الرباط – نبيل بكاني:
أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي لعام 2022 حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب أن الولوج إلى التعليم يعاني من ازدواجية النظام التربوي واختلال التوازن بين القطاعين العمومي والخصوصي.
وأشار المجلس إلى أن هذه الثنائية تشكل السمة الغالبة في العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتطرح تحديات حقيقية فيما يتعلق بالمساواة والجودة والعدالة وتكافؤ الفرص بين جميع
ويعني هذا أن هناك تفاوتًا في فرص الولوج إلى التعليم بين القطاع الحكومي والقطاع الخصوصي، وهذا يمكن أن يؤثر على المساواة والجودة والعدالة في التعليم.
وبالتالي، فإن توفير فرص متساوية للجميع وضمان جودة التعليم يعد تحديًا هامًا يجب التصدي له من أجل تحقيق المساواة وتوفير فرص تعليمية عادلة لجميع الطلاب.
وسجل التقرير أن سنة 2022 شهدت إطلاق مشروع جديد لإصلاح التعليم وفق خارطة طريق تمتد من 2022 إلى 2026، « في وقت لايزال النظام التربوي المغربي يعاني من مشاكل بنيوية »، سبق تشخيصها في عدة وثائق مرجعية، مشيرا إلى أنه سبق للرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 – 2030 أن أكدت أن المنظومة التعليمية المغربية تعاني من ظواهر الاكتظاظ والهدر المدرسي والعنف المستشري في المدارس وحولها، وضعف التأطير التربوي إضافة إلى ضعف الإنتاج العلمي وهزالته في الجامعات المغربية لأسباب عديدة، منها ما هو مالي وما هو مرتبط بالموارد البشرية وجودة تكوينها.
و إذا كانت المدرسة المغربية سجلت ارتفاعا في نسبة التمدرس بـ99,7 بالمائة خلال الموسم الدراسي 2018- 2019 للأطفال ما بين 6 و11 سنة، فإن هذا الرقم « يحجب واقعا مؤلما يتجلى في الهدر المدرسي، الذي سجل نزيفا وصل إلى 331.558 خلال الموسم الدراسي 2021-2022، أي بزيادة تفوق 27 بالمائة مقارنة مع الموسم الدراسي 2019-2020 ».
وفيما يتعلق بالتعليم الأولي، تشير الاحصائيات الى تفاوت كبير في الولوج إليه حسب الجنس ووسط الإقامة، مشيرا إلى أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان كان قد أكد في تقريره السنوي لسنة 2020 أهمية نجاح استراتيجية تعميم التعليم الأولي في تجويد منظومة التربية والتكوين ككل والحد من الهدر والانقطاع المدرسيين.
ولم تتمكن هه الاستراتيجية لحد الآن من رفع تحديات التعميم (إشكالية البنيات التحتية) والجودة (إشكالية المناهج) وتجاوز التفاوتات بجميع مستوياتها.
حسب التقرير فان المدرسة الحكومية تواجه تحديات كبيرة على مستوى تأهيل الرأسمال البشري للمساهمة في التنمية، كما تؤشر على ذلك الأرقام المتعلقة بالبطالة وضعف نسبة الاندماج في سوق الشغل، مسجلا أن ضعف الرأسمال البشري الوطني يظهر بشكل مبكر « في ضعف المستوى التعليمي لدى التلاميذ في أسلاك التعليم الأولى.
وتعاني البنية التحتية المدرسية، حسب المصدر، من نواقص كثيرة، خاصة على مستوى التجهيزات الأساسية كالكهرباء والماء الصالح للشرب والمرافق الصحية، بنسب تصل إلى 4,5 بالمائة، و15,8 بالمائة و56,1 بالمائة على التوالي، معتبرا أن هذه العوامل وغيرها تساهم بشكل كبير في تدني جودة التعليم إضافة إلى ارتباطها الوثيق بظاهرة الهدر المدرسي، خاصة بالنسبة للفتيات في العالم القروي.
ويرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن نجاح جهود تنفيذ الرؤية الاستراتيجية (2022 – 2026) لضمان الحق في تعليم ذي جودة للجميع، يتوقف بشكل كبير على التغلب على هذه العوائق، مقترحا الانطلاق من خمس أفكار تأسيسية، تتجلى في استحضار مشاريع الإصلاح السابقة، ومسؤولية الدولة في ضمان الحق في التعليم للجميع، والطابع النسقي لمعوقات الحق في التعليم بحيث لا ينبغي أن تقتصر مداخل الإصلاح على مكونات المنظومة التربوية، بل يتوجب استحضار الإشكاليات المرتبطة بالعلاقات بين هذه المكونات، إلى جانب علاقاتها مع المحيط المجتمعي للمدرسة.