تجليات الصراع على النفوذ بالمغرب بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج ، وحجم إختراق عملائهم لمختلف مؤسسات الدولة المغربية السيادية والسياسية والاقتصادية والإعلامية ..
أن يخرج أحد المفكرين والأساتذة الجامعيين اليساريين المغاربة , ويتهم بشكل صريح فرنسا بأنها كانت وراء قتل الملك المغفور محمد الخامس بأيادي مغربية ، لأن هواه كان أمريكيا التي كانت ترفع وتتبنى شعار رسمي في سيايتها الخارحية تحت عنوان ” تقرير المصير للشعوب ” ، ويميل لأطروحات المقاومة الوطنية بكل رموزها التي كانت تدفع لنهج سياسة بناء مؤسسات ديموقراطية في الدولة المغربية الحديثة ، يصل لحقيقة واحدة هو أن المغرب منذ عهد الإستقلال كان حلبة صراع كبيرة بين النفوذ الفرنسي والامريكي .
وان فرنسا نجحت عن طريق تولي الملك الحسن الثاني الحكم جعل المغرب حلقة خلفية أساسية لنفوذها في دول شمال إفريقيا.
ولهذا يجد المهتم بالشأن السياسي المغربي أن المغرب بعدوحصوله على (الإستقلال ) بين قوسين إعتمد في بناء مؤسساته العسكرية والأمنية والإستخباراتية والإدارية والإعلامية والسياسية والإقتصادية على الدور الفرنسي بشكل كامل .
ولاعحب مثلا ، أن تجد ضباط فرنسيين كبار كانوا وراء تأسيس أجهزة الامن والجيش الإستخبارات المغربية الداخلية منها والخارجية .
يعني أن كل المسؤولين المغاربة السياسيين منهم والأمنيين والإستخباراتيين والإقتصاديين والإعلاميين كانوا فركفونيين .
ولهذا كل الحكومات التي توالت على تدبير الشأن العام المغربي منذ عهد الإستقلال ولغاية حكم الملك محمد السادس كان هواها فرنسي بإمتياز ورؤساء حكوماتها ينتمون للمدرسة الإدارية التكنوقراطية الفرنسية .
ولهذا لم تعمر الحكومات الوطنية المغربية التي تم تعيينها سواء في عهد الملك المقتول محمد الخامس ، مثل حكومة عبد الله إبراهيم الإتحادية ؛ او خلال حكمي الملك المرحوم الحسن الثاني ونجله الملك محمد السادس ، كحكومة التناوب بقيادة المرحوم عبد الرحمان اليوسفي التي تم إجهاض تجربتها الديموقراطية كشكل من أنواع التحكم السياسي الذي تبنته الدائرة الضيقة من الملك محمد السادس بقيادة المستشار الملكي فؤاد علي الهمة.
نفس هذا الصراع الفرنسي الأمريكي على النفوذ في المغرب تجلى من جديد إبان هبوب رياح ثورات الربيع العربي بالعديد من الدول العربية من ضمنها المغرب سنة 2011 إنتهت ببروز حركة 20 فبراير الشبابية التي تصدرت المظاهرات لأسابيع متتالية إنتهت بالخطاب الملكي المشهور في 9 مارس الذي نتج عنه المصادقة على دستور جديد وتنظيم برلمانية أوصلت أول مرة حزب إسلامي لرئاسة الحكومة ، ألا وهو حزب العدالة والتنمية بقيادة عبد الإلاه بنكيران.
وكان هنا الدور الأمريكي الكبيررد الخفي وراء الإطاحة بالعديد من رؤساء الدول العربية ، بداية من الرئيس التونسي المخلوع زبن العابدين ، والرئيس المصري حسني مبارك ، والرئيس اليمني علي عبدالله صالح ، وآخرهم قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي الذي شن عليه حلف الناتو حملة عسكرية تحت إسم دعم ثوار ليبيا إنتهت بقتله بشكل وحشي .
هذا الصراع الفرنسي الأمريكي على النفوذ في المغرب طوال ستة عقود ، كان من بينه أشكاله ايضا زرع عملاء لهؤلاء الدول في مختلف مؤسسات الدولة المغربية السيادية ، الأمنية والإستخباراتية والسياسية والاقتصادية والإعلامية .
وهذا كان يحصل بمباركة وموافقة القصر الملكي سواء في عهد الملك المرحوم الحسن الثاني او في عهد الملك الحالي محمد السادس.
لكن الجديد هو الإختراق السعودي والإماراتي للعديد من الكيانات السياسية المغربية ولبعض أجهزة الأمن والمخابرات عن طريق زرع مسؤولين أمنيين وإستخباراتيين في مناصب عليا حساسة ودعمهم ، وحمايتهم من كل المتابعات القضائية ، وإن إرتكبوا اخطاء كبيرة ، وقاموا بإنتهاكات خطيرة لمبادئ حقوق الإنسان العالمية ، وضيقوا على الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير في الصحافة .
ولهذا أنه منذ سنة 2013 تراجع النفوذ الأمريكي في العديد من الدول العربية التي شهدت ثورات الربيع العربي أوصلت على إثرها حركات إسلامية للحكم ، مثل مصر التي جرى فيها إنقلاب عسكري دموي بقيادة الجنرال السيسي، الذي إرتكب جرائم قتل فضيعة لآلاف من المدنيين المصريين في ميداني رابعة العدوية والنهضة بتمويل خليجي من أجل الإطاحة بالرئيس المنتخب مرسي وإزاحة الإخوان المسلمين من الحكم .
في المغرب بدأ المسلسل الإنقلابي سنة 2013 بإخراج حزب الإستقلال من حكومة بنكيران ، وتعويضه بالتجمع الوطني للأحرار من أجل التحكم السياسي في الحكومة .
يعني أن النفوذ الفرنسي عاد بقوة من خلال التعديل الحكومي الذي حدث في سنة 2013 ، الذي لا يرى بعين الرضى أي حزب إسلامي على رأس الحكومة .
المؤسف فعلا أنه ، منذ سنة 2016 هو أن عملاء فرنسا والسعودية والإمارات بالمملكة هم الذين يوجد بين يديهم القرار السياسي الداخلي الأمني منه والإستخباراتي والإعلامي والسياسي والإقتصادي .
ومازاد الطين بلة هو الإختراق الصهيوني الأخير للمغرب في العديد من المجالات الذي حدث منذ توقيع اتفاقية التطبيع بين المملكة والكيان الصهيوني في شهر دجنبر من سنة 2020 مقابل إعتراف الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب بمغربية الصحراء.
ملاحظة أخيرة ، هو أنه لا أحد يقترب من عملاء فرنسا والسعودية والإمارات بالمملكة الذين يمارسون مهامهم الأمنية والإستخباراتية في العديد من المؤسسات السيادية ، بينما يحاكم نشطاء في حقوق الإنسان وصحفيين وإعلاميين بتهمة التخابر مع منظمات دولية وجهات خارجية .
المراسل / باريس / فرنسا..