الرباط : وصف «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» (مؤسسة رسمية) برامج الحكومة الموجهة للشباب بـ «المتجاورة وغير الملائمة بشكل كاف»، موضحاً أنها لم تستجب «لمختلف حاجيات وتطلعات هذه الفئة، في غياب رؤية سياسية شاملة تستهدف الشباب»، مؤكدًا أن تلك البرامج «ذات الصبغة العرضانية لا تتضمن مؤشرات تتيح قياس تأثيرها على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشباب».
وجاء تقرير المجلس المذكور على إثر توصله بإحالة من مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان المغربي)، من أجل إعداد دراسة حول «نجاعة البرامج الموجهة للشباب ما بين 2016-2021″.
وتأتي الدراسة «لاستكمال العمل الذي شَرع فيه المجلس سنة 2018 في إطار الإحالة الواردة من الغرفة الثانية للبرلمان المغربي تحت عنوان «مبادرة وطنية جديدة مندمجة لفائدة الشباب المغربي».
وبعد أن أوضح أن الشباب في المغرب يشكّل رافعة حقيقية لخلق الثروة، وضع المجلس شرط «أن يتم التعامل مع تحدي المكاسب الديمغرافية بشكل صحيح لجعل الشباب فاعلاً أساسياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولقد مكنت مختلف البرامج والتدابير والمبادرات التي حاولت استهداف هذه الفئة من تحسين وضعية العديد من الشباب المغاربة من خلال فتح آفاق جديدة أمامهم، غير أنها تظل غير ذات أثر يُذكر على أرض الواقع». وتطرق المجلس في مستهل تقريره الذي اطلعت «الشروق نيوز 24» عليه لمستنداته في إعداد هذه الدراسة والمتمثلة في خمسة محاور «متكاملة بعضها مع بعض، تؤطرها مرجعية الميثاق الاجتماعي الجديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والقائمة على الحقوق الأساسية التي يُقِرُّها الدستور وتَنُصُّ عليها الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والتي صادق عليها المغرب». واستعرض المجلس تلك المحاور على النحو الآتي: التربية والتكوين والتنمية الثقافية والاستفادة من الأنشطة الرياضية والترفيهية، والولوج إلى الخدمات الصحية وإدماج الشباب اقتصادياً وتمكينهم من الحصول على فرص الشغل والمشاركة المواطنة.
وشرع التقرير في الكشف عن أهم ما خرجت به الدراسة من خلاصات، بداية ببرامج التربية والتكوين التي «يبدو أنها على الرغم من الجهود المبذولة في مجال تعميم التعليم، فإن المنظومة التربوية والتكوين يعوقها الهدر المدرسي وتهميش الشباب».
أما بخصوص الدراسة، فإن «التنمية الثقافية والرياضة والترفيه المفترض أن تساهم في تعزيز الإبداع والابتكار وتحقيق ازدهار الشباب ورفاههم، لا تحظى بالتقدير الكافي ولا تمتلك الموارد المالية والبشرية اللازمة، التي من شأنها توفير فضاءات وتجهيزات وتأطير ملائم».
أما البرامج العمومية الموجهة للنهوض بتشغيل الشباب خلال الفترة الممتدة من 2016 إلى 2021، فقال عنها المجلس في دراسته، إنها «مكنت لا محالة من إدماج أعداد مهمة من الشباب في سوق الشغل»، لكنه يستطرد مؤكداً «أن الحصيلة تظل دون مستوى التحديات وتثير التساؤل حول أساليب صياغة هذه البرامج، والموارد البشرية والمالية المرصودة، وآليات تتبع هذه البرامج وتقييمها. كما يُسَجَّل أيضاً وجود إغفال شبه كلي لفئة واسعة من الشباب غير الحاملين لشهادات، الشباب من الطبقات الفقيرة أو الهشة، شباب العالم القروي (الأرياف)».
انتقاد آخر وجهه المجلس في دراسته، يتعلق بالبرامج العمومية المخصصة للشباب في مجال الصحة، مبرزاً أنها على الرغم من الإنجازات التي تحققت فإنها «لا تغطي مجموع الشباب وتتوزع بشكل غير متكافئ بين فئات الشباب، ومكان الإقامة والمجال الترابي».
وعلى مستوى المشاركة المواطنة، يرى المجلس في دراسته أن التأخر في تنفيذ عدد من الآليات والمؤسسات المنصوص عليها في دستور 2011 مثل (المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي) والإطار التشريعي الجاري به العمل (القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية) لا يساعد على مواجهة ضعف انخراط الشباب المغربي في الشأن العام.
وكخلاصة، شدد «المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي» على أنه انطلاقاً من هذا التشخيص، فإن «المغرب لا يستطيع بلوغ عتبة جديدة من التنمية ما لم يسعَ إلى تأهيل وتثمين وإشراك الشباب. في هذا الإطار، يوصي المجلس باعتماد وتنزيل سياسة وطنية عمومية موجهة للشباب، تكون مندمجة ومُعزَّزة بأرقام وتخضع لتتبع وتقييم منتظمين».
Advertisement
Advertisement