اعتبر عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن المؤامرة التي تعرض لها حزبه لم تنطلق في 8 شتنبر الماضي، بل منذ 2002 عندما انتقل عدد المقاعد التي تحصل عليها “المصباح” من 14 إلى 42 مقعدا، وأن الهدف من ذلك كان تحجيم وتصغير وتهميش “البيجيدي” وإن أمكن الاستراحة منه.
وأضاف بنكيران خلال كلمته بالمؤتمر الجهوي لجهة الدار البيضاء سطات، اليوم الأحد، أنه رغم النتائج الأخيرة غير المفهومة، والتي ساهمت فيها أخطاء مسؤولي الحزب خلال تولي مسؤولية تدبير الشأن العام، مثلما وقع مع اللغة العربية والتطبيع والقنب الهندي (الحشيش) وما يشبه ذلك، والتي كانت فيها ظروف خاصة أجبرت على اتخاذ هذه الخطوات.
وتابع أنه ليس معقولا أن يتراجع الحزب من 125 إلى 13 معقدا الآن، ومنهم 4 فقط من جاؤوا بالانتخاب المباشر، مضيفا أنه بالرغم من هذا لا زال مناضلو الحزب حاضرين ولم يسقطوا أيديهم أو يتواروا عن المشهد، وهو ما يدل على قوة وصلابة “البيجيدي” الذي تأسس على قوام صحيح وأيديولوجية عقائدية إسلامية.
وأوضح زعيم “المصباح” أنه بالرغم من كل ما وقع فإن الاستمرار يدل على بداية مشروع الحزب السليم منذ البداية، وأنه ليس حزب أتى بإيديولوجية سياسية هشة أو تجمع إداري لتقديم خدمات سياسية مقابل مصالح مالية، بل كانت لديه إيديولوجية عقائدية واضحة منذ الانطلاقة، إذ تحولنا من حركات دعوية إلى حزب سياسي وحافظنا على مبادئنا على عكس البقية.
ويرى بنكيران أن المشاركة في الحياة السياسية ضرورية وواجبة، كون أنها صارت مختلة، ولو ٍأنه وإخوانه ظهر لهم بأن من ينجح انتخابيا بشكل سليم ولا يستشري الفساد، إذ يصبح الكثيرون من الساسة بين ليلة وضحاها أغنياء على حسب ارتفاع معدلات الفقر ومعاناة البؤساء، لما ولجوا السياسة بمرة.
وفي سياق آخر، أشار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أن قيادات الحزب رفضت الخروج في موجة الربيع العربي إلى الشارع وراء حركة “20 فبراير”، التي لم يكن شبابها يعرفون إلى أين يتجهون وكانوا يتكلمون في العموميات، والديمقراطية والعيش الكريم وغيرها، دون تحديد الطريق لبلوغ ذلك، مبرزا أنهم إضافة إلى حزب التقدم والاشتراكية هما ودهما من عبرا بكل صراحة عن آرائهم خلال تلك المرحلة، خلافا للصمت الذي نهجه الآخرون.
وأضاف أن من يسير البلاد رأى في حزب العدالة والتنمية القدرة على قيادة المغرب بعد موجة الربيع العربي، وليس حزبي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، اللذان لم يكونا قادران على تدبير المرحلة لو منحت لهما الفرصة وقتها.
وفي رده على رشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، قال بنكيران إنه وأمثاله مجرد “كراكيز وهو واحد الميكروب في السياسة”، مذكرا بأن العلمي طلب منه بأن يجعله وزيرا أو رئيسا لمجلس النواب بعد تحالف “البيجيدي” مع “الأحرار” في 2011، قائلا لرئيس الحكومة السابق إنه “لا يثق لا في زعيم حزبه حينها صلاح الدين مزوار ولا في غيره”، وأن بنكيران أقسم له أنه إذ لم يصر رئيسا لمجلس النواب فلن تشكل الحكومة بهذا التحالف، مؤكدا أن في الأخير هذا ما وقع.
واستطرد قائلا: “العلمي ظل 15 يوم وهو يفكر في الرد علي لإحياء مكانتهم وتواجدهم على الساحة بعدما لاحقتهم الخسائر في تدبير الشأن العام، وأنه هو ومن معه في الوقت التي كانت الأمور مشتعلة بالشارع في 2011 غابوا عن المشهد واختبؤوا خلف العدالة والتنمية، وفي انتخابات التشريعية لم يحصلوا إلا على 37 مقعدا”، متسائلا ّ”هل الطالبي العالمي قام بتأدية الديون التي عليه وتسلم الشيكات بدون رصيد التي كان يدفعها؟”.
وقال بنكيران متهكما على العلمي: “لا شبهتيني بالذيب الشارف أنت غير حمار، لا تُقدر من يفعل معك الخير أو يقدرك في مرحلة ما ولا تبحث إلا عن مصلحتك”.
وفي جانب آخر، جدد زعيم “البيجيدي” موقفه من كونه غير متفق مع الزيادة في الأجور، لأن المستقبل في ظل الأزمات الحالية يبقى مجهولا وهو ما يفرض الحفاظ على مالية الدولة، مشيرا لضرورة الادخار في هذه المرحلة لحين أن تتضح الأمور وتزول المشاكل المتواجدة الآن.
وارتباطا بما سبق، اعتبر المتحدث ذاته، أن النقابات الموقعة على الاتفاق الاجتماعي لم تفكر في خدمة مصالح الشغيلة، واصفا بالتحديد الميلودي المخارق، الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل بأنه “المخربق”، مشيرا إلى اعترافه بأنه “ساهم في سقوط حزب العدالة والتنمية في الانتخابات”، مبرزا أنه يسعى اليوم للحصول من الحكومة الحالية على ّ”نصيبه من المكاسب والغنيمة المحققة”.
وطالب بنكيران من عزيز أخنوش وحكومته بضرورة التفكير في الفئات الهشة التي تعاني من غلاء الأسعار وظروف العيش الصعبة، والعمل على بذل الجهود وإصلاح الأوضاع، مبرزا أنه لا يسيء إلى رئيس “الأحرار” لكنه يقول بأنه كشخص يصعب عليه أن يكون رئيسا للحكومة.
يذكر أن الطالبي العلمي، في كلمة له خلال المؤتمر الجهوي لحزبه بجهة الرباط سلا القنيطرة، يوم أمس السبت، وصف بنكيران بـ “الذيب الشارف” وبـ “الحلايقي”، قائلا إنه “يشجع على الفوضى في الشارع بدل طرح البدائل الاقتصادية وتلك التي من شأنها تطوير المجتمع، وبأن العقول الكبيرة تناقش الأفكار أما الصغيرة فهي من تناقش الأشخاص، وأن من يرفض الاتفاق الاجتماعي والزيادات للموظفين ليس خائفا على ميزانية الدولة”.