بسبب تغييب السياسات اللغوية في أجندات الحكومة المغربية.. رئيس أكبر تجمع للدفاع عن اللغة العربية يهاجم الحكومة ويتهمها بـ”العدائية” للغة الضاد في يومها العالمي
الرباط – نبيل بكاني:
هاجم رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الحكومة متهما إياها بـ”العدائية” تجاه اللغة العربية، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف كل عام يوم 18 كانون الأول (ديسمبر).
وقال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، إن العربية تعاني من تهميش وإجحاف في بلدنا، مشددا على أن “الإصرار على فرنسة المدرسة المغربية مازال جاريا على قدم وساق”.
وهاجم رئيس الحكومة قائلا ان هذا الوضع مستمر “بالرغم من النداءات والبلاغات والتقارير التي تؤكد على ما يعانيه أبناء المغاربة من مشاكل دراسية جوهرها لغة التعليم، والانقلاب المفاجئ في التدريس من التعريب إلى الفرنسة”.
وانتقد المتحدث توجه الحكومة التي يقودها حزب “التجمع الوطني للأحرار” ذو التوجه اليميني الليبرالي المعروف بتبنيه للتوجه الثقافي الفرنسي، (توجه الحكومة) القائم على استبدال اللغة العربية الفصحى بالعامية والدوارج، خاصة في الصفحة الرئيسية للحكومة التي تعتمد رسميا العامية في التواصل مع المغاربة.
وأكد رئيس أكبر تجمع للدفاع عن اللغة العربية والذي يضم في طياته عشرات الهيئات الأهلية، أن “الحكومة التي يرأسها السيد عزيز أخنوش مازالت مصرة على معاداة اللغة الرسمية ومخاطبة المغاربة بالعامية كتابة وتلفظا، في تحد صريح ومتكرر للدستور والنصوص القانونية ذات الصلة”.
ووجه المسؤول الحقوقي والأكاديمي، سهام النقد، أيضا، للنواب بالبرلمان، لضعف مستواهم اللغوي.
وقال بوعلي، ان “تكررت الحوادث التي أبانت عن ضعف خطير ومؤسف لبعض ممثلي البرلمان في الحديث باللغة الرسمية، حيث يجدون صعوبة في طرح سؤال أو قراءته. فكيف يستأمن على تمثيل الأمة من لا يحترم دستورها؟”، وذلك، “بالإضافة إلى ما تعانيه في التداول الإعلامي والإداري والاقتصادي والثقافي” يضيف المتحدث.
ويشار الى أن نشطاء مغاربة سبق أن أطلقوا حملة ضخمة عرفت مشاركة مئات الآلاف على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوقيع الالاف على عريضة الكترونية، طالبت بالقطع النهائي مع اللغة الفرنسية، نظرا للسياسات الفرنسية الداعمة لها، غير أن السياسات اللغوية تبقى غائبة عن أجندات الحكومة.
ودعا الرئيس الفرنسي، امانويل ماكرون، قبل أسابيع، أثناء القائه كلمة بمناسبة انعقاد القمة الفرانكفونية في تونس، الى تعزيز حضور اللغة الفرنسية في المستعمرات السابقة، حتى ولو كان ذلك خارج المجالات الأكاديمية التي باتت تتطلب التمكن من اللغة الإنكليزية، وشدد على وجوب دعم اللغة الفرنسية في قطاعات الرياضة والثقافة.
هذا واعتبر بوعلي أن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، الذي يتم في ال 18 كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، بأنه ذكرى جميلة لمحبي العربية عبر العالم، لافتا الى أنه “اليوم الذي اعتمدت فيه اللغة العربية لغة رسمية، ضمن اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة”، مسترسلا “وهي مناسبة للفخر والاعتزاز بلغة قدمت، وتقدم، الشيء الكثير للإنسانية”.
وأضاف انه “ففي الوقت الذي مازالت لغات أخرى تقاوم النسيان والانقراض، وتستحدث في سبيل ذلك المؤسسات والتشريعات، تعيش العربية في كنف الحماية الدولية والاستعمال الكوني”.
وتواجه الحكومة الحالية بانتقادات واسعة، بسبب امتناعها عن الاستجابة للدعوات المتزايدة لتعميم استعمال اللغة العربية في الإدارة والرفق العام، وخاصة التعليم بعد نتائج مخيبة لقرارات التدريس بالفرنسية في عدد من المواد في الصفوف الابتدائية والثانوية، وذلك في ظل تقارير عن تراجع مخيف لمستوى التلاميذ بسبب ضعف الاستيعاب باللغة الأجنبية.
ويرى متابعون أن امتناع الحكومة عن الاستجابة لدعوات القطع مع اللغة الفرنسية، التي باتت توصف في الأوساط الشبابية بـ”اللغة المتجاوزة” أن الحكومة تحاول بعث رسائل تطمين لفرنسا التي تعول على رابط التبعية اللغوية للحفاظ على امتيازاتها الاقتصادية واحتكارها لعدد من العقود والصفقات الحكومية.
وأضاف، رئيس ائتلاف اللغة العربية، في هذا السياق أن العربية كلغة “رسمية في المنتظم الدولي، يعني أنها لغة الوثائق الرسمية، ولغة التداول داخل أروقة السياسة العالمية، واعتراف بما قدمته للإنسانية من تراث وعلم ومعرفة”. لذا، يقول بوعلي: “مضت سنة أخرى وحلت ذكرى أخرى ونحن نحصر المنجزات والنكسات”.
ونشر موقع حزب العدالة والتنمية المعارض، مقالات حول وضعية اللغة العربية في المغرب، التي يقر الفصل الخامس من الدستور بطابعا الرسمي الى جانب اللغة الأمازيغية، وانتقد منشور على الموقع، تجنب وزارة التعليم الاحتفاء باللغة العربية في يومها الدولي.
وجاء في المقال، انه “في السنة الماضية فاجأنا السيد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الآتي من سفارة المغرب بباريس إلى باب الرواح (الميدان الذي يضم مبنى الوزارة)، بمذكرة وجهها إلى مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، للاحتفال باليوم العالمي للغة العربية”.
وكانت وزارة التربية والتعليم، قد دعت في العام الأكاديمي الماضي، كافة المتدخلين والفاعلين الى تنظيم أنشطة تربوية وثقافية وفنية لفائدة الطلبة بالمدارس الابتدائية والمتوسطة.
وقال الوزير حينها، “ان هذا الاحتفال يأتي في سياق تعزيز مكانة اللغة العربية وإعطائها القيمة اللائقة بها”، مشددا على “ضرورة تقديم التجارب الناجحة وأجود المقاربات في مجال تعليمها وتعلمها”.
وقال فؤاد بو علي بهذا الخصوص، لقد “اعتقد الكثير من المنافحين عن لغة الضاد أن السيد بنموسى سيحدث توازنا في المشهد اللغوي، وإن كنا نستبعد ذلك، من خلال الحرص على الأقل على الاحتفاء، ولو بطريقة شكلية، لكن يبدو أن مذكرة السنة الماضية كانت استثناء وعادة دأب عليها وزراء التربية الوطنية في إصدار المذكرة في سنتهم الأولى”.