسكر (أوشفيتز) كان جزءًا من برنامج “شراكة” الذي أقيم بعد “اتفاقيات أبراهام” التطبيعية
وقالت المُستشرِقة كاسانيا سفيتلوفا إنّ وفدًا عربيًا مكوّنًا من 16 شخصًا من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شارك في الـ28 من شهر نيسان (أبريل) الفائت للمرّة الأولى في رحلة دراسية استغرقت عدّة أيامٍ إلى بولندا بمناسبة إحياء ذكرى “المحرقة النازية”.
وأضافت أنّ البعثة ضمّت شخصيات من دولٍ عربيّةٍ عديدة بينها سوريّة، لبنان، البحرين، السعودية، تركيا والمغرب، بالإضافة إلى فلسطينيين، لافتةً إلى أنّ الوفد زار “معسكر الإبادة” في أوشفيتز، وكان أوّل وفدٍ من نوعه يشارك بمسيرة إحياء ذكرى قتلى معسكر الاعتقال.
وشدّدّت على أنّ الوفد كان جزءًا من برنامج “شراكة” الذي أقيم بعد إبرام “اتفاقيات أبراهام” التطبيعية من قبل شبان من دول عربية وكيان الاحتلال، مُضيفةً إنّه على الرغم من الوقت القصير الذي مرّ منذ توقيع الاتفاق تمكّنت “شراكة” من عقد لقاءاتٍ شارك فيها مئات الإسرائيليين، مع المئات من العرب والمُسلمين، وهم ليسوا بالضرورة مع الدول التي طبّعت مع الكيان، وأنّ العديد من الشخصيات الفاعِلة في هذا المجال ينتمون لليمين.
تحالف بين الصهاينة المتطرّفين والمسيحيون الإنجيليون بأمريكا الداعمين لإسرائيل للتغلغل بالخليج والمغرب
المُستشرقة كشفت عن أنّ دان بيبرمان، المسؤول عن النشاط العالميّ في (شراكة) لا يُعرِّف الجمعية كيمينيّةٍ، لأنّها تضُمّ إسرائيليين من خلفياتٍ سياسيّةٍ مُختلفةٍ، مُضيفةً أنّ عاميت ديري، المدير العّام لحركة الجنود والضباط الإسرائيليين بالاحتياط، يُشارِك في نشاطات الجمعية، رغم أنّ مواقفه يمينيّة، بالإضافة إلى ديفيد بروغ، وهو يهوديّ-أمريكيّ، الذي شغل مناصب رفيعةٍ في التنظيم الإنجيليّ “مسيحيون موّحدون من أجل إسرائيل”.
بيبرمان، وهو ضابط سابق في قسم الاستخبارات العسكريّة بجيش الاحتلال، يؤكِّد أنّ الهدف المُعلن لجمعية (شراكة) هو استغلال الأجواء الإيجابيّة التي نتجت عن (اتفاقيات أبراهام) لنسج علاقاتٍ وطيدةٍ بين إسرائيليين وبين العرب لخلق لغةٍ مشتركةٍ بين القادة المُستقبليين للشرق الأوسط
وتابعت قائلةً إنّ بيبرمان، وهو ضابط سابق في قسم الاستخبارات العسكريّة بجيش الاحتلال، يؤكِّد أنّ الهدف المُعلن لجمعية (شراكة) هو استغلال الأجواء الإيجابيّة التي نتجت عن (اتفاقيات أبراهام) لنسج علاقاتٍ وطيدةٍ بين إسرائيليين وبين العرب لخلق لغةٍ مشتركةٍ بين القادة المُستقبليين للشرق الأوسط، مُضيفًا أنّه في البداية تُساوِر الشكوك العديد من المُشاركين في فعاليّات التقارب بين العرب واليهود، ولكنْ بعد ذلك يفهمون كيفية وآلية السلام الحقيقيّ والحّار، على حدّ تعبيره.
ولففت المُستشرِقة الإسرائيليّة إلى أنّه بالإضافة لجمعية (شراكة) هناك العديد من الهيئات والمؤسسات والشخصيات الذين يعملون في الحقل، ويقومون بتجنيد شبّانٍ لتنظيم بعثاتٍ لزيارة الإمارات، وبينهم رؤساء بلديات ومسؤولين كبار في الحكم المحليّ بالكيان، الذين يقومون بشكلٍ مُكثّفٍ بزيارة الإمارات، مُشدّدّةً على أنّ الأغلبية الساحقة من هذه الجمعيات والمؤسسات تُسيطِر عليها شخصياتٍ يمينيّةٍ من إسرائيل.
نائبة رئيس بلدية القدس المُحتلّة ناشطة كبيرة بحزب (ليكود) تقود “المنتدى النسائيّ الإسرائيليّ لنساء الأعمال بالخليج”
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، كشفت المُستشرقة عن أنّ نائبة رئيس بلدية القدس المُحتلّة، بيلير حسن-ناحوم، وهي ناشِطة بحزب (ليكود) اليمينيّ بقيادة رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، تقود مجلس الأعمال بين إسرائيل والإمارات، وأيضًا “المنتدى النسائيّ الإسرائيليّ لنساء الأعمال بالخليج”.
