الشروق نيوز 24 / متابعة.
لم تخل جريدة أو موقع إخباري مغربي طيلة الفترة السابقة من عناوين تحمل في ثنايا المقالات المكتوبة تفاصيل الزيادات المتتالية في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية.
لكن أعداد أمس الثلاثاء، كان قاسمها المشترك مسألة ارتفاع الأسعار طبعاً، إضافة إلى هبوب نسائم شهر رمضان المبارك في خضم عواصف هذه الزيادات التي أرهقت جيوب المغاربة في الفترة الأخيرة ما زالت الحكومة تبحث لها عن حل.
وكان عزيز أخنوش، المسؤول الحكومي الأول، قال في كلمة له أمام مؤتمر حزبه “التجمع الوطني للأحرار”، إن الحكومة ستعمل على اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات للحد من تفاقم ارتفاع الأسعار ووقف هذه الزيادات التي أصبحت نقاشاً عاماً لدى الرأي العام بل مبعث احتجاج.
لم تمر سوى أيام قليلة جداً على هذه الكلمة/ الوعد، حتى فوجئ المغاربة في أسواقهم اليومية، بأثمان غير متوقعة للطماطم مثلاً، التي بدأ ارتفاعها بـ 10 دراهم للكيلو الواحد، ووصلت إلى حدود أول أمس الإثنين في بعض المدن إلى 12 درهماً (1,22 دولار أمريكي).
الحديث عن الطماطم ليس من قبيل الترف، وليس من قبيل المثال على الزيادات، بل للتركيز على مادة حيوية تعتبر العمود الفقري للمائدة المغربية في الشهر الكريم، بدونها لا وجود لـ”الحريرة” وهي الشربة المغربية الأصيلة التي لا يحلو رمضان بدونها ولا تخلو أي مائدة مغربية منها أيضاً.
إلى جانب الطماطم، عرفت الأسواق أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً للدجاج، حينما حلق في العلياء ليبلغ سعره 18 درهماً (1,93 دولار) للكيلو الواحد، وكان قبل أيام قليلة فقط لا يتجاوز 16 درهماً، وهي مرتفعة بالنظر إلى شريحة واسعة تستهلكه ودخلها محدود لا يمكنه التكيف مع تقلبات السوق مطلقاً.
وأوردت صحيفة “المساء” رأي عدد من المهنيين الذين أكدوا أنه في كل سنة وعند اقتراب شهر رمضان ترتفع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية. لكنهم استطردوا قائلين إن ارتفاعات هذه السنة بلغت مستويات قياسية نظراً لأزمة كوفيد 19 وارتفاع أسعار المحروقات.
الربط بين ارتفاع أسعار المحروقات وبين الخضر والفواكه، يجد تفسيره في نقل البضائع الذي تضاعف سعره من طرف مهنيي النقل الذين اكتووا بنار البنزين فأصابوا التجار باللهيب، وهو ما انعكس مباشرة على المواطن.
لكن التجار، حسب ما أفادت به الصحيفة المذكورة، يبررون هذه الزيادات في أسعار الخضر والفواكه، ليس فقط بسبب المحروقات، بل حتى التزامن مع هذه الفترة من السنة التي قالوا إنها تشهد دائماً زيادات ملموسة، وأضافوا إلى ذلك ضعف التساقطات المطرية.
وبالعودة إلى الطماطم سيدة المائدة الرمضانية، عزت صحيفة مغربية أخرى، هي “بيان اليوم”، ارتفاع أسعارها إلى قلة المنتج الذي سببته بعض الأمراض التي اجتاحت العديد من الضيعات في بداية الموسم، وهو ما دفع المزارعين إلى إزالتها وتعويضها بمواد أخرى.
