اختار رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان طريقة مثيرة لإعلان تأييده قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باجتياح أوكرانيا، حين قرّر زيارة موسكو في اليوم نفسه لبدء الهجوم الروسي، حيث التقط الصور التذكارية مع بوتين، غير عارف أن هذه الزيارة، ستفتح الطريق لحجب ثقة البرلمان عن حكومته، وربما لإخراجه من المشهد السياسي الباكستاني برمّته.
واضح أن سوء تقدير كبير كان وراء تلك الخطوة، وهو أمر لا يتناسب مع الإمكانيات المفترضة من شخص يرأس بلدا يقع على خط زلازل سياسية كبرى؛ وعلى نزاع دائم مع جارته النووية العملاقة، الهند؛ وللجيش، والمؤسسات السياسية فيه، علاقة وثيقة بـ”المحور الغربي”. جعل قرار الزيارة باكستان تبدو وكأنها متوجهة إلى حلف مع روسيا والصين، في وقت يستنفر فيه العالم الغربيّ وحلفاؤه ضد الغزو الروسي، وكان طبيعيا، نتيجة هذه الأسباب، وغيرها، أن يحصل ما يشبه الإنذار الغربي، الذي ظهر على شكل رسالة مشتركة وجهها رؤساء 22 بعثة دبلوماسية، في الأول من آذار/مارس حثوا فيها باكستان على دعم قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، وكانت الرسالة أمرا ندر حدوثه في التاريخ الحديث لباكستان.
رد خان على الرسالة أمام تجمّع سياسيّ مخاطبا الدول التي انتقدت زيارته بالقول: “هل نحن عبيد لكم… نفعل أي شيء تقولونه؟”، وتابع خان بعدها انتقاداته، حيث صرّح سائلا سفراء الاتحاد الأوروبي إن كانوا قد وجهوا رسالة مشابهة للهند، التي امتنعت مثل باكستان عن التصويت.
بدت مناكفة المحور الغربي أهم، بالنسبة لخان، من الحفاظ على علاقته مع الجيش، الذي كان قائده، قمر جاويد باجوا، قد انتقد الهجوم الروسي، معتبرا ما حصل “مأساة كبيرة” يتعرض لها بلد أصغر.
صعّدت واشنطن، وحلفاؤها الغربيون، الضغوط على خان، والتقى مسؤولون أمريكيون بسفير باكستان قائلين إن العلاقة مع إسلام أباد المستقبلية تتوقف على ما إذا عمران خان سوف يُعزل من السلطة في تصويت برلماني، وهو ما ردّ عليه خان، بمناورة شارك فيها الرئيس الباكستاني عارف علوي، الذي أعلن حلّ البرلمان، وقيام انتخابات خلال ثلاثة أشهر، لكن المحكمة الباكستانية العليا ردت القرار، وقام البرلمان بحجب الثقة عن خان، الذي اعتبر ما حصل “مؤامرة خارجية” ضده.
يبدو أن قرار خان بإعلان دعمه بوتين في غزوه لأوكرانيا كان مقامرة كبيرة بمستقبله السياسي، ولكن لا يمكن رد هذا القرار، سواء كان خاطئا أم صحيحا، إلى هوى خان بشخصية بوتين، وربما لم يفعل ذلك القرار سوى تسريع الإطاحة بخان، الذي يتحمل مسؤولية التراجع الاقتصادي، وفشل الحكومة في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، وعدم إيفائه بوعود قطعها على نفسه بمحاربة الفساد.
بدلا من مواجهة هذه القضايا الاقتصادية والسياسية المستعصية فضّل خان، الذي ينتقد الهند، وتواطؤ الغرب، على ما يعتبره استمرارا لاحتلال إقليم كشمير، أن يؤيد احتلال بلد آخر، فوقع، من حيث لا يحتسب، على سيف بوتين!
Advertisement
Advertisement