تفاعل واسع مع ذكرى رحيل مرسي الثالثة.. “جريمة علنية”

Advertisement

تحل اليوم الجمعة، الذكرى الثالثة لوفاة الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، الذي توفي داخل قاعة محاكمته في 17 حزيران/ يونيو من العام 2019.

 

وأغلقت سلطات الانقلاب المصري ملف التحقيق في وفاة أول رئيس منتخب في مصر، وسط اتهامات لنظام عبد الفتاح السيسي بالتسبب في موته عبر “القتل البطيء”.

 

وفي المقابل، بدأ السيسي 9 يونيو/ حزيران الجاري، أولى أيام العامين اللذين منحته اياهما التعديلات الدستورية التي أقرها في نيسان/ أبريل 2019، والتي زادت فترة حكم الرئيس من 4 إلى 6 سنوات لتمنحه عامين إضافيين.

وكان من المفترض أن ينتهي حكم السيسي يوم 8 يونيو/ حزيران الجاري، ليكون بذلك أنهى فترتين رئاسيتين كل منها 4 سنوات الأولى من 2014 وحتى 2018، والثانية من 2018 وحتى 2022.

“جريمة علنية”

 

وفي 17 حزيران/ يونيو 2019، أعلنت سلطات الانقلاب في مصر وفاة الرئيس مرسي، إثر تعرضه لنوبة إغماء أثناء جلسة محاكمته في قضايا ملفقة وفقا لمنظمات حقوقية، فيما قامت السلطات الأمنية بدفنه بمقابر جماعة الإخوان المسلمين بالقاهرة ورفضت دفنه بمسقط رأسه بقرية العدوة بمحافظة الشرقية.

ولكن ظروف اختطاف مرسي، منذ انقلاب قائد الجيش عليه 3 تموز/ يوليو 2013، واعتقاله وحبسه في ظروف غير آدمية ومنع زيارة محاميه وأسرته عنه، وأيضا حديثه خلال إحدى المحاكمات عن تعرضه لمحاولة اغتيال؛ دفعت جميعها منظمات حقوقية دولية لاتهام السلطات المصرية بقتله عبر الإهمال الطبي.

وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، قالت المقررة الخاصة المعنية بحالات الإعدام التعسفي وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي آنييس كالامار؛ إن نظام السجون في مصر قد يكون أدى مباشرة إلى وفاة الرئيس مرسي.

وأضافت أن مرسي احتُجز في ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها وحشية، ووضع في الحبس الانفرادي لمدة 23 ساعة في اليوم، وأُجبر على النوم على أرضية خرسانية، وحُرم من العلاج المستمر لمرض السكري وارتفاع ضغط الدم.

وأكدت المسؤولة الأممية أن وفاة مرسي بعد تحمله كل هذه الظروف يمكن أن تصل إلى حد القتل التعسفي الذي تقره الدولة المصرية، مشيرة إلى أن هذه ممارسة متعمدة من قبل الحكومة الحالية لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي لإسكات المعارضين.

ومرسي، هو أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في تاريخ مصر الحديث، تولى السلطة 30 حزيران/ يونيو 2012، وحكم البلاد لمدة عام واحد، جرى خلالها التخطيط لازاحته عبر انقلاب عسكري قاده السيسي، الذي ارتكب مذابح بحق أنصار مرسي في ميادين رابعة العدوية والنهضة وغيرها.

“تؤرق السيسي”

 

وفي تعليقه على مرور 3 سنوات على مقتل مرسي، وتمكن السيسي من فترة جديدة، قال السياسي المصري والقيادي في جماعة الإخوان المسلمين، الدكتور جمال حشمت، لـ”عربي21″، إن “شرعية الدكتور مرسي، رغم وفاته قتلا داخل سجون العسكر وأثناء محاكمته؛ مازالت تؤرق السيسي ومن معه من الانقلابيين”.

وأضاف: “لذا فإن قضية الشرعية هي محسومة للرئيس الراحل، أما ما يحياه قائد الانقلاب إنما هي شرعية الجبر والغصب والاستيلاء، وهي شرعية الأمر الواقع وليس شرعية الحق الواجب”.

