الرباط : صارت كلمات من قبيل «في حالة اعتقال» مثل كلمات مفتاحية لفهم ما يروج في عدد من الصفحات والحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن تحوّلت المتابعة القضائية لنائب برلماني حالي ووزير سابق إلى ما يشبه النموذج والسيرة والمسار لمحاكمات أخرى يترقبها الرأي العام المغربي.
إلى وقت قريب، كان البعض يظنون أن محاكمة أشخاص مثل النائب البرلماني عن حزب «الحركة الشعبية»، محمد مبديع، تسير في طريق طويل لا ينتهي ولا أجل زمنياً له، بينما كان الأمر يهيأ على نار القانون الهادئة التي لا تعرف التسرع والعجلة.
إلى حين ينتهي البحث والتحقيق وتبدأ محاكمة مبديع ومن معه، ويبدأ تناقل الأخبار العاجلة والآجلة في مختلف المواقع الإخبارية الإلكترونية، يصرّ المغاربة على عدم تجاوز هذه القضية، بل جعلوها محور نقاشاتهم والطاولة التي يضعون عليها أوراق قضايا أخرى يتوقعون أن تطيح برؤوس أخرى مارست الفساد نفسه الذي يتهم به البرلماني المعتقل.
«الجمعية المغربية لحماية المال العام» التي كان لها دور في واقعة البرلماني محمد مبديع، أطلق رئيسها وعيداً في إذاعة خاصة خلال استضافته في حوار على المباشر، بل أقسم بالقول إن الملف الذي بين أيديهم سيمضي إلى القضاء مهما كان الشخص المتورط.
الحكاية فيها الكثير من التوقعات والتأويلات على أن الآتي أدهى بالنسبة «للفساد والمفسدين» كما يحلو للجمعية تسميتهم، وليس مبديع سوى نموذج لعدد منهم يختفون في ثوب خدمة الصالح العام وتمثيل الناس في مجالس ومؤسسات منتخبة.
وأشار محمد الغلوسي، رئيس «الجمعية المغربية لحماية المال العام»، في تدوينة له، إلى «إدانة البرلماني ورئيس جماعة أولاد الطيب في فاس من طرف غرفة الجنايات الابتدائية في محكمة الاستئناف ومعه مجموعة من المتهمين ضمنهم رئيس مجلس العمالة شقيق البرلماني التجمعي بستّ سنوات سجناً نافذة»، وأضاف أنه «بعد ذلك، من المرتقب أن يواجه البرلماني نفسه تهمة جديدة وتتعلق بالاتجار في البشر واغتصاب فتاة قاصر معروفة بضعف قواها العقلية، إذ ستشرع غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف في فاس في إجراءات محاكمة البرلماني الموجود رهن الاعتقال بعد إدانته في جرائم المال العام».
هذا فيض من غيض يبدو أنه قادم خلال الأيام القليلة المقبلة التي ستعرف ما يشبه «تسونامي» ضد الفساد والمفسدين ممن اتخذوا مناصبهم الانتدابية التمثيلية للمواطنين جسراً عبروا من فوقه نحو الاغتناء والثراء.
أولى إرهاصات هذا «التسونامي» كما يحلو لمغاربة التواصل الاجتماعي تسميته، كانت عبارة عن خبر من «الكواليس» بيومية «الأخبار» التي أكدت أنه «تزامناً مع اعتقال الوزير السابق، محمد مبديع، صدرت تعليمات صارمة عن الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس النيابة العامة، من أجل تسريع البت في ملفات الفساد المعروضة على القضاء».
وأوضحت الصحيفة نفسها أن تعليمات المسؤولين بالتسريع، جاءت على إثر وجود «عشرات الملفات المفتوحة أمام محاكم جرائم الأموال والمحاكم العادية تخص برلمانيين ومنتخبين يواجهون تهماً خطيرة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، وتزوير وثائق إدارية بغرض السطو على عقارات الغير».
وأبرزت أن هناك أيضاً «ملفات أخرى قيد التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية». وحسب صحيفة «الأخبار» المغربية، فإن «مجموع القضايا الرائجة أمام أقسام الجرائم المالية بمختلف المحاكم، يفوق 700 قضية، بالإضافة إلى التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات والتي أحالتها النيابة العامة على القضاء».
يبدو صيفاً ساخناً ينتظر كل من مد يده للمال العام، لكنه في المقابل ساخن جداً على المواطن أمام لهيب الأسعار الذي لا تريد أن تبرد ناره أبداً، حديث الفساد والفسّاد لا ينتهي إلا بحديث الأزمة والغلاء، لأن المضاربين يشبهونهم في هذا السلوك، فقط تختلف المسالك والطرق والبضاعة أيضاً.
وفي إطار الصيف الساخن يقول الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، عمر الشرقاوي، في تدوينة نشرها على صفحته في فيسبوك: «أشعر أن حملة محاسبة لبعض رؤساء الجماعات (البلديات) قادمة لا ريب فيها. والحقيقة أننا في حاجة ماسة لذلك».
توقعات الأكاديمي يتقاسمها معه عدد كبير من المحللين والصحافيين والمتتبعين، وكلهم يترقبون بداية «التسونامي» ونهاية العبث في مواقع المسؤولية الانتخابية، والإحالة هنا على رؤساء جماعات وحتى غرف وبرلمانيين وغيرها من الصفات التمثيلية.
Advertisement
Advertisement