أعلن رئيس ما تسمى “جمهورية دونيتسك” الانفصالية (شرقي أوكرانيا) دينيس بوشيلين اليوم السبت التعبئة العامة جراء تصاعد قصف القوات الأوكرانية. في المقابل، اتهمت كييف الانفصاليين بشن حملة تضليل للسكان، نافية عزمها على القيام بعمل عسكري في دونيتسك. وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن نظيره الروسي فلاديمير بوتين اتخذ القرار بغزو أوكرانيا.
وقال بوشيلين -في تصريح عبر الفيديو- إنه وقّع اليوم مرسوم التعبئة العامة، داعيا مواطني إقليم دونيتسك للالتحاق بمكاتب التجنيد العسكري.
ويتهم الانفصاليون الموالون لروسيا القوات الأوكرانية بالاستمرار في انتهاك وقف إطلاق النار، وقالوا إن قوات الأمن الأوكرانية قصفت نوفوترويتسكوي في منطقة دونباس للمرة الخامسة خلال الليل، كما تعرضت محطة ضخ المياه في منطقة فاسيليفسكي في إقليم دونيتسك إلى أضرار جراء قصف للقوات الأوكرانية، وفق رواية الانفصاليين.
وأوردت وكالة “تاس” الروسية للأنباء أن قوات أوكرانية تطلق النار على مناطق دونيتسك من 5 اتجاهات صباح اليوم السبت.
وكان خط لأنابيب النفط انفجر مساء أمس الجمعة في مدينة لوغانسك التي يسيطر عليها مسلحون موالون لروسيا في الشرق الأوكراني، وذكرت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية للأنباء أنه وقع انفجار ثان في المدينة نفسها بعد انفجار خط الأنابيب، من دون أن يتم تحديد مصدره.
اتهام بتضليل السكان
في المقابل، قال القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية فاليري زالوجني إن الانفصاليين المدعومين من روسيا يواصلون تعمد تفاقم الوضع وتضليلِ سكان ما سماها “الأراضي المحتلة مؤقتا”، داعيا سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الانفصاليين قرب الحدود مع روسيا إلى عدم تصديق ما وصفها “برواية الانفصاليين وأكاذيبهم”.
وأضاف زالوجني أن جيش بلاده لا يخطط لأي عمل عسكري في دونباس لأنه سيؤدي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين، مشددا على أن الخيار الوحيد المقبول لإنهاء احتلال أراضي بلاده هو الخيار الدبلوماسي السياسي”.
وفي السياق نفسه، قال أوليكسي دانيلوف سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني إن بلاده لن تحرر أراضيها المحتلة بالوسائل العسكرية، لأن ذلك سيوقع خسائر كبيرة بين السكان المدنيين، واتهم المسؤول الأوكراني المسلحين الروس بمحاولة استفزاز قوات بلاده المسلحة، نافيا تورط الجيش الأوكراني في التصعيد في دونباس.
وقالت المخابرات العسكرية الأوكرانية إن لديها معلومات عن لجوء المخابرات الروسية إلى زرع ألغام في مرافق البنية التحتية في إقليم دونيتسك لخلق ذرائع لاتهام أوكرانيا بارتكاب أعمال إرهابية، وحثت الاستخبارات الأوكرانية سكان الإقليم على عدم مغادرة منازلهم، وعدم استخدام وسائل النقل العام.
رصد تزايد الخروق
وأعلن مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا اليوم السبت أنهم لاحظوا “زيادة كبيرة” في انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا، حيث يتواجه المسلحون الموالون لروسيا مع القوات الأوكرانية منذ 2014.
أوضح بيان للمنظمة أنها سجلت 222 انتهاكا لوقف إطلاق النار أمس الخميس على خط الجبهة في إقليم دونيتسك، بما فيها 135 انفجارا، مقابل 189 انتهاكا الأربعاء و24 الثلاثاء الماضيين.
وفي لوغانسك -وهي مدينة أخرى شرقي أوكرانيا يسيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا- سجلت المنظمة 648 انتهاكا، بينها 519 انفجارا، مقابل 402 الأربعاء و129 الثلاثاء الماضيين.
وفي سياق متصل، أعلن الانفصاليون الموالون لروسيا شرقي أوكرانيا بدء عمليات إجلاء للمدنيين إلى داخل الأراضي الروسية، وقالت سلطات دونيتسك الانفصالية إنه تم إجلاء 6 آلاف و600 مدني إلى روسيا.
