الرباط : شنّ الأمين العام لحزب “العدالة والتنمية” المعارض في المغرب هجوماً لاذعاً على وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، داعياً إياه إلى تقديم استقالته، لكونه “أثبت عدم كفاءته”، وفق تعبيره.
وأرجع عبد الإله بن كيران ذلك إلى التوصية الصادرة عن مؤسسة “الوسيط” المعنية بتظلمات المواطنين في علاقتهم بالإدارة، في شأن تنظيم مباراة ثانية لولوج مهنة المحاماة، لفائدة الذين لم يتمكنوا من النجاح، واتهموا وزارة العدل بالتلاعب فيها وممارسة الزبونية والمحسوبية. وقد تبنت الحكومة المغربية توصية مؤسسة “الوسيط”، وأعلنت عن تنفيذها قبل نهاية السنة الحالية.
وكان القيادي الإسلامي يتحدث السبت خلال اجتماع “اللجنة الوطنية” لحزبه، حيث قال مستغرباً: “المباراة الجديدة ستنظم تحت مسؤولية نفس الوزير الذي اتُّهم بكونه أفسح المجال لمجموعة من المحظوظين والأقارب والأصدقاء وذوي النفوذ والمحامين”، وفق ما جاء في الكلمة التي اطلعت عليها “الشروق نيوز 24” مسجلة في الصفحة الرسمية لحزب “العدالة والتنمية” في شبكة للتواصل الاجتماعي.
وأعرب رئيس الحكومة السابق عن استغرابه من التوصية التي طالبت بها مؤسسة “الوسيط”، قائلاً إنها ستفتح الباب أمام كل الذين لم يحالفهم النجاح في أي مباراة للتوظيف من أجل الاحتجاج والمطالبة بتنظيم مباراة جديدة.
وأضاف أن هذه السابقة ستعيد الاحتجاجات إلى شارع محمد الخامس وسط العاصمة وكذا احتلال الملك العام، وسوف تخلق نوعاً من الفوضى.
وذهب إلى القول إن الصواب كان هو إلغاء مباراة الولوج إلى مهنة المحاماة، وليس تنظيم مباراة جديدة. كما ينبغي ـ في رأيه ـ إقالة وزير العدل. وأوضح أن هذا الأخير يخلق المشاكل باستمرار، مستدلاً على ذلك بفرض ضرائب على المحامين، ومشاكل أخرى تتعلق بمدونة الأسرة وبإمارة المؤمنين ومباراة المحامين وغيرها.
“ومع ذلك ـ يضيف بن كيران ـ ما زال الوزير جالساً في مقعده، وقيل لنا إنه سيبقى هناك للمرة الثانية والثالثة وهلم جرا… فما هو السبب؟”. وتابع قائلاً: “من يحمي هذا الرجل؟ ولماذا؟ نحن لا نود اتهامه بأي شيء، ولكن المسؤولية تقتضي الكفاءة، وقد أثبت أنه غير كفء، وما حدث مؤخراً (مباراة المحاماة) يقتضي أن يقدم استقالته؛ فهذه إدانة رسمية موجهة له من طرف مؤسسة عمومية”.
في السياق ذاته، عبّر حزب “العدالة والتنمية” عن “إدانته لأسلوب تدبير الحكومة لملف الامتحان الخاص بمنح شهادة الأهلية لمزاولة مهنة المحاماة وإعلانها عن تنظيم مباراة جديدة، بناء على توصية مؤسسة الوسيط”.
وجاء في بيان للأمانة العامة للحزب الإسلامي، اطلعت عليه “الشروق نيوز 24”، أنه “بغض النظر عن مدى احترام هذه التوصية لضوابط البناء الدستوري والقانوني والمؤسساتي، وللمساطر القضائية الجارية، فإن خلاصات تقرير مؤسسة الوسيط تفرض على الحكومة اتخاذ قرار سياسي مسؤول يرد الاعتبار والثقة في المؤسسات، من خلال ترتيب الآثار السياسية الواجبة وإعمال المبدأ الدستوري القائم على ربط المسؤولية بالمحاسبة وما يترتب عليه من استقالة الوزير أو طلب إعفائه، وصولاً إلى إلغاء نتائج هذه المباراة وإعادة تنظيمها، وذلك بالنظر إلى خلاصات وتوصيات مؤسسة الوسيط”.
وأشار بيان الهيئة السياسية إلى أن توصيات “مؤسسة الوسيط” (رسمية)، “تشكل إدانة صريحة ومباشرة لوزير العدل وللحكومة، وتمثل اعترافاً رسمياً من مؤسسة دستورية بما شاب هذه المباراة من خروقات، وأنه بناء عليه، لا يجوز قانونياً وسياسياً وأخلاقياً إعادة تنظيمها تحت سلطة الوزير نفسها”.
وتعتبر هذه المرة الأولى التي يعلن فيها حزب سياسي معارض، عبر بيان رسمي، عن مطالب باستقالة وزير العدل على خلفية الامتحان الذي طال أمد التجاذب بشأنه، خاصة في ظل توصيات مؤسسة رسمية، بضرورة “الإعلان عن امتحان جديد يستجيب لشروط امتحان دورة الرابع من كانون الأول/ ديسمبر 2022 نفسها”.
