طرح العديد من المحللين أسئلة حول توقيت صدور القرار الأمريكي ولماذا ؟ . تأخر إلى هذا الوقت بالذات ومع نهاية حكم الرئيس الأمريكي ، بحيث لم يبق على مغادرته للبيت الأبيض بعد خسارته في الإنتخابات سوى أقل من شهر؟ ولماذا هذا الإعتراف بشرط عودة العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ،ونفس الشيء فعلت الولايات المتحدة لحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
ويبدو أن كل القرارات التي إتخذها الرئيس الأمريكي ضد الشرعية والقانون الدولي بما فيها نقل السفارة الأمريكية للقدس ،وشرعية ضم إسرائيل لهضبة الجولان بضوء أخضر من الرئيس الأمريكي وسط ذهول الرأي العام الدولي .ثم كيف نفسر الموقف الروسي الذي صدر على لسان نائب وزير الخارجية الروسي ؟ والذي إعتبر فيه الموقف الأمريكي إنتهاك للقانون الدولي . وفي غياب قرارات أممية ذات صلة. يبقى الموقف الأمريكي فاقدا للمصداقية وبوجود بعثة أممية تسهر على إحترام وقف إطلاق النار . وإجراء مباحثات للوصول لحل سلمي وفق قرارات مجلس الأمن والتي صوت عليها الأمريكيون أنفسهم ، وكان آخرها القرار2545 الذي أكد أن أي تصور للحل يجب أن يكون عمليا ويتوافق مع مبادرة الحكم الذاتي .القرار الأمريكي يستبعد إستحالة تطبيق الإستفتاء .أما فيما يخص ربط إعتراف أمريكا مغربية الصحراء بعودة العلاقة المغربية مع إسرائيل .والذي يراه البعض ليس إلا إعادة تنشيط علاقات كانت من سنة 1994 إلى 2000 بعد إتفاق أوسلو المشؤوم والتزام الحكومة بفصول الدستور الذي جعل المكون العبري رافدا أساسي ، وأعطى الحق لحوالي مليون يهودي مغربي يعيشون في إسرائيل الحق في زيارة المغرب .مع العلم أن الحكومة الإسرائيلية الحالية يوجد فيها عشر وزراء من أصول مغربية.إذا تبقى الروابط التاريخية والإنسانية وإحترام فصول الدستور هي المبرر الذي دفع بإتخاذ قرار عودة العلاقات الدبلوماسية في الوقت الذي تغض النظر عن فصول أخرى ناضل من أجلها مغاربة العالم منذ سنة 2011 ، وعودة العلاقات مع إسرائيل لا يعني تغيير الموقف المغربي الرسمي من القضية الفلسطينية حسب البلاغ الصادر عن الديوان الملكي . وقد أكد ذلك جلالة الملك في إتصال هاتفي مع رئيس السلطة الفلسطينية .لكن هل ستبقى المملكة المغربية مكتوفة الأيدي إذا عادت إسرائيل لارتكاب حماقات ضد الفلسطينيين ؟ وإتخذت إجراءات عكسية تتعارض مع الشرعية الدولية ومع إلتزامات المغرب اتجاه السلطة الفلسطينية ، وفي حالة إستمرار إسرائيل في سياستها التوسعية والقمعية ..هل المغرب سيجمد علاقته وإتصالاته مع إسرائيل ؟ وفي حالة إتخاذه لهذه الخطوة كيف سيكون موقف الإدارة الأمريكية الجديدة ؟ هل ستكون مضطرة لسحب إعترافها بمغربية الصحراء ؟ .ويعتقد العديد من المحللين السياسيين أن فتح الولايات المتحدة لقنصلية لها في الداخلة سيكون تأثير هام على خيارات الإتحاد الأوروبي الذي ساند المغرب في فتح معبر الكركرات ..
لابد من الإشارة في الأخير لما ورد في جريدة هارتز الإسرائيلية بقلم أحد الصحفيين الإسرائيلين حول قرار أمريكا توسيع وتعزيز فرص السلام السري والعلني مع العالم العربي ، وإعتبروا الصفقة المبرمة بين المغرب وإسرائيل إحتلال مقابل إحتلال ! .إذا في إعتقادي أن تأخر صدور القرار الأمريكي وربطه بشرط عودة العلاقات مع إسرائيل لغم قد ينفجر في كل لحظة ، وقد يتم التراجع عنه مع موقف العداء لأمريكا وسط الشعب المغربي ،وأعتقد أن حزب العدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة له إلتزام أخلاقي برفض أي تطبيع مع الكيان المحتل .والغضب الشعبي سيزداد بسبب إستمرار إسرائيل في سياستها ورفضها لحل الدولتين. تبقى الإشارة أن القرار الذي أصدره الرئيس الأمريكي فيما يخص مغربية الصحراء لا يحمل أية قوة قانونية أوسياسية ملزمة وقد صرح ستيفان دوجاريك مساعد الأمين العام للأمم المتحدة بذلك والذي قال أن موقف الأمم المتحدة من قضية الصحراء لم يتغير.
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك في 12دجنبر2020…