جبهة البوليساريو 44 سنة من الصراع مع المملكة المغربية ، كيف دخلت دولة إلى الإتحاد الإفريقي دون أرض ولا سيادة ولا شعب كامل ولاحدود ؟؟ وكيف أن سفرائها يجوبون شمالا وجنوبا وشرقا وغربا دول الإتحاد الأوروبي ؟؟
فرحان إدريس…
مر لحد الآن أربعة وأربعين سنة ، عن الصراع التاريخي بين جبهة البوليساريو الإنفصالية المدعومة سياسيا وإقتصاديا من طرف الجارة الشقيقة الجزائر ودولة جنوب إفريقيا والنظام الملكي بالمغرب ، ولا حل يلوح في الأفق ،كل طرف متمسك بموقفه ، إنفصاليي البوليساريو متمسكون بفكرة تقرير المصير وتنظيم إستفتاء بين الصحراويين ، والمملكة المغربية طرحت مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية ومتشبتة به في إطار السيادة المغربية الكاملة ، لكن تحت ما بات يعرف حاليا نظام الجهوية الموسعة واللامركزية ..
لكن هناك أسئلة عديدة تطرح في هذه القضية ؟؟ لأن مسألة الوحدة الترابية ظلت ولازالت بيد المؤسسة الملكية والمؤسسات السيادية المرتبطة بها ، وبالتالي لم تتجرأ أي حكومة من الحكومات المتعاقبة منذ سنة 1975 لحد كتابة هذه السطور التدخل في هذه القضية المصيرية للنظام الملكي أو طرح مجموعة أفكار لحلحلة القضية ..
الأحزاب الوطنية نفسها ، لم يترك لها المجال لفتح قنوات الحوار مع ممثلي الجبهة بالداخل أو بالخارج ، ولم تكن لها الجرأة السياسية الكافية للذهاب إلى الجارة الشقيقة الجزائر لعقد طاولة نقاش مع الأحزاب السياسية الجزائرية الحاكمة ..
نهج سياسية المقعد الفارغ في منظمة الإتحاد الإفريقي ، بعد إنسحاب المغرب سنة 1986 كانت نتائجه كارثية بكل المقاييس ، بحيث أصبحت جبهة البوليساريو الإنفصالية عضو بالإتحاد رغم أنها ليست دولة وبدون أرض ولا سيادة ولا شعب كامل ولا حدود ؟؟
وإستطاعت طوال العقود الأخيرة من توسيع علاقاتها الدولية بدول أمريكا اللاتينية في غياب تام للدبلوماسية المغربية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ..
بدول المهجر والإقامة ، كان ممثلي المملكة المغربية بالسفارات والقنصليات المغربية بالخارج من دبلوماسيين ومستشارين ، عاجزين عن ترويج أطروحة مقترح الحكم الذاتي للمملكة بالأقاليم الجنوبية سواء بدول الإتحاد الإفريقي أو الإتحاد الأوروبي أو في باقي دول العالم سواء على المستوى الرسمي أو بين فعاليات المجتمع المدني لهذه الدول ,,
بل الطامة الكبرى ،أنه حين تدخل للمحرك الإجتماعي غوغل أو اليوتوب أو ياهو أو لباقي المحركات الإجتماعية الدولية المختلفة لتبحث عن معلومات كافية عن تاريخ النزاع الجزائري المغربي حول قضية الصحراء المغربية ، أو تقرير كامل عن تطورات النزاع العسكري بين جبهة البوليساريو والمغرب ، تجد الرؤية الغالبة في المحركات الإجتماعية الدولية هي الرؤية السياسية لجبهة البوليساريو وبالعديد من اللغات الأجنبية ..
