جمال بنعمر، التاريخ الذي يعيد نفسه اليوم بالمغرب !

Advertisement

عزيز القاسمي / روما …

صدمنا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة السابق باليمن السيد جمال بنعمر بشهادته التي تحدث فيها عن تعرضه لأبشع طرق التعذيب من طرف بعض الأجهزة الأمنية المخزنية التي شوهت صورة النظام و أساءت للملكية في مثل هذا اليوم منذ 45 سنة مضت.
الغريب في شهادة الدبلوماسي الأممي المحنك أنها تأتي متطابقة لما صرح به بعض المعتقلين في حراك الريف رغم مرور 45 سنة بين الحدثين ! و هو ما يفسر أن بعض المسؤولين القمعيين لا زالو يديرون الدولة المغربية بعقلية سنوات الرصاص مورطين النظام المخزني بأكمله في جراءم ترقى لتصنيفها ضد الإنسانية !
فمتى تتيقن الملكية على أن الفكر الأفقيري لا زال قائما في عقول بعض المسؤولين النافذين بالدولة ؟؟

إليكم النص الكاملا لشهادة بنعمر :

“التاسع من يناير، يوم يحمل ذكرى خاصة جدا لايمكن أن أنساها أبدًا. قبل 45 سنة بالضبط، تم إختطافي من قبل الأمن السياسي المغربي وإقتيادي إلى مقر شرطة الرباط حيث قضيت ليلة طويلة تحت تعذيب بلا هوادة. ما زالت صورة وجه الجلاد عالقة بذاكرتي. لم يكن سوى سيئ الذكر ” محمد الخلطي” الذي علمت فيما بعد أنه عذب وأشرف على تعذيب عشرات النشطاء في السبعينيات.
تم نقلي فيما بعد إلى مركز الإعتقال السري في الدار البيضاء، درب مولاي الشريف، حيث أحتُجزت لعدة أشهر مكبل اليدين معصوب العينين طوال الوقت. هناك، كان الجلاد الرئيسي هو سيئ السمعة “اليوسفي قدور” الذي فضحت أمره للصحفيين في منتصف التسعينيات عندما شاهدته -غير مصدق- في مقر الأمم المتحدة في جنيف ضمن وفد حكومي رسمي جاء لتقديم تقرير إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتعذيب يسوق زورا وبهتانا لإلتزام المغرب بالمعايير الدولية.
لقد سُجنت لمدة 8 سنوات بسبب معارضتي السلمية لنظام مستبد، ولأنني كنت أتطلع مثل كثيرين من شباب جيلي إلى العدالة والحرية. توفي والدي عندما كنت في السجن ولم تسمح لي السلطات برؤيته للمرة الأخيرة وحضور مراسم دفنه.
بعد الإفراج عني، لم تتوقف المضايقات بحقي، بل وتعرضت للإعتقال مرة أخرى في أعقاب المذابح التي إرتكبها الجيش في بعض مدن شمال المغرب في يناير 1984 عندما نزل الناس إلى الشوارع للإحتجاج. ثم إضطررت بعدها إلى الفرار من البلاد سرًا في قارب صيد، لتبدأ رحلتي الطويلة في المنفى والتي إستمرت لأكثر من 20 عامًا. ماتت والدتي وأنا في المنفى ولم أرها في السنوات الخمس الأخيرة من حياتها لأن صحتها كانت معتلة ولم تسمح لها بتحمل عناء السفر لزيارتي في نيويورك.
على الرغم من أن ثمن نشاطي كان باهظًا جدًا، إلا أنني لست نادماً على الإطلاق. أنا فخور بأنني وقفت مع رفاقي النشطاء الملتزمين ضد الإستبداد وساهمت بطريقة متواضعة للغاية في نضالنا من أجل التغيير الديمقراطي.
مات العديد من رفاقي سجناء الرأي دون أن يروا التغيير السياسي الحقيقي الذي كنا نطمح إليه. لكن العديد من جلادينا ما زالوا على قيد الحياة ويتمتعون بتقاعدهم ويستفيدون من حماية الدولة والإفلات المخزي من العقاب. على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، إلا أنني أشعر بمزيج من الأسى والغضب لأنه بعد 45 عامًا من الليلة الرهيبة التي تم فيها إعتقالي لأول مرة، لا يزال هناك سجناء رأي في المغرب.لقد حُكم على بعض الذين إحتجوا سلمياً في منطقة الريف من أجل تحسين الخدمات الحكومية في الصحة والتعليم بالسجن لمدة 20 عاماً. إنه لأمر مخز أن يتم سجن المتظاهرين الشباب المسالمين بينما يظل جلادونا طلقاء. هذا أمر لا يمكن تبريره ويجب أن يوضع له حد وبشكل فوري.
لأن إستمراره إهانة لنا ولكل أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل الحرية والكرامة”.

جمال بنعمر.

Advertisement
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.