بيان “العدالة والتنمية” أورد في مستهله مقتطفاً من كلمة الأمين العام للحزب، عبد الإله بن كيران، الذي عبّر عن “استيائه الشديد من تدني مستوى تعامل الحكومة مع تدبير قضايا الشأن العام”.
ووصف هذا السلوك “بالارتباك والتهرب من المسؤولية”، كما نبّه “إلى مخاطر هذا السلوك على تبديد الثقة في المؤسسات، جراء التراجع غير المسؤول عن الإصلاحات النوعية والمكتسبات الهامة التي تم تحقيقها لفائدة الدولة والمجتمع خلال الولايات الحكومية السابقة”.
نقطة أخرى توقف عندها بن كيران وهي ما سماها بـ “خطورة الخطوة المتمثلة في الدعوة التي وجهها رئيس مجلس النواب (لرئيس الكنيست الصهيوني)، واستقباله له في البرلمان”، حيث نبّه أيضاً “إلى دلالاتها السيئة، باعتبار ما يمثله البرلمان من رمزية لإرادة الشعب المغربي الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل والغاصب لأرض فلسطين”.
وسرد البيان نفسه مجموعة من المواقف التي سجلتها الأمانة العامة للحزب المذكور، والتي من بينها مسألة استقالة وزير العدل على خلفية امتحان المحاماة، إضافة إلى “استنكارها الشديد” لزيارة (رئيس الكنيست الإسرائيلي) لمجلس النواب المغربي”.
وبعد أن اعتبرت “أن هذه السابقة الخطيرة تشكل – بما للبرلمان من قيمة رمزية باعتباره يمثل سيادة الأمة ويعبر عن الإرادة الشعبية – استفزازاً لمشاعر الشعب المغربي وإساءة واضحة لمواقفه الثابتة الرافضة للتطبيع مع هذا الكيان المحتل، ولمختلف جهود المغرب والمغاربة في الدفاع عن فلسطين والقدس والتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق ونصرة مقاومته الوطنية”، ذكرت الأمانة العامة للحزب صاحب شعار المصباح، “أن مثل هذه الزيارات لن تغير بأي حال طبيعة هذا الكيان المحتل وجرائمه الإرهابية المستمرة تجاه فلسطين والقدس والفلسطينيين؛ ولن تؤثر في المواقف وفي النظرة التي ينظر بها عموم المغاربة لهذا الكيان الغاصب؛ وانتصارهم الدائم لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وتؤكد أن سيادة المغرب على صحرائه قضية محسومة لدى المغرب والمغاربة، وترفض إيهام الرأي العام بأن حسم ملف قضية الوحدة الترابية لبلدنا تمر عبر الهرولة بكل السبل نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني”.
ولم يغفل “العدالة والتنمية” في بيانه العودة إلى “النقاش حول مدونة الأسرة”، ومرة أخرى كان وزير العدل في قلب المعمعة، ووصف ما يثيره المؤول الحكومي حول الحريات الفردية بـ “غير مسؤول”، لتذكر بأن “مرجعية ورش تعديل بعض مقتضيات مدونة الأسرة ومراجعة القانون الجنائي محسومة لأنها مؤطرة ومقيدة تقييداً دستورياً بالثوابت الجامعة للأمة المغربية، وهي ثوابت غير قابلة للتعديل أو المساومة، وأن منظومة قيم المغاربة وهويتهم الدينية الراسخة وتاريخهم المجيد في التشبث بها والدفاع عنها، لن يسمح على الإطلاق بتمرير هذه الأجندات الغريبة التي تصادم ثوابت المغاربة ودولتهم”. أما فيما يخص مجال الحريات والحقوق، فقد نبهت الأمانة العامة للحزب المعارض الحكومة إلى ما أسمته بـ “الانزلاقات”، وخصت بالذكر “منع المسيرة الاحتجاجية التي دعت إليها إحدى النقابات بالدار البيضاء؛ ومنع نشاط فكري كان مبرمجاً بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط”، وبالنسبة لإخوان بن كيران، فإن “التبريرات التي قدمتها وزارة الثقافة” بهذا الخصوص “واهية” ولا تستقيم ومنطق دولة الحق والقانون.
عيد الأضحى بدوره كان حاضراً في البيان المطول لحزب “العدالة والتنمية”، وجدد “تأكيده على ضرورة تفاعل الحكومة بجدية ومسؤولية مع استعداد المغاربة” لاستقباله، معبرة “عن رفضها للاختيارات الحكومية في تدبير ملف الأضاحي، والتي تركز على توجيه الدعم لبعض الفئات المحظوظة من المستوردين، وتغفل الفلاحين الصغار والمتوسطين والمستهلكين، وتدعوها إلى ضرورة تحمل المسؤولية في مواكبة وضمان استفادة الفئات المستحقة من الإنفاق العمومي الموجه للاستيراد، حتى لا نكون أمام وضعية تبديد المال العام، وتركيز جديد للثروة لدى فئة نافذة مرتبطة بزواج المال بالسلطة تستغل كل الوضعيات من أجل مراكمة الثروات على حساب عموم المواطنين والمواطنات”.
Advertisement
Advertisement