على عكس الرؤية المغربية ومقترح الحكم الذاتي تجدها فقط منحصرة أكثر باللغة الفرنسية والعربية ومقتطفات تاريخية باللغة الإسبانية والأنجليزية ، لأن مع الأسف الإدارة المغربية الرسمية بالداخل والخارج تعتمد النظام الفراكفوني على جميع المستويات ,,
المغرب كان له دور كبير في دعم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا أيام حكم النظام العنصري الأبيض المعروف ، * APARTAID * لكن لماذا خسرتأييد هذا النظام بعد صعود حزب المؤتمر الوطني الإفريقي للحكم لصالح جبهة البوليساريو والجزائر ؟؟
الجواب بكل بساطة ، الأطراف الماسكة بالقضية الوطنية المرتبطة بالمؤسسة الملكية من وزارات ومؤسسات سيادية لا تسمع ولا ترى إلا ما ترى هي مناسبا !! وتشهر في وجه أي طرف مغربي آخر سواء كان سياسي أو حقوقي أو من فعاليات المجتمع المدني المغربي داخل أرض الوطن أو خارجه ما يشبه “علامة قف !! ” كأننا على وشك الدخول لحقل ألغام !!
وغالبا ، ما تتحرك هذه الجهات طبقا لسياسة ردة فعل لاسيما بدول الإتحاد الأوروبي ، وتعتمد على نفس الوجوه من مغاربة العالم ، الذين لازالوا ينظرون للسفير وللقنصل وللمستشار كأنه الراهب الأعظم الذي يمنح صكوك الغفران ، وأنهم منزهين عن الخطأ ، ولا يجوز بحال من الأحوال التصادم معهم ، وأنهم هم وحدهم يمثلون الدولة بنفسها ، وأنهم دائما على الحق ، ويعرفون ما هو الأصلح للوطن ، وإذاعارضت توجهاتهم وتحركاتهم بدول المهجر والإقامة تصبح من المعارضين والخونة للوطن والملك ، لأنه أنذاك سيرفع عنك تقارير سوداء للمؤسسات السيادية ، فتصبح في اللائحة السوداء للمملكة ، ويمنع عنك الماء والسكر..
النتيجة ، أن إنفصاليي البوليساريوكانوا وما زالوا يجوبون دول الإتحاد الأوروبي شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، إلا بعض الأنظمة الرسمية الأوروبية المعروفة بدعمها التاريخي للنظام الملكي كفرنسا ومؤخرا إسبانيا ، لكن في دول شمال أوروبا الرؤية المغربية غائبة سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي ، وهناك تغلغل لأطروحة الجبهة على جميع المستويات ، والدليل الأزمة الدبلوماسية الأخيرة التي وقعت مع دول السويد ..
في كل سفارة وقنصلية ، هناك ميزانية ضخمة لا أحد يعرفها حجمها موجهة لتريوج أطروحة الحكم الذاتي ، والتضييق على تحركات إنفصاليي البوليساريو ، لكن لاتفعل بالشكل المطلوب والصحيح ولا تعتمد على الكفاءات المغربية بالخارج الذين يتمتعون بإستقلالية القرار الذاتي ولا يقبلون أن يتحركوا بالرومول كونتورول ..
ففي إيطاليا مثلا ،طوال حقيبة السفير السابق بروما حسن أبو أيوب كان ممنوع كليا على فعاليات المجتمع المدني المغربي الجمعوي منه والحقوقي أو السياسي أوالإعلامي تنظيم ندوات حول القضية الوطنية مع الفعاليات السياسية الإيطالية المحلية منها أو الجهوية أو الوطنية ، وعقد طاولة حوار ونقاش مع المجتمع المدني الإيطالي الجمعوي منه أو الحقوقي ..
النتيجة ، أن ممثلي البوليساريو تمكنوا من التغلغل في المؤسسات التشريعية المحلية منها والجهوية والوطنية ، ولاسيما على المستوى السياسي وتمكنوا من توقيع إتفاقيات توأمة مع العديد من البلديات والجهات الإيطالية ، أما على مستوى المجتمع المدني الإيطالي الجمعوي منه والحقوقي فهناك دعم كامل لأطروحة تقرير المصير لإنفصاليي البوليساريو ,,,
هناك وزارات ومؤسسات عمومية مهتمة بقضايا الجالية المغربية بالخارج كوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والوزارة المكلفة بالمغاربة النقيمين بالخارج ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج ومجلس الجالية ومؤسسة سيادية مكلفة بالقضية الوطنية والأمن الروحي لمغاربة العالم لا يوجد لديها مخطط سنوي أو على المدى البعيد أو القصير لإختراق حكومات الدول الأوروبية المعروفة بمواقفها المتبذبة وإقناعها بصواب الحكم الذاتي المغربي المطروح بالأقاليم الجنوبية للمملكة ..