وأوفد الرئيس الروسي بوتين وزير الطوارئ بالإنابة ألكسندر تشوبريان للإشراف على عمليات استقبال اللاجئين الأوكرانيين الفارين من أعمال العنف، وأعلنت حكومة مقاطعة روستوف الروسية حالة الطوارئ على خلفية تدفق اللاجئين من الأراضي الأوكرانية. في حين قال مسؤول أمني أوكراني إن بلاده مستعدة لاستقبال الأهالي الفارين من مناطق سيطرة الانفصاليين.
خطة لتبرير الهجوم
وتعليقا على التطورات الميدانية شرقي أوكرانيا، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الجمعة -في مؤتمر ميونخ للأمن- إن ما حدث في دونباس “جزء من خطوات روسية لتبرير العدوان على أوكرانيا”، وقالت الخارجية الأميركية إن عمليات الإجلاء من شرق أوكرانيا “محاولة أخرى للتعتيم على كون روسيا المعتدي في هذا النزاع”.
وفي السياق نفسه، قال الرئيس الأميركي جو بايدن أمس الجمعة إنه “واثق” من أن نظيره الروسي “اتخذ قراره” بغزو أوكرانيا، مشددا في الوقت نفسه على أن “الأوان لم يفت” للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.
وفي كلمة بشأن الأزمة على الحدود الروسية الأوكرانية من البيت الأبيض، شدد الرئيس بايدن على أن روسيا منخرطة في حملة للمعلومات المضللة بشأن أوكرانيا، مشيدا في الوقت ذاته بما عدّه ضبط النفس الذي أبداه الجيش الأوكراني.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنه بإمكان الرئيس الروسي شنّ هجوم على أوكرانيا في وقت قصير، وإن لديه كافة الاحتياجات لشن اجتياح ناجح، مضيفا في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي” (ABC) الأميركية أن احتمال حدوث غزو روسي ليس خدعة.
ونقلت شبكة “إن بي سي” (NBC) الأميركية عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) -طلب عدم الكشف عن اسمه- قوله إن روسيا حشدت ما يقرب من 50% من قواتها، وجعلتها في وضع الهجوم حول أوكرانيا.
نفي روسي ومناورات
في المقابل، قالت السفارة الروسية في الولايات المتحدة اليوم إن موسكو ترفض مزاعم واشنطن بأنها مسؤولة عن هجمات إلكترونية على بنوك ومواقع حكومية أوكرانية على الإنترنت، ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة.
وكانت آن نويبرغر نائبة مستشار الأمن القومي الأميركي صرحت أمس الجمعة بأن المخابرات العسكرية الروسية كانت وراء الموجة الأخيرة من هجمات أدت لفترة وجيزة إلى تعطل المواقع الإلكترونية المصرفية والحكومية الأوكرانية.
من ناحية أخرى، أوردت وكالة “تاس” الروسية أن تدريبات لقوات الردع الإستراتيجي الروسية ستجرى اليوم، وتستخدم فيها صواريخ باليستية وصواريخ كروز، وسيتابع الرئيس بوتين هذه التدريبات.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه تم التخطيط في وقت سابق لتدريبات قوات الردع الإستراتيجي للتحقق من جاهزية أجهزة القيادة والسيطرة، وإطلاق فرق قتالية وسفن حربية وناقلات صواريخ إستراتيجية للقيام بالمهام الموكلة إليها، وكذلك جاهزية أسلحة القوات الإستراتيجية النووية وغير النووية.
بوتين يتهم الغرب
وكان الرئيس الروسي اتهم الغرب بعدم الجدية في بحث الضمانات الأمنية التي طلبتها موسكو لحماية أمنها القومي، ومن أبرزها إبعاد قوات وعتاد حلف شمال الأطلسي (ناتو) عن الحدود الروسية، وعدم قبول طلب عضوية أوكرانيا في الحلف.
وقال رئيس مجلس الدوما (الغرفة السفلى للبرلمان الروسي) فياتشيسلاف فولودين إن موسكو لا تريد الحرب، لكنها مستعدة للدفاع عن مواطني دونيتسك ولوغانسك.
وضمن المساعي الدبلوماسية لنزع فتيل الحرب، قالت الرئاسة الفرنسية إن الرئيس إيمانويل ماكرون سيجري اتصالا هاتفيا مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم السبت، ومع نظيره الروسي غدا الأحد، وذلك في محاولة من ماكرون لتجنب الأسوأ في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وأضافت باريس أنه ما زال بإمكانها “ثني الرئيس بوتين عن المضي قدما نحو مهاجمة أوكرانيا”.
الشروق نيوز 24 / متابعة