وعن قضية اغتيال الرئيس مرسي، أكد أنها “سوف تبدأ يوم انتهاء هذا الكابوس الجاثم على صدر مصر؛ وأدلتها واضحة والقضاء للأسف مشارك فيها عبر قضاة فسدة مرتشين”.

وبشأن ما يعتبره البعض أنه تقصير في ملف وفاة الرئيس مرسي وعدم ظهور أية نتائج للدعوات التي قيل إنه جرى رفعها دوليا، قال حشمت: “هناك مؤسسة باسم الرئيس أحد مهامها متابعة القضية، وأجد تقصيرا وخطوات بطيئة لعل عندهم ما يبرر ذلك لكن لا نعلم ماذا تم فيها؟”.

“مسؤولية للأمم المتحدة”

 

من جانبها قالت رئيس “المجلس الثوري المصري” المعارض الدكتورة مها عزام، إن “السيسي جاء للحكم عبر انقلاب عسكري أطاح بإرادة الشعب ووجوده في الحكم، و ليس له أية علاقة بأي دستور كان، أو انتخابات مزورة جرت في الماضي أو قد تجري في المستقبل”.

وفي حديثها لـ”عربي21″، أضافت: “كما وأن مصدر قوته الخنوع لتحالف إقليمي ترأسه الإمارات والكيان الصهيوني، وبشرائه دعم القوى الغربية بصفقات تجارية وعسكرية تُفقر شعب مصر، وشرائه دعم الضباط والنخب والقضاة عبر فساد اقتصادي يثريهم ويفقر الشعب”.

وترى السياسية المصرية المعارضة أن “مثل هذه المنظومة العسكرية الديكتاتورية ستحاول أن تُبيض وجهها بطرق عدة؛ ولكن في الواقع إذا أراد المصريون حقا نظاما شرعيا وممثلا لهم فعليهم أن يحاسبوا هذا النظام الانقلابي وينهوا الديكتاتورية العسكرية”.

وعما جرى في ملف وفاة الرئيس مرسي، وهل مازال مفتوحا أم أنه أغلق وبشكل نهائي، قالت عزام: “بعد قتل الرئيس تقدم محامي بريطاني بطلب رسمي للأمم المتحدة للتحقيق، وهذا الطلب مازال ساريا، والأمم المتحدة من دافع مصداقيتها عليها التزام بأن تحقق في مقتل رئيس دولة”.

وتابعت: “أما في مصر؛ فنظرا لأن القضاء ذراعا للنظام العسكري ومنعدم النزاهة كما يعلم الجميع، فلم يكن هناك أي ملف تحقيق حقيقي، وسيفتح هذا الملف حين يتملك الشعب عنان سلطته”.

وأكدت أنه سوف “نحاسب من ارتكب أكبر جريمة في حق الشعب المصري ألا وهي سلب سلطته بعد أول انتخابات حرة ونزيهة بتاريخ مصر منذ 1952، ومن ثم جرائم القتل والاغتصاب والتعذيب التي ارتكبها العسكر، بما فيها قتل الرئيس وهي جريمة في حق الشعب لأنه رئيس منتخب يمثل الشعب”.

وأضافت أن “شرعية الدكتور مرسي، شرعية الديمقراطية وإنهائها بانقلاب لا يلغيها مهما طال الزمن، ككل الشرعيات الديمقراطية”.

“شرعية باقية”

 

السياسي المصري والقيادي بـ”حزب الحرية والعدالة” محمد سودان، قال لـ”عربي21″، إن “ملف مقتل الرئيس الشهيد مازال مفتوحا رغم دعم دول الغرب للسيسي، وذلك لعدة أسباب”.

وأضاف: “ولكن الأمور تأخذ وقتا أطول تماما كما هو حادث بواقعة مقتل الإيطالي جوليو ريجيني بمصر عام 2016، و لكن سيأتي يوما وبلا شك وتظهر الحقائق ويعاقب الجاني الحقيقي وخاصة عند انتهاء المصالح الدولية أو عند اصطدام بعضها البعض”.