ملاحظة أخيرة ، في السياسية المتبعة من طرف الوزارات والمؤسسات العمومية المكلفة بالقضية الوطنية طوال أربعة عقود من الزمن ، كان هناك غياب تام في الإستثمار في وسائل الإعلام الأوروبية المختلفة ولازال لحد الآن ، سواء المرئية منها أو المكتوبة أو المسموعة أو الإلكترونية ، من أجل شرح الأبعاد الإقليمية والدولية لقضية وحدتنا الترابية ، والترويج بقوة لأطروحة الحكم الذاتي المغربية ..
وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة نفسها تعاني من إنعدام تفاصيل ومعلومات عن الرؤية المغربية من النزاع التاريخي بين المملكة من جهة والجزائر وجبهة البوليساريو من جهة ثانية حول السيادة على الأقاليم الجنوبية الصحراوية ..
وفي الختام ، إيطاليا مثلا تطرح أسئلة عديدة ؟؟ ، هل سيغير السفير الجديد بروما السيد يوسف بلا من تعامل السفارة مع الفعاليات الجمعوية والحقوقية والسياسية التي كانت وضعت على رأس اللائحة السوداء من طرف السفير السابق حسن أبو أيوب ؟؟ وسيسمح لها بالتالي أن تلعب الدور المنوط بها ألا وهو المكمل والموازي للدبلوماسية الرسمية ؟؟ أو أنه سيستمع ويخضع لأصوات اللوبي الفاسد الموجود بالسفارة المغربية بروما ؟؟
وبالتالي سيستمر في عملية إقصاء وتهميش الكفاءات المغربية الموجودة بالديار الإيطالية لحرمانها من الترافع عن قضية وحدتنا الترابية ، عكس ما طالب به ويطالب به في كل خطاب سامي ملك البلاد محمد السادس رئيس الدولة المغربية ؟؟
أصداء الزيارة التي قام بها معالي السفير لمعرض العقار بميلانو وقيامه بجولة رسمية على جميع رواقات الجمعيات المتواجدة هناك ، ومطالبته لمسؤوليها بالعمل على تأطير شباب الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا ، تؤكد بشكل واضح أن الدبلوماسي المخضرم لديه أجندة كاملة لإصلاح ما أفسده السفير السابق سواء على المستوى الدبلوماسي أو الجمعوي أو الديني ..
والدليل القوي ، النجاح الدبلوماسي الكبير الذي حققه حين كان سفيرا للمملكة بالعاصمة ليما ، بعدما سحبت دولة بيرو إعترافها الرسمي بالجمهورية الصحراوية الوهمية ، لدرجة أنه حاز على أعلى وسام وطني من رئيس البلاد لدوره الكبير في تطوير العلاقات بين المغرب والدولة الأمريكية اللاتينية,,
ويبدو أن أولى الخطوات للإصلاح هو عزمه القيام بجولات ميدانية مفاجئة للقنصليات العامة المغربية المتواجدة فوق الترات الإيطالي ، والبداية كانت البارحة بالقنصلية العامة بتورينو إجتمع خلالها بشكل مطول مع القنصل العام الجديد السيد عبد المالك الشرقي الذي شغل لسنوات منصب النائب الأول للسفير السابق بروما ..
يتبع…
للذكر المقال أرسلناه إلى : الديوان الملكي
………………………المديرية العامة للدراسات والمستندات (لادجيد )
……………………..المديرية العامة لحماية التراب الوطني ( الديستي )
…………………….رئاسة الحكومة
…………………….الأمانة العامة للحكومة
……………………رئاسة البرلمان المغربي
……………………رئاسة مجلس المستشارين
……………………رؤساء الفرق البرلمانية
……………………..الأمانة العامة للأحزاب السياسية المغربية
…………………….وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي
……………………..وزارة الجالية وشؤون الهجرة
…………………….وزارة العدل والحريات العامة ..
……………………المجلس الوطني لحقوق الإنسان
…………………..مجلس الجالية المغربية بالخارج
……………………مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة الخارج