وتظل الأسعار أم الأسباب، حيث أكد المصدر المذكور أن غلاء الأدوية المعالجة لمرض الطماطم، إضافة إلى ارتفاع ثمن البلاستيك الزراعي، كانا من بين الدوافع التي جعلت المزارع يتخلى عنها، وبالتالي تعويضها بمنتج آخر، مما أدى إلى نقصها، والنتيجة الحتمية هي ارتفاع السعر.
منبر آخر خاض في موضوع الأسعار، لكنه تطرق إلى المحروقات وارتفاع أسعارها ومطالب المهنيين بالحوار من أجل إيجاد حل لهذه الوضعية التي تسببت في شكايات واحتجاجات مهنيي النقل. موقع “أخبارنا”، أشار إلى رفض وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، اللقاء بمهنيي القطاع ممثلين في “مجموعة النفطيين المغاربة” و”الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود بالمغرب”.
ووفق يومية “الأخبار”، فقد طالب هؤلاء مند شهور لقاء الوزيرة ليلى بنعلي، لكنها رفضت كما رفضت المسؤولة الحكومية لقاء حتى البرلمانيين المنتمين لحزبها، وفسرت الصحيفة ذلك بانشغال الوزيرة في سفريات خارج المغرب.
وأوردت الصحيفة تصريحات لجمال زريكم، رئيس نقابة “الجامعة الوطنية لأرباب وتجار ومسيري محطات الوقود في المغرب”، كشف فيه عن أن الوزيرة وجهت مراسلة لعقد اجتماع من أجل تدارس عدد من الملفات العديدة العالقة، ومن ضمنها النصوص التنظيمية المتعلقة بتطبيق قانون “الهيدروكاربورات”.
وأشار إلى أنه تشكلت لجنة مشتركة بين الوزارة والجامعة في الولاية الحكومية السابقة، لدراسة المقترحات والتعديلات المقدمة من طرف المهنيين، مضيفاً أن الجامعة نشرت كذلك ملاحظاتها على المشروع في الموقع الرسمي للأمانة العامة للحكومة، وطالب بالتعجيل بعقد لقاء مع الوزيرة من أجل إعادة تفعيل اللجنة المشتركة لمناقشة النصوص التنظيمية قبل إخراجها.
وفي تصريح مماثل للمتحدث أدلى به لموقع “أخبارنا”، اعتبر أن مواكبة الوزارة وعملها على إخراج قوانين تنظيمية مناسبة وتراعي خصوصيات القطاع إلى جانب ملفات أخرى تهم الفاعلين الطاقيين، تبقى مطالب أساسية لحل العديد من الإشكالات العالقة منذ سنوات وتجاوز حالة الاحتقان السائدة.
وأكد ازريكم أن النقابة راسلت الوزيرة مراراً دون أن تتلقى جواباً، علماً أن الوضع الحالي يستدعي من كل الفاعلين بقطاع المحروقات (جهات حكومية، مجموعة النفطيين المغاربة والجامعة) فتح قنوات للتواصل والحوار لإيجاد حلول تشاركية للعديد من الملفات العالقة، التي تضر بسوق المحروقات بشكل عام وبالمستهلك المغربي بشكل خاص.
على العموم، تبقى انشغالات الرأي العام في المغرب تنصب بشكل أساس هذه الأيام على الأسعار وتوفر المواد خاصة على مشارف شهر رمضان الذي يشكل مرحلة استثنائية، روحياً بالصيام والصلاة وخلافها من العبادات، لكن أيضاً بالنظر إلى حجم المصاريف التي ترتفع بشكل كبير جداً.
وفي موضوع التموين، طمأنت وزارة الداخلية المغاربة بتوفره خلال الشهر الكريم، وأكدت أن حجم المخزونات والكميات المرتقب توفيرها وتوزيعها من المواد الغذائية وباقي المواد الأساسية كافية لتلبية الطلب خلال رمضان المبارك والأشهر القادمة، لافتة الانتباه إلى ما تقوم به لجان مراقبة الأسعار والجودة في هذا المجال عبر أقاليم البلاد.