وتابع: “السيسي، أعلن فور استيلائه على السلطة بالانقلاب الدموي على شرعية الرئيس مرسي، أنه لا يطمع بالحكم ثم رشح نفسه، ثم وعد أنه لن يترشح لدورة ثانية، ومن علامات المنافق إذا تحدث كذب وإذا وعد أخلف وهذا هو الديكتاتور الحالي بسلسلة ديكتاتورية دولة العسكر التي قبعت على صدور المصريين بعد انقلاب 1952 حتي يومنا”.

 

سودان، أكد أن “كل ما يفعله السيسي، الآن وتدميره لثروات البلاد والتفريط في المياه والأرض، وتفشي القهر والظلم، وانتهاك أعراض النساء والرجال، وحكم البلاد بالحديد والنار، وإسكات الناس بالقوة؛ يجعل الشعب المصري يترحم علي أيام الرئيس مرسي”.

ولفت إلى أنه “وبالتالي؛ تبقي شرعية مرسي باقية بقلوب الناس حتى الذين خُدعوا بالإعلام الكاذب الذي شوه الرئيس مرسي وحكومته، وهنا أقول إن التاريخ يوما ما ولا أراه بعيدا حتما سوف يُنصف الرئيس مرسي، وحكومته “.

وختم بالقول: “لأن هذه الحقبة التي لم تزيد عن 12 شهرا رسخت في أذهان الناس الفارق بين الحاكم العادل المؤمن بحق والذي لم يُظلم عنده أحد، وبين الحاكم الديكتاتور القاتل والسارق لأصول وموارد بلاده وإدخالها في دوامة القروض التي ربما تفلس البلاد”.

“لا ضغوط على السيسي”

 

من جانبه أعرب السياسي والحقوقي المصري عمرو عبدالهادي، عن أسفه، من أن “ملف الرئيس لم يُفتح من الأساس حتى يغلق”، مضيفا في حديثه لـ”عربي21″، أنه “لم يستشعر السيسي من الأساس بأي ضغوط تجبره على الدفاع عن نفسه”.

ويرى أنه “لو شعر السيسي بضغوط بنسبة 1 بالمئة، لكان أخرج آخر فيديوهات للرئيس قبل مقتله، أو آخر فيديوهات له في المحكمة؛ ولكن السيسي يعيش في رفاهية بعد انقسام جماعة الإخوان المسلمين”.

وتابع: “وانشغال عائلة الرئيس بتدشين جمعية بإسمه أراها غير ذات جدوى، وانشغال المعارضة والإعلام المعارض في البحث عن استمرارهم”.

وأكد في ختام حديثه أن “ملف الشرعية لم يُغلق ولن يغلق بوفاة مرسي، لأن الشرعية شرعية إجراءات نتج عنها رئيس ودستور؛ فإذا قُتل الرئيس وأصبح مجلس الشورى في النسيان، يبقى دستور 2012، صاحب الشرعية التي لا تنتهي لأن تعديله تم بإنقلاب عسكري”.

“تجارب التاريخ”

 

وقال المحامي والباحث في السياسات التشريعية عباس قباري، إن “الحديث عن وفاة الدكتور مرسي حديث ذو شجون؛ فقد تعرض الرجل لظلم يفوق الوصف سجنا وعنتا وتنكيلا به وبأهله”.

وتساءل في حديثه لـ”عربي21″: “هل كانت وفاته قتلا بطيئا أم قتلا مباشرا عن طريق عقاقير أو أدوية أو ربما حقنة موت تمتلكها أجهزة المخابرات القذرة في العالم؟”.

ويعتقد أن “كل ذلك متوقف على إجراء تحقيق عادل ونزيه وهو ما لم يتحقق حتى اللحظة، لكنه لم يغلق بالتأكيد؛ فالتاريخ يحمل تجارب حوكم فيها من ظن أنه في مأمن بعد عقود من جريمته”.

وأكد قباري، أن “قضية قتل الرئيس مرسي لم تكن الجريمة الوحيدة فحجب صوته بقفص زجاجي يحجب الصوت والصورة جريمة، وحرمان الرجل من زيارة أهله ومحاميه جريمة، والتضييق عليه في سجنه ومنع الدواء والغذاء عنه جريمة”.

وختم حديثه بالقول إن “العسكر قدموا مستوى عالى من الخسة والدناءة والفجر في الخصومة”.

 

 

 

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.