وأوردت المستشرقة الإسرائيليّة في تقريرها أمثلةً أخرى على قيادة اليمين الإسرائيليّ واليمين المُتطرّف لجمعيات ومؤسسات توثيق التعاون بين الكيان والإمارات، منها “جمعية البيت”، التي تضُمّ بين أعضائها يشاي فلايشير، الناطق الرسميّ بلسان المُستوطنين الصهاينة في مدينة الخليل الفلسطينيّة المُحتلّة، وهي الجمعية التي تؤيّد فرض السيادة الإسرائيليّة على الضفّة الغربيّة، كما أنّ الجمعية عينها، تعمل على تطوير حلولٍ سياسيّةٍ جديدةٍ التي تسمح بقبول فلسطينيين في الكيان، ليس من منطلق تنازلات، بل من مُنطلق القوّة”.
جمعية البيت الصهيونيّة اليمينيّة تُشارِك باختراق الخليج وتُطوّر مشروعٍ يُذكّر بالكوفية الفلسطينيّة بلونيْ علم الكيان
عُلاوةً على ذلك، فإنّ “جمعية البيت” تتحدّث كثيرًا عن حقوق الإنسان، لكن ليس عن حقوق المواطن، وبعد توقيع (اتفاقيات أبرهام) وصل مندوبوها إلى الخليج وأقاموا علاقاتٍ مع إماراتيين مؤيّدين لإسرائيل، وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ رودي روشمان، وهو أحد قادة الجمعية يقوم بتطوير مشروعٍ يُذكّر بالكوفية الفلسطينيّة، ولكن باللونيْن الأزرق والأبيض، وهما لونيْ علم كيان الاحتلال.
بالإضافة إلى ما جاء أعلاه، تمّ إنشاء مجموعاتٍ ناشطةٍ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، مثل (فيسبوك) وـ(تويتر) مؤلفةً من إسرائيليين ومن مؤثُرين إماراتيين وبحرانيين الذي يحمِلون وبفخر واعتزاز لقب “الصهاينة العرب”، حيث يقوم أفراد المجموعات من الطرفيْن الإسرائيليّ والخليجيّ بدعم بعضهم البعض، ويتحدّثون عن العيش المُشترك، وأيضًا في أعياد اليهود والمسلمين يتبادلون التهاني، كما قالت.
المؤثّر حسن سجواني يُدين العمليات الفدائيّة ويُعزّي الإسرائيليين “ضحايا الإرهاب الفلسطينيّ”
وفي ختام تقريرها أوضحت المُستشرقة أنّه في نفس اليوم الذي وقعت فيه عملية بئر السبع ( 22.03.2022)، والتي أوقعت أربعة قتلى إسرائيليين، كتب أحد أصحاب المواقع الالكترونيّة ويُدعى حسن سجواني، على حسابه في (تويتر): “تعازيّ الحارّة، وصلوات من عُمق قلبي لذكرى ضحايا الهجوم الإرهابيّ الفظيع، الذي قتل أربعة إسرائيليين أبرياء في بئر السبع، إسرائيل. صلواتي من أجل شفاء الجرحى”، على حدّ تعبيره.
وفي الخامس من شهر أيّار (مايو) الجاري نشر سجواني على (تويتر) تعزيّة أخرى للإسرائيليين مُباشرةً بالتزامن مع وقوع عملية تل أبيب، وأرفق مع التغريدة باللغة الإنجليزيّة، خبرًا عن مقتل ثلاثة إسرائيليين في عمليةٍ إرهابيّةٍ، وأضاف سجواني، الذي يصِل عدد متابعيه إلى 173 ألف متابعٍ: “صلوات من أعماق قلبي لذكرى ضحايا الهجوم الإرهابيّ الفظيع في تل أبيب”، بحسب قوله.
“شراكة” تخترق المغرب وسفير الكيان د. دافيد غوفرين يُحييها ويدعهما
وفي الثاني عشر من شهر أيّار (مايو) الجاري قام وفدٌ من شراكة بزيارة للملكة المغربيّة، ونشر سفير كيان الاحتلال، د. دافيد غوفرين، الذي اجتمع لأعضاء الوفد، نشر تغريدةً على حسابه الرسميّ في (تويتر)، جاء فيه:”كنت سعيدًا اليوم بحضور اجتماع مع ممثلي “شراكة”، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية تسعى إلى تشجيع التعاون الثنائي وتعزيز فرص الاشتغال بين إسرائيل ومختلف الدول، لتحقيق اتفاقيات إبراهيم. كانت هذه أول زيارة لهم للمغرب وأتمنى لهم التوفيق والنجاح”، على حدّ تعبير د. غوفرين، سفير تل أبيب